أولاً : متى يبدأ تكبير الأضحى وينتهي ؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال مشهورة :
أولها : أنه يكبر من صبح يوم عرفة إلى العصر من أخر أيام التشريق ، وهذا قول عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود وجابر وعمار والزهري وكحول وسفيان وأحمد وأبو ثور ،وحكى ابن قدامة إجماع الصحابة على ذلك ، وذهب أبوحنيفة إلى أهن يبدأ بعد صلاة الصبح إلى العصر من يوم النحر ،وذهب صاحباه إلى ما ذهب إليه الصحابة والجمهور وعليه الفتوى في المذهب . المغني ( 2/246 ) والإنصاف ( 2/410 )و حاشية ابن عابدين ( 3/64 ) وفتح القدير 2/79 ) واللباب ( 1/118 ) والدر المحتار ( 2/180 )
ثانيها : أنه يكبر من ظهر يوم النحر إلى صبح آخر أيام التشريق ، وهذا القول هو القول المشهور عند الشافعية ،وهو قول المالكية ،ومذهب عطاء . المجموع ( 5/39 ) وروضة الطالبين ( 2/80 ) والمدونة ( 1/249 ) ،والفقه المالكي في ثوبه الجديد ( 1/259 )
ثالثها : أنه يبدأ بصلاة الظهر من يوم عرفة وينتهي عند عصر يوم النحر ، وهذا قول عند الأحناف . البدائع ( 1/195 )
الترجيح :
قال الحافظ : ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه و سلم حديث وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول على وبن مسعود إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى أخرجه بن المنذر وغيره والله أعلم . فتح الباري - ابن حجر(2 /462)
وقال النووي : واختارت طائفة محققي الأصحاب المتقدمين والمتأخرين أنه يبدأ من صبح يوم عرفة ويختم بعصر آخر التشريق .. واختاره ابن المنذر والبيهقي وغيرهما من أئمة أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث وهو الذي اختاره . المجموع (5 /34و35) ، وقال : وقول أنه من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الراجح عند جماعة من أصحابنا وعليه العمل ..شرح النووي على مسلم (6 / 180)، الأوسط لابن المنذر ( 4/303 9،و سنن البيهقي ( 5/101 )
وقال شيخ الإسلام : أصح الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة أن يكبر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد وهذا باتفاق الأئمة الأربعة . مجموع الفتاوى(24 /220)
وقال ابن حزم :مسألة - والتكبير اثر كل صلاة، وفى الأضحى، وفى أيام التشريق ويوم عرفة -: حسن كله، لان التكبير فعل خير، وليس هاهنا اثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخصيص الأيام المذكورة دون غيرها . المحلى(5 / 91)551
وقال الحافظ :وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول على وبن مسعود إنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى أخرجه بن المنذر وغيره والله أعلم . فتح الباري-ابن حجر(2 /462)
وقال العثيمين :والصحيح في هذه المسألة: أن التكبير المطلق في عيد الأضحى ينتهي بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق، وعلى هذا فيكون فيه مطلق ومقيد من فجر يوم عرفة إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق . الشرح الممتع(5 / 221)
ثانياً : حكم تكبير الأضحى .
القول الأول : أنه مستحب ،وهذا مذهب الجمهور من الفقهاء على أنه سنة مؤكدة على الرجال والنساء .المجموع (5 /30)،المغني(2 /245)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني(3 /234)،سبل السلام ( 2/80 )، الموسوعة الفقهية الكويتية (28 /254)
القول الثاني : أنه واجب لمطلق الأمر به في آية البقرة 203 ،حاشية ابن عابدين ( 3/61 ) و البدائع ( 1/195 )و اللباب ( 1/119 )
قال الكمال بن الهمام الحنفي : وَاخْتُلِفَ فِي أَنَّ تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ وَاجِبَةٌ فِي الْمَذَاهِبِ أَوْ سُنَّةٌ ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ .وَدَلِيلُ السُّنَّةِ أَنْهَضُ وَهُوَ مُوَاظَبَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .فتح القدير (3 /274)
أقسام التكبير في عيد الأضحى وأيام التشريق .
ينقسم التكبير في هذه الأيام إلى قسمين : مطلق ومقيد .
القسم الأول : التكبير المطلق : وهو الذي لا يتقيد بوقت أو مكان بل يؤتى به في المنازل ،والمساجد ،والطرقات ليلاً أو نهاراً ،وفي غير ذلك ، ويقال له : التكبير المرسل .
القسم الثاني : التكبير المقيد : وهو الذي يقيد بأدبار الصلوات ، والصحيح أنه يؤتى به بعد الاستغفار ودعاء اللهم أنت السلام ..وهذا اختيار الشيخ العثيمين كما في الشرح الممتع ( 5/216 )
وقد دل على مشروعية التكبير المطلق والمقيد الإجماع وفعل الصحابة . فتوى اللجنة الدائمة رقم الفتوى 10777 ( 8/312 )
قلت : التكبير المطلق مشروع في العيدين ، والمقيد فيشرع في عيد الأضحى بلا خلاف لاتفاق الأمة على ذلك ، وهل يشرع التكبير المقيد في الفطر ؟ فيه وجهان أصحهما عند الجمهور أنه لا يشرع .
راجع : المجموع ( 5/ 37-38و42 )،والمغني ( 2/227 ) ،ومجموع الفتاوى ( 24/220 ) ، والجامع لأحكام القرآن ( 2/3 )
ولم يرتضي الشوكاني هذا التقسيم بل رده فقال :والحاصل أن المشروع في ايام التشريق الاستكثار من ذكر الله عز و جل خصوصا التكبير والمراد مطلق التكبير وهو أن يقول الله أكبر ويكرر ذلك في الأوقات ومن جملتها عقب الصلاة ولا وجه لتخصيصه بعقب الصلاة ولا لجعل يوم عرفة من جملة الأيام التي يستحب فيها تكبير..السيل الجرار(1 /321)
وقال أيضاً :والظاهر أن تكبير التشريق لا يختص استحبابه بعقب الصلوات بل هو مستحب في كل وقت من تلك الأيام كما يدل على ذلك الآثار المذكورة. نيل الأوطار(3 /384)
وقال الحافظ :وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع والآثار التي ذكرها تساعده ... فتح الباري- ابن حجر(2 /462)
مسائل تتعلق بتكبير أيام التشريق .
1- إذا صلى وحده في أيام التشريق هل يكبر وحده أم لا ؟ فيه خلاف
فمذهب عمر عدم التكبير وكذلك ابن مسعود وكان يقول :" إنما التكبيير على من صلى في جماعة ."رواه ابن المنذر في الأوسط (2213 )،وقال الزركشي في شرحه على مختصر الخرقي : رواه حرب وغيره . قال الشيخ الجبرين معلقاً : ذكره في المغني 2/396 ولم أجده مسنداً ، وروى ابن أبي شيبة 2/86 عن إبراهيم النخعي قال ك لا يكبر إلا أن يصلي في جماعة ، ولعله أخذه من شيخه عبدالله ، ولم أقف على مؤلف حرب وهو الكرماني . شرح الزركشي ( 2/238 ).وهذا قول أبو حنيفة وأحمد في المشهور . المبسوط ( 2/44 ) المغني ( 2/247 ) الإنصاف (2/410 )
وذهب مالك والشافعية في رواية والأوزاعي وهو قول صاحبا أبوحنيفة ورواية عند الحنابلة إلى أنه يكبر وإن صلى وحده . المجموع ( 5/24-45 ) والمبسوط ( 2/44 ) الإنصاف ( 2/410 ) التاج الإكليل ( 4/582 أسفل مواهب الجليل )
2- لو نسي التكبير خلف الصلاة فتذكر ،فيستحب تدارك التكبير وإن طال الفصل هذا هو الصحيح من مذهب الشافعية . المجموع ( 5/43) ومغني المحتاج ( 1/469 ) وحاشية الجمل ( 3/66 )
وقالت الحنفية والمالكية :إن كان قريباً رجع فكبر ،وإن كان قد ذهب وتباعد فلا شيء عليه .المبسوط ( 2/45 ) والمدونة ( 1/248 ) ومواهب الجليل ( 2/582 )
قال العثيمين :فالقول الراجح أن هذا التكبير المقيد يسقط بطول الفصل لا بخروجه من المسجد، ولا بحدثه؛ لأنها سنّة مشروعة عقب الصلاة، وقد فاتت بفوات وقتها، ولأنه إذا طال الفصل لم يكن مقيداً بالصلاة. الشرح الممتع(5 /224)والإنصاف ( 2/412 )
3- المسبوق ببعض الصلاة لا يكبر إلا بعد الفراغ من صلاة نفيه ، وهذا مذهب مالك والشافعية والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة ، وقال الحسن : يكبر ويقضي ، قال ابن المنذر : القول الأول أحسنها . حاشية ابن عابدين ( 3/64 ) والمدونة ( 1/248) والمجموع ( 5/43 ) والمغني ( 2/248 ) والأوسط لابن المنذر(7 /34)
4- التكبير خلف النوافل مستحب عند الشافعية والشعبي ومجاهد .المجموع ( 5/42 ) ومغني المحتاج ( 1/469 ) وحاشية الجمل ( 3/66 )،وقال أبو حنيفة ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وداود : لا يكبر . شرح صحيح مسلم ( 5/45 ) ومواهب الجليل ( 2/582 ) والمبسوط ( 2/44 ) وغاية المرام ( 7/382 ) والإنصاف ( 2/410 ) وشرح الزركشي ( 2/238 )
5- ويكبر المسافر عند مالك والشافعية وأحمد . التاج والإكليل ( 2/582 أسفل مواهب الجليل )و المجموع ( 5/44 )ومغني المحتاج ( 1/469 ) والمغني (2/248 )والإنصاف ( 2/412 ).
وقال أبو حنيفة : لا يكبر .فتح القدير ( 2/81 ) و المبسوط ( 2/44 ) .
6- وتكبر المرأة خلف الصلوات عند الشافعية وهو قول مالك والحنابلة وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور . المبسوط ( 2/44 ) و المجموع ( 5/44 ) والمدونة ( 1/248) والإنصاف ( 2/412 ).
وقال أبو حنيفة : لا تكبر .فتح القدير ( 2/81 )، واستحسن أحمد في رواية قول الثوري : أن ليس على النساء تكبير أيام التشريق إلا في جماعة . المغني (2/248 )
7- إذا نسي الإمام التكبير كبر المأموم .فتح القدير ( 2/82 ) والمبسوط ( 2/49) و المغني (2/249 ) والإنصاف ( 2/413 )و الخلاصة الفقهية على مذهب مالك ( 139 )ومواهب الجليل 2/583 ).
وأخيـــــــــراً
+ قال العثيمين : والمسألة إذا رأيت اختلاف العلماء رحمهم الله فيها بدون أن يذكروا نصاً فاصلاً فإننا نقول: الأمر في هذا واسع.فإن كبّر بعد صلاته منفرداً فلا حرج عليه، وإن ترك التكبير ولو في الجماعة فلا حرج عليه؛ لأن الأمر في هذا واسع والحمد لله. الشرح الممتع(5 /218)
صفة التكبير
1- عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : يُكَبِّرُ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ النَّفْرِ لاَ يُكَبِّرُ فِى الْمَغْرِبِ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا. السنن الكبرى للبيهقي (3 /315)6504
وعن عكرمة عن بن عباس أنه كان يقول الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا الله أكبر وأجل الله أكبر ولله الحمد . مصنف ابن أبي شيبة(1 /490) 5655
2- عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ قَالَ : كَانَ سَلْمَانُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ يُعَلِّمُنَا التَّكْبِيرَ يَقُولُ : كَبِّرُوا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا أَوْ قَالَ تَكْبِيرًا اللَّهُمَّ أَنْتَ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ صَاحِبَةٌ أَوْ يَكُونَ لَكَ وَلَدٌ أَوْ يَكُونَ لَكَ شَرِيكٌ فِى الْمُلْكِ أَوْ يَكُونَ لَكَ وَلِىٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنَا ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَتَكْتُبُنَّ هَذِهِ لاَ تُتْرَكُ هَاتَانِ وَلَتَكُونَنَّ شَفْعًا لِهَاتَيْنِ. السنن الكبرى للبيهقي (3 / 316)6506
3- عن أبي الأحوص عن عبد الله أنه كان يكبر أيام التشريق الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. مصنف ابن أبي شيبة(1 /490) 5651
وعن شريك قال : قلت لأبى إسحاق كيف كان يكبر على وعبد الله فقال كانا يقولان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد . أخرجه ابن أبى شيبة (1/490 ، رقم 5653) [كنز العمال 12758]
واعلم أن التشفيع في التكبير هو قول أبو حنيفة وأحمد . فتح القدير ( 2/80 )و حاشية ابن عابدين (3/62 ) والمغني ( 2/247 ) والإنصاف ( 2/414 ).
وقال مالك والشافعي يكبر وتراً ثلاث مرات . المدونة ( 1/248 ) والخلاصة الفقهية ( 139 ) والمجموع ( 5/44 ) ومغني المحتاج ( 1/469 ) ومجموع الفتاوى ( 24/241-242 )
قال العثيمين : وعلى كلّ الأمر فيه واسع لعدم النص . الشرح الممتع ( 5/226 )
وقال البيقهي :فَالاِبْتِدَاءُ بِثَلاَثِ تَكْبِيرَاتٍ نَسَقًا أَشْبَهُ بِسَائِرِ سُنَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ الاِبْتِدَاءِ بِهَا مَرَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ وَاسِعًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. السنن الكبرى (3 /315)
مسألة : هل التكبير بصيغه الواردة عن السلف توقيفي ؟
ردّ ابن قدامة على من قال هذا القول ، فقال : وقولهم إن جابراً لا يفعله إلا توقيفاً فاسد لوجوه أحدها أنه قد روى خلاف قوله فكيف يترك ما صرح به لاحتمال وجود ضده الثاني أنه إن كان قوله توقيفاً كان قول من خالفه توقيفاً فكيف قدموا الضعيف على ما هو أقوى منه مع إمامة من خالفه وفضلهم في العلم عليه وكثرتهم الثالث أن هذا ليس بمذهب لهم فإن قول الصحابي لا يحمل على التوقيف عندهم الرابع أنه إنما يحمل على التوقيف ما خالف الأصول وذكر الله تعالى لا يخالف الأصل ولا سيما إذا كان وترا .المغني(2 /245)
وقال سحنون :قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ : فَهَلْ ذَكَرَ لَكُمْ مَالِكٌ التَّكْبِيرَ كَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : وَمَا كَانَ مَالِكٌ يَحِدُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَدًّا وَالتَّكْبِيرُ فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا سَوَاءٌ . المدونة (1 /422)
وقال ابن المنذر: وذكر لأحمد قول ابن المبارك ، فقال : « هذا واسع » ، وكان مالك لا يحد فيه حدا . الأوسط (6 /392)
وقال القرطبي:قال ابن العربي:"واختار علماؤنا التكبير المطلق، وهو ظاهر القرآن وإليه أميل".الجامع لأحكام القرآن- تفسير القرطبي (2 /307)
وقال الصنعاني : وَفِي الشَّرْحِ صِفَاتٌ كَثِيرَةٌ وَاسْتِحْسَانَاتٌ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى التَّوْسِعَةِ فِي الْأَمْرِ ، وَإِطْلَاقُ الْآيَةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ .سبل السلام (2 /494)
وقال الحافظ :وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها . فتح الباري- ابن حجر(2 /462)
الجهر بالتكبير
القول الأول :
قال ابن قدامة : فصل : ويستحب أن يكبر في طريق العيد ويجهر بالتكبير..المغني - (ج 2 / ص 225)وقال: ولنا أنه فعل من ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم . المغني - (ج 2 / ص 230)و الإنصاف ( 2/409 )
وذكر النووي أنه لا خلاف في القول باستحباب الجهر بالتكبير . المجموع ( 5/38و44 ) ومغني المحتاج ( 1/469 )، وهذا قول شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 24/ 220و235 ) وبه قال العثيمين في الشرح الممتع ( 5/211 )
قال ابن حبيب من المالكية : من السنة أن يجهر في طريقه بالتكبير والتهليل والتحميد جهراً يسمع نفسه ومن يليه ،وفوق ذلك – قال في المخل (قليلاً)- حتى يأتي الإمام ...مواهب الجليل ( 2/577 ) وقال في المدونة ( 1/245 ) : يسمع نفسه ومن يليه .
القول الثاني :
ذكر الكمال ابن الهمام في فتح القدير ( 2/69 ) أن أبا حنيفة يقول : رفع الصوت بالذكر بدعة يخالف الأمر في قوله تعالى : {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ }الأعراف205 ،فيقتصر فيه على مورد الشرع وقد ورد به في الأضحى وهو قوله تعالى : {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ .... }البقرة ،203 ،والخلاصة أن أباحنيفة لا يرى الجهر بالتكبير في الفطر فقط . البدائع ( 1/280 )
وأخيراً يقول شامة الشام ومحدث الجزيرة : و في الحديث دليل على مشروعية ما جرى عليه عمل المسلمين من التكبير جهرا في الطريق إلى المصلى ، و إن كان كثير منهم بدأوا يتساهلون بهذه السنة حتى كادت أن تصبح في خبر كان ، و ذلك لضعف الوازع الديني منهم ، و خجلهم من الصدع بالسنة و الجهر بها ، و من المؤسف أن فيهم من يتولى إرشاد الناس و تعليمهم ، فكأن الإرشاد عندهم محصور بتعليم الناس ما يعلمون ! ، و أما ما هم بأمس الحاجة إلى معرفته ، فذلك مما لا يلتفتون إليه ، بل يعتبرون البحث فيه و التذكير به قولا و عملا من الأمور التافهة التي لا يحسن العناية بها عملا و تعليما ، فإنا لله و إنا إليه راجعون .
و مما يحسن التذكير به بهذه المناسبة ، أن الجهر بالتكبير هنا لا يشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض و كذلك كل ذكر يشرع فيه رفع الصوت أو لا يشرع ، فلا يشرع فيه الاجتماع المذكور ، و مثله الأذان من الجماعة المعروف في دمشق بـ " أذان الجوق " ، و كثيرا ما يكون هذا الاجتماع سببا لقطع الكلمة أو الجملة في مكان لا يجوز الوقف عنده ، مثل " لا إله " في تهليل فرض الصبح و المغرب ، كما سمعنا ذلك مرارا .
فنكن في حذر من ذلك و لنذكر دائما قوله صلى الله عليه وسلم : " و خير الهدي هدي محمد " .السلسلة الصحيحة - (ج 1 / ص 170)
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
فإن كان صواباً فمن الله ، وإن كان غير ذلك فمني ومن الشيطان
فاللهم اغفر وارحم ، واجعله لوجهك خالصاً ليس فيه لأحد حظ ولا نصيب
م0ن