بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ان رسولنا صلى الله عليه وسلم هو خير من طيب نفوس الناس من حوله وجبر خواطرهم، في كلامه، في عطائه وفي منعه، في شرائه وفي بيعه، في ترحاله وفي حله، في حركته وفي سكنه، وفي سائر احواله وامره.
كلمات رقراقة
ولننظر الى الكلمات الطيبة الرقراقة والثناء العطر وجبر الخاطر وتطييب النفوس في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه الثلاثة الكرام لما قضى بينهم في شأن ابنة حمزة رضي الله عنه كما في صحيح البخاري من حديث البراء رضي الله عنه قال: لما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة. فذكر الحديث، وفيه: فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعته ابنة حمزة تنادي: يا عم يا عم، فتناولها علي رضي الله عنه فأخذ بيدها وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك حمِّليها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر.
قال علي: أنا اخذتها وهي بنت عمي!
وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي!
وقال زيد: ابنة اخي!
فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: “الخالة بمنزلة الأم”.
وقال صلى الله عليه وسلم لعلي: “أنت مني وأنا منك”.
وقال صلى الله عليه وسلم لجعفر: “أشبهت خَلقي وخُلقي”.
وقال صلى الله عليه وسلم لزيد: “أنت اخونا ومولانا”.
فانظر يا رعاك الله كيف طيب رسول الله صلى الله عليه وسلم نفوس اصحابه، وجبر نفوسهم، وانهى الخلاف بينهم بتلك الكلمات الرقيقة.
ومن ذلك: تصرف النبي صلى الله عليه وسلم مع عثمان رضي الله عنه، فلما كان عثمان رجلا حييا قد يمنعه حياؤه من بيان حاجته وشرح حالته فمن ثم جمع النبي ثيابه وتأهب لاستقبال عثمان رضي الله عنه.
ففي صحيح مسلم من حديث عائشة وعثمان رضي الله عنهما: ان أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه، ولابس مرط عائشة وهو كساء الصوف فأذن لأبي بكر وهو كذلك، فقضى اليه حاجته ثم انصرف. ثم استأذن عمر، فأذن له وهو على تلك الحال فقضى اليه حاجته، ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأذنت عليه فجلس، وقال لعائشة: “اجمعي عليك ثيابك” فقضيت اليه حاجته ثم انصرفت، فقالت عائشة: يا رسول الله، مالي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما فزعت لعثمان؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن عثمان رجل حيي، واني خشيت إن أذنت له على تلك الحال، أن لا يبلغ إلي في حاجته”.
مراعاة المشاعر
وانظروا اليه صلى الله عليه وسلم وهو يطيب خاطر واحد من اصحابه في ابيه، على الرغم من نفاق هذا الاب وكفره، وكلنا يعلم ما كان عليه عبدالله بن سلول من كفر ونفاق، ومع هذا لما مات راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم مشاعر ولده الصحابي الموحد.
ففي صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: “لما توفي عبدالله بن سلول جاء ابنه عبدالله الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله ان يعطيه قميصه ان يكفن فيه اباه، فأعطاه، ثم سأله ان يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “انما خيرني الله، فقال: “استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة” وسأزيد على سبعين” قال: انه منافق فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وانزل الله عز وجل: “ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره”.
ومن مراعاة احوال الناس ايضا: ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر المؤذن في الليلة الباردة أو المطيرة ان يؤذن فيقول: “ألا صلوا في الرحال”.
ومن ذلك ايضا مراعاته صلى الله عليه وسلم للأم ومشاعرها تجاه طفلها فيقول: “إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه” (رواه البخاري).
هذا هو ينبوع الحنان ومعين الرحمة صلى الله عليه وسلم الذي ينبغي ان يكون هو قدوتنا واسوتنا في معاملاتنا مع الناس من حولنا، وما عليك ايها المسلم الا ان تجبر خواطر الناس وتطيب نفوسهم وترعى مشاعرهم، وتثني على الجانب المشرق في حياتهم، وتناديهم بأحب اسمائهم ولا تتجاهلهم، اذا أردت كسب قلوبهم، ولين عريكتهم، وصفاء سرائرهم.
فما ابرد واثقل ان يتجاهل اسمك أحد، أو ان ينطق اسمك خطأ، أو يتجاهل معرفة صوتك على الهاتف. كم هي المفاجأة والصدمة للمرأة في البيت مثلا وقد نظمت وقتها، ورتبت بيتها، وزينت نفسها، ثم يدخل زوجها فيتعامى عن هذا كله ولا يطيب نفسها.
فاجبر ايها المسلم الحبيب خواطر الناس، وطيب نفوسهم، ولا تعبس في وجوههم ولا تضع من قدرهم، فإن فعلت فأنت الخاسر وليسوا هم، لأنهم سوف يجدون غيرك ممن يتواضع لهم ويطيب خواطرهم .
منقول
</i>