السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يسأم التربويون من تكرار الدعوة لمنع استيراد برامج كرتونية ذات هوية غربية لما تحمل من مفاهيم تصطدم مع منظومة القيم والأخلاق التي لدينا، مما يرشح الجهود التربوية للفشل في ظل استمرار تدفق تلك البرامج على مختلف محطات التلفزيون العربية.
يقابل هذه الحركة النشطة لاستيراد برامج الكرتون ذات المنشأ الغربي حالة من الركود في إنتاج البرامج الكرتونية على المستوى القطري أو القومي، مما يعني خلو الساحة أمام تلك البرامج المهاجرة من أقطارها البعيدة لتروج لبضاعتها التي تتعارض مع المفاهيم والمعايير المرتبطة بمجتمعاتنا والتي يتلقاها الطفل من بيئته المحلية المحيطة به.
مثل هذا التناقض في الرسائل الموجهة إلى الطفل تحدث شرخا في وجدانه وتؤدي إلى إرباكه وإصابته بالحيرة أمام هذه الازدواجية في المعايير، بينما كان الواجب يقتضي أن تتم حماية الطفل من حدوث مثل هذا التناقض بين ما يراه على التلفاز وما يتلقاه من بيئته المحلية!!
أقرب مثال على هذا الخلط الواضح في المفاهيم الذي يتعرض له الطفل بصورة مستمرة المسلسل الكرتوني المسمى بـ" الديجمون" الذي عرض على شاشة إحدى القنوات الفضائية.
كغيره من المسلسلات وأفلام الكرتون الموجهة إلى أطفالنا، يحتوي هذا العرض الكرتوني على طائفة من الأخطاء لا يمكن السكوت عنها أو تمريرها على أنها شيء عادي ليس فيه كثير ضرر، أو تجاوز للخطوط الحمراء التي يطالب المجتمع باحترامها وعدم اختراقها!!
في هذا المسلسل يتحول الطفل إلى متلق سلبي أمام هذا العرض الكرتوني المبهر الجانح إلى الإغراق في الخيال، والذي يجسده مجموعة من الأطفال ورفقائهم أبطال عالم الديجيتال تلك الكائنات الرقمية التي تمتلك قوة خاصة تجعلها قادرة على مصارعة الأشرار الذين ينتمون إلى عالم وهمي غريب عن عالم البشر!
هذا الخلط الشديد بين الحقيقة والخيال ليس وحده ما يثير القلق، ويدعو إلى رفض المسلسل المحلق في عالم الأوهام والقوى الغيبية الخفية، وإنما هناك جانب آخر يتطرق إليه المسلسل وينبغي التصدي له وهو تقديمه لنموذج مشوه للفتاة الطيبة التي تناصر الخير، إذ تجسده "غيثا" الكائنة الرقمية رفيقة الطالبة هند التي تدرس في الصف الخامس الابتدائي صورة البطلة القوية التي تخلص أصدقاءها الطيبين من قبضة الأشرار مما يجعلها محبوبة لدى الأطفال.
"غيثاء" البطلة القوية ممشوقة القوام، الجسورة التي تواجه الباطل وتنتصر للخير تظهر شبه عارية بملابس مبهرجة لا تكاد تستر من جسدها شيئا!! وبهذا تجسد "غيثاء" بهيئتها تلك نمط التفكير الغربي الذي لا يرى مانعا في عُري المرأة ولا يرى فيه خطأ أو شذوذا. بينما يصطدم هذا المفهوم مع القيم التي يتلقاها الطفل المسلم من بيئته المحيطة والتي تدعو إلى الاحتشام وترفض العري، وتعتبر أن الحياء صفة غير قابلة للمقايضة لدى الشرفاء.
يتلقى الطفل العربي في هذه الحالة معيارين مزدوجين في مسألة واحدة وهو أمر خطير يقر به كل عاقل ويدعو إلى تداركه وعدم ترك الحبل على الغارب أمام أفواج البرامج المعلبة التي لا تكتفي بالتلفاز بل تبث على الإنترنت في مواقع تستحدثها، إضافة إلى سبيل المنتجات الورقية التي تحمل صور أبطال تلك المسلسلات و هو الأمر الذي يتطابق مع واقع مسلسل " الديجمون" حيث له موقع على الإنترنت ناهيك عن المنتجات الورقية الأخرى.
الواقع يشهد أن أطفالنا محاصرون بكل هذا الغثاء فمن يتطوع ليتقدم ويفك عن أطفالنا هذا الحصار!!
تحياتى
م0ن