رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة والنعمة المسداة التي تفضل بها الله
سبحانه وتعالى على العالمين ، قال تعالى " وما ارسلناك الا رحمة للعالمين"
فهو صاحب القلب الذي يفيض رحمة وحنانا ومحبة على الصغير والكبير
أولت الشريعه الاسلامية اهتماما بالغا بالطفل اذ حرصت على توفير سبل التربية النفسيه القويمة
والتنشئه الاخلاقيه السليمة وجعلت ذلك شرعا مؤهلا له للاستقلال بنفسه فكرا وعملا بعد البلوغ ،
في هذاالاطار كان المصطفى صلى الله عليه وسلم هو المربي الاول والقدوة العظيمة رفقا وتوجيها
لقلوب الاطفال الغضة وتأديبا لنفوسهم الندية
منذ اللحظة الأولى
كان الصحابة رضوان الله عليهم اذ ولد لأحدهم مولودا اتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم
التماسا للخير والبركة والتزكيه لما عرفوه عنه صلوات الله وسلامه عليه من رحمة بالصغار
روى الشيخان عن ابي موسى قال : ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه
ابراهيم وحنكه بتمرة ودعا له بالبركة ودفعه اليّ "
كان للأطفال في قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مكانة عاليه وقد كان من هداه صلى الله
عليه وسلم ان يؤذن في أذن المولود ، وذلك في حديث حسن عن ابي داود وغيره ،وقد أذن صلى
الله عليه وسلم في أذن الحسن ابن ابنته ، قال اهل العلم انما اذن صلى الله عليه وسلم في أذنه
لمقاصد منها ان يلهمه الله التوحيد وان يكون على الفطرة ومنها ان الأذان اعلان للإسلام
كان يسميهم
وجه الرسول (صلى الله عليه وسلم) نحو اختيار أسماء اسماء محببة ذات معان راقيه ، قال
صلى الله عليه وسلم "أصدق الاسماء همام وحارث " ، قال ابن تيميه انما قال همام لأن الانسان
يهم بقلبه وهو حارث بحركته دائما فجع بين الاثنين، والعرب كانت تحب الأسماء القوية اللامعه
لذلك كانوا يسمون بأسماء الأسود مثل حمزة وأسامه وحيدرة
وقد سمى صلى الله عليه وسلم بأسماءالأنبياء ، فلما ولد له ولد سماه ابراهيم على اسم ابراهيم
الخليل عليه السلام وسمى ابن ابي موسى الأشعري إبراهيم ، وكان صلى الله عليه وسلم يغير
الأسماء المنكرة ،فقد غير اسم "غاوي" الى راشد وغير "ظالم" الى "مقسط" وغير "عاصيه"
الى "جميله" وغير اسم بره الى زينب، كما نهى عن التسمية بيسار ونجاح ورباح لكيلا يقال
أرباح في البيت ؟ فيقال لا فيذهب البال الى التشاؤم
.. ويقبلهم
كان الغلمان اكثر شيء تعلقا برسول الله صلى الله عليه وسلم لما يجدونه عنده من بر واسع ورحمة
شامله فكان يقبلهم ويضمهم وقد أنكر عليه بعض الأعراب ذلك ،قال احدهم : أتقبلون صبيانكم ؟ فما
نقبلهم ،فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أو أملك لك إن نزع الله الرحمة من قلبك " وروى
البخاري عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال "قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن
علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد فما قبلت منهم أحدا
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من لا يرحم لا يُرحم"
وكان صلى الله عليه وسلم يداعب الأطفال عندما يكونوا في سن المداعبة ويفهموا الكلام
ويفهموا البسمة الحانية والفكاهة ، ورد عن انسبن مالك رضي الله عنه وارضاه انه قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم احسن الناس خلقا ، كان لي أخ صغيريلعب بنغير له فإذا
جاء قال له : يا أبا عمير ما فعل النغير "النغير الطائر الصغير"
وعند احمد والنسائي عن شداد بن الهاد رضي الله عنه قال : خرج علينا الرسول صلى الله عليه
وسلم في احدى صلاتي العشى فتأخر صلى الله عليه وسلم في السجود ، لقد اتى الحسن بن علي
ابن ابنته فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم ساجدا فارتحله وصعد على ظهره،فمكث صلى الله
عليه وسلم لا يقوم من السجود ، وبعد ان نزل الحسن قام صلى الله عليه وسلم واعتذر للناس
وقال : " يا أيها الناس لعلي تأخرت عليكم في السجود ، ان ابني هذا ارتحلني وأنا في الصلاة
فخشيت ان ارفع من السجود فأؤذيه
كان صلى الله عليه وسلم قدوة في ذلك فقد صح عن البخاري ومسلم عن انس رضي الله عنه
انه مر على صبيان وسلم عليهم وقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ، وبلغ ذلك
انه كان يستأذنهم اذكان في المجلس من هو أسن منهم ،فإن أبوا لم يحملهم على شيء يكرهونه
روى الشيخان عن سهل بن سعد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بشراب فشرب منه
وعن يساره أشياخ ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للغلام " أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟"
فقال الغلام " لا والله لا أؤثر بنصيبي منك أحدا ، فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده"
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي الآباء بتعليم وتهذيب أطفالهم وتوجيههم نحو مافيه
الخير والبركة والنجاح والفلاح في الدنيا والآخرة ، ومن ذلك الأمر بتعليمهم الصلاة في سن
السابعه والتفريق بينهم في المضاجع وغير ذلك من آداب ساميه وخصال رفيعه يجدر ان يتعلمها
الطفل في صغره ليشب عليها فإذاهي اصيلة في تكوينه
ومن ذلك ايضا ما رواه الشيخان عن عمر بن ابي سلمة قال : كنت غلاما في حجر النبي صلى
الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة ،فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم "ياغلام
سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك"
وكان له صلى الله عليه وسلم في جانب العقيدة مع الأطفال مواقف ، يقول ابن عباس والحديث
عن احمد والترمذي ،كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال : ( ياغلام ،قلت "لبيك
وسعديك يارسول الله"
قال : " اني اعلمك كلمات ،احفظ الله يحفظك ،احفظ الله تجده تجاهك ، تعرف الى الله في الرخاء
يعرفك في الشدة وإذاسألت فاسأل الله ،وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم ان الأمة لو اجتمعوا
على ان ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك وإن اجتمعوا على ان يضروك بشيء
لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)
_ منقول