حزنك ِ .. يؤذي هذا العالم
سيدتي .. ( وكم سأبدو نبيلاً .. لو كان عندي قبعة ) ..
فضلاً .. بادري أنتِ ..
اسقطي أحمر الشفاه .. مثلاً ..
أو اطلبي كوب قهوةٍ كالمعتاد .. ارتشفيه على مهل
( من المهم أن ترتشفيه على مهل ) ..
واكتشفي بعد ذلك .. أنك نسيتِ المحفظة ..
أو ..
أو تمرأي لي .. على رصيف غربة .. وحيدةً مع المطر .. وحقيبةٍ ثقيلة ..
لأكون وحدي مع السهر .. بمظلةٍ .. وذراعٍ قوية ..
افتعلي أي شيء ..
زاحميني على مدخلٍ ما ..
لأنسحب بخفةٍ .. وأمد لك كفي بساط عشبٍ .. وأهمس :
" السيدات أولاً "
ليس مهماً أن تعلمي بعدها .. أن المدخل يفضي إلى قلبي ..
أو أني سأتصرف بتهذيبٍ في كل ماسبق .. وأشكر المصادفة
الأهم .. وفقط ..
أن تمنحيني فرصة ابتدائك من جديدٍ .. لأعرّفكِ بنفسي ..
لأخبرَك أنني من أسماك _ لفرط الحضن _ " أنا " ..
أنني من انتقى أصغر حروف اسمك .. ليكون وطني ..
وأنني كلما سألوني عني .. افتقدك ..
أنا .. أنتِ ياسيدتي .. ولي سمعة طيبة ..
فلأجل أن غيابك .. رصاصةٌ في العتمة ..
لاتسمحي لموتي .. أن يسجّل انتحاراً ..
سيكون أنيقاً .. سؤالك بعدها عن حالي ..
وسأطمئنك .. بأني لازلتُ حياً .. أعشق
( سأحدّق في البعيد البعيد .. وستتأبطين ذراعي ..
لنعود من حيثُ بكيت .. )
سيدتي .. ( ومن سواكِ تجرؤ ) ..
بلغني أنك حزينة .. كقبلة انصرافٍ .. فهل حقاً ؟
إذن لابد أن تدركي ..
لحزنك .. تضيع مفاتيح السجون .. مدى القضبان ..
تنكسر عصى الأعمى الطيّب .. قبل الهاوية .. بجرف ..
وفي أيّ وقتٍ من اليوم ..
كلما همّ الأطفال باللعب .. حلّت ظهيرة ..
لحزنك .. يشيع العداء ..
" مرحباً " .. بين الأصدقاء _ أو من كانوا _ تكفي
لنشوب حرب .. ( تصوري ) ..
لاتشعري بالحزن .. يا أغنيتي .. فحزنك يؤذيني ..
قبّلي جبين الحزن " وداعاً " ..
ألقي القادم من دموعكِ .. لنهرٍ مذنب ..
فحزني لحزنك .. يؤذي هذا العالم ..
تحتاجين حزنك ذا الحلّة الكاملة .. ليومٍ أسبقكِ فيه إلى الله ..
( إذ لطالما كنتُ سريعاً ) ..
ليومٍ .. درّبت له روحي .. لتكون لكِ فيه .. غفوة مابعد
الحزن الشديد .. من أجل أن تنسي ..
تذكري ذلك .. ولاتنسي .. وإن فعلتِ .. فتعالي معي ..
لأريَك ماغاب عنكِ ..
انظري .. هنا .. وانظري هناك .. ثم انظري لي .. لألومك ِ:
لازالت شفاه الأيتام .. أهدأ من الراعد .. في أذن الأصم ..
جيوب ثياب الموتى .. كما هي .. أوسع من القصر على وحيد ..
واستمر اصطدام العذراء بالوسيم .. أكثر ارتباكاً .. من جواب الآباء للصغار " كيف أتينا ؟ " ..
هل لاحظتِ التفاوت في شكل الأشياء ؟
اشعري بالذنب إذن .. فما يحصل بسببك ..
( لا تقاطعيني بسؤال مدعوكِ بالدهشة : " أنا ؟ " .. )
نعم أنتِ ..
انشغلتِ بما هو للسحاب .. رخُّ المطر ..
وأهملتِ مايحلّ المشكلة :
أن تنظري للأشياء بالتساوي ..
قومي بواجبكِ .. أيتها السيدة .. لهذا .. خُلقت عيناكِ ..
يا امرأةً من قبيل النعناع .. والظلّ ..
أحتاج أن أصرّح لك بشيء .. أمام حشد ..
( لابديل لي .. لا بدّ أن يكون أمام حشد ) ..
وفي حفلةٍ .. ليست من أجلنا .. سيكون ذلك أجمل ..
ثقي ..
ستكونين أمامي .. ليس سوى أمامي ..
فالخلف سيزدحم بكل شيءٍ مذهلٍ .. خضناه معاًً .. ليدفعني
نحو قلبك .. وسأبدأ هكذا :
شكراً على كل شيء ..
أو .. شكراً عليكِ .. فأنتِ كل شيء ..
شكراً .. فقد بات لديّ أخيراً .. ما أخبر عنه ..
عن كفّك .. الذي يشبه خطّ الصغار .. يدغدغ أبوتي المؤجلة ..
عن جبينك الذي كما الصلاة .. لايحتاج ساقين ليقوم ..
ليركض نحوي كلما دعته شفتيّ .. دون أن يطلب سبباً ..
لأنه كما الحب .. لا يسأل لماذا ..
عن حضنك الذي أعود بعده .. في شكل جفنات عنبٍ
وغصنٍ لم يتعلم كيف يقبض كفه ليمنع ثماره عن السقوط .. لأطفال الفقراء ..
أعود بعده .. مدعوكاً بالرغبة في البذل .. وذكر الله ..
تماماً .. كمن قضى وقتاً مع الجدات ..
عن خصلة شعرك .. مصيدة الريح ..
تلك التي هزمتُ بها الشتاء والمؤتفكاتِ .. مؤخراً ..
أتذكرين ؟
يوم عقدتيها حول سبابتي .. ثم همستِ :
" الآن .. حيث تؤشّر .. يكون ليل " ..
عن حاجبك المحفوف .. بهمهمات المصلين بعد السلام .. كيف يقول الأشياء الأهم .. دون أن يقول شيئاً بالتحديد ..
كيف يتحدث لي .. بلغةٍ لاتكون فيها المفردات هي القضية .. وأفهم ..
أستطيع أن أخبر الآن واثقاً ..
أنّ الصخور .. رجالٌ قلت لهم .. لا .. ما أقساكِ
وأن الفراشات والحقل .. أفكاركِ حول الغد والملائكة ..
ما أجملكِ ..
سيّدكِ ياسيدتي .. يستطيع أن يعترف لكِ الآن :
ما أجمل وما أقسى أن تكوني حبيبتي ..
تقتلني الغيرة عليكِ .. ياكلّ النساء .. في واحدة ..
قامتك .. همسة الأرض في أذن السماء .. فابقي سراً ..
قبل أن نرقص خدّاً ..لخدّ ..
ثمة طلبٌ أخير :
بحق المشيب .. يا أميرتي .. أريد أن أشيخ معكِ ..
لأجل أنني الوحيد الذي تعترفين له كل ليلة : " أحبك "
ويرد عليك : " مشكلتك " .. ويعجبكِ ذلك ..
لأجل أن أجرح اصبعي الكهل يوماً .. لتغضبي ..
لتصرخي فيّ : " أخبرتكَ أن دمك وطني أيها العجوز .. ابتعد عن الأشياء الحادة .. "
لأجافي بعدها .. السكاكين .. نشيج الفتيات .. مشهد
القطط العرجاء .. كل ما يجرح ..
مارأيك .. هل يروقكِ ذلك ؟ ..
لا تجيبي .. اصمتي فقط ..
أجمل الصمت .. ماكان قبلة ..
تابعيني بالقبل .. خلق الله لكِ قبلةً .. لاتكتمل .. مهما اجتهدتِ ..
لن أخذلكِ .. ياسيدتي ..
سيصفق لكِ الحشد .. كل ما يحتاجون .. نهايةً رائعة ً:
حافظي عليك .. يا أميرتي ..
ليس من أجلي ..
حافظي عليكِ .. لأنه لا يوجد منكِ في هذا العالم ..
سوى واحدة .
منقولى