°๏ لوحة جداريّة ๏°
كانت لدي ّ لوحة جدارية أعلقهـا في صدر غرفتي , لا أذكر من أين حصلت عليها , ربما ورثتها .. لا ادري .. لكنني أذكر اهتمامي بها , حتى انني لم اسمح للنسمات ِ الغبار ِ ان تمر ّ من فوقها , فقد عكفت ليلَ نهارٍ على تلميعها وتحسين مظهرها .
لم أكن وحدي مهتمة ً بها بل الطبيعة ُ ايضا .. كانت تمر الشمس صباحا فترسل بعضا من جدائلها الشقراء لتحيي لوحتي , واذا جن الليل مد ّ القمر بعضا من سناه ُ اللجي ليختلس النظرات الى لوحتي . حتى ان الازاهير صباحا كانت تفوح ُ بشذاها لتعطر لي لوحتي ..
طالما حدقت في اللوحة , لساعات طوال , بالرغم من اني لست صاحبة الصورة , لكنني كنت ارى نفسي بها , اجدها بقايا خير ونقاء من هذا العالم , زهرة متفتحة , في رونق جمالها .. هذه كانت لوحتي , يعبق في سماءها اطلالات ُ حنان ٍ وأمان .
وذات صباح استيقظت وركضت الى لوحتي الجميلة , اردت ان اذهب لاحدق بها كعادتي .. لكنني وجدت شباكا عنكبوتية قد احاطت بها , عدا عن الغبار القاتم الذي تربع على اطارها الفضي حتى استحال رمادا ودكنة .. وبينما كنت مشدوهة انظر الى لوحتي وما اعتراها من هوان , اذ بكومة ِ قش ٍ قد حملتها اذرع الرياح قد دخلت وتربعت فوق صدر ِ لوحتي ..
آه ٍ يا لوحتي الصغيرة , كنت ِ جميلة ً نقية ً وطاهرة .. كان َ هذا في الماضي , الا أنك ِ الآن مجرد ُ لوحة ٍ قد تملكها الخراب وعشش العفن داخلها . .
دون َ تفكير ٍ أمسكت ُ بلوحتي , القيتها ارضا , نظرت اليها .. تهوي وتقع .. ثم تتحطم , سمعت صوت الزجاج المتكسر , لم يعطف قلبي , ولم الق بالا , بل دست الحطام ومضيت ..
حين َ تتلوث ُ الأشياء , لا داعي لوجودها