عفوكَ أيها الــ حزن . .
إن كان جرمُ الحرق فيّ ، يتنصل من اعتيادية الحروف
لكني حين أفكر بالكتابة لها أتجاوزكَ أيها الحزن بمراحل ولا تصبر علي لغة .
إلى روح " أمي " رحمها الله
عفوكَ أيها الـــ حزن .. ..
فلا زال بي قطرة عمر أسكبها على غيابها . .
فليتها حين رحلتْ تركت لي بعضي أستعين به على هذا الغياب . .
فكم داخلي من حنين يستهجن قصور الذاكرة ، واحتياج يمقت كل لحظة لم تعرف طعم الخفق بها . .
والـــ يوم . .
بعيداً عنها أتراكم أمام أشيائي الباردة ، أراقب تلاشي حروفي ،
تماماً كالخفق في صدري حين يذوي مجروحاً بالصمت . .
وبعدها لا زلت عالقة بكل ليالي البُعد القادمة ،
وتذهلني قدرتها المتواصلة على الاستقرار بقلب حرفي . . !!
وكل فرح ليس إلا شوكة أغرسها في جسد حزني المتهالك حياة . .
بالأمس كنت جالسة إلى نفسي . . سارحة عما حولي
ولم أنتبه إلا وعينان جميلتان تلتهماني بلهفة . .
وتتسعان بدهشة طفولية حين ضبطتها متلبسة باشتياق نقي . .
ابتسمتْ فهمست لي بارتباك :
.. ليتني يا " خالة " أكبر ، وأقدر أضمك بقووووووة . .
ياااااااااهـ ..
كم غصصت لحظتها بدمعي ، وتمنيت لو أتضاءل بحجم أمانيّها . . وأكبر بعمق نقائها . .
تمنيت لو غدوت مثلها ، أغرس مكان نظري حضن وكلما زارني طيفكِ انهمر بين ذراعيه بكاءً وأرتاح . .
عفوكَ أيها الحزن . .
فثمة غربة في أصداء المعاني التي تشيخ والتي لا تشيخ . .
جميعها فاصل من الذكريات بأعماق اليُتم ، موج من الابتسام والدمع
يتمخض بالأحلام ويندفع نحو الواقع ليرتد حروف مهشمة أو مهمّشة . . !
والغربة اعتقلتني اليوم في هذا المد والجزر ، ما بين يقين غيابها وشقاء اشتياقها . .
ما بين التوق إلى احتضان وجهها وقسوة الظمأ في تخاذل ملامحي عني . .
وهي يا " حزني " العُمْر الذي فقدت . . أجدها معي ولا أجدها . .
أصداؤها تملأ ليلي ونهاري ، تطارد حدودي فأسقط في عناق حضورها . .
وما بين ضعفها ومكابرتي كم تجرعت مرارة الابتهال . . !!
كم كان يلزمكِ يا الـ رووووح لتعرفي أنها باقية قدر مرارة رحيلها ؟
بااااقية قدر غروركِ السابق ، ودمعكِ الآن ؟
عفوكَ أيها الــ حزن . .
فما زلت موجوعة أفتش عن صدرها لأريح رأسي عليه , ,
وما زلت أستجدي قلبي الذي ضم وجهها أن يتنازل قليلاً عن إحكام الخفق حولها . .
حتى صرت هاهنا . .
أفترش الورق . . أرسم اسمها تعويذة الأمل في ارتقاب الغد ،
وأطرحه ابتهالاً كلما جرتني ذنوب المعاني .