أصحاب رسولنا صلى الله عليه وسلم مصطفون لصحبته كاصطفائه للرسالة ، رضي الله عنهم ، وزكاهم ، وأشاد بذكرهم .
من أحبهم ، فما أحب إلا الخير ، وما نفع إلا نفسه ، ومن ذمهم فقد وصم نفسه ، وبخس حظه ، وأضاع نصيبه .
قوم شهدوا التنزيل ، وعرفوا التأويل ، وأقبلوا وقت الإدبار ، وعرفوا وقت الإنكار.
قوم خلصت منهم النيات ، وصلحت منهم الأعمال ، ومات فيهم الهوى ، وصار مراد الله عندهم هو الشغل الشاغل ، ومتابعة المعصوم هو الشأن الأهم .
فروا من القيل والقال لأن لديهم مهمة إصلاح العالم ، وهربوا من اللهو لأنهم حملوا أمانة إنقاذ الإنسان .
قدموا رؤوسهم للسيوف يوم قدم الأدعياء أكف الإستجداء عند تساقط الدراهم ،، وسفحوا دموع الخشية يوم أسال غيرهم خمور الليالي الحمراء على شفتيه.
لا يفتح أحدهم جفنه في الثلث الأخير من الليل إلا وابتهالة الإستغفار ملء حنجرته، ولا يرفع جبهته من السجود لربه إلا وتاج العزة على هامته .
عبدوا الله فذلت لهم جبابرة العالم ، وسعوا للآخرة فهرولت الدنيا خلفهم لا هثة تريدهم .
اتصلوا بالسماء فاشرأبت الأرض احتفاءاً بهم ، قصصهم أحسن القصص ، لأنهم نجوم في ليل الدنيا الداجي الدامس ،فهل أحد يكره النجوم ؟!
قطفت لكم هذه الوردة من كتاب حدائق ذات بهجة للشيخ عائض القرني