مكانة النبي صلى الله عليه وسلم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
إن موضوع (مكانة النبي -صلى الله عليه وسلم-)
لهو موضوع عظيم، تبعاً لعظمة المتحدَث عنه، وهو سيد البشر، وأفضل الخلق، وأعلمهم وأتقاهم وأخشاهم لله عز وجل.
هذا الرجل العظيم الرسول الكريم هو أكرم الخلق على الله -جل وعلا-، ولا نجاة لأحد كائناً من كان إلا بعد معرفته ومعرفة ما جاء به؛ والإيمان به وبما جاء به، على مراده -عليه الصلاة والسلام- معرفة النبي -صلى الله عليه وسلم- أحد الأصول الثلاثة، التي يجب على كل مسلم ومسلمة معرفتها، وليس المراد معرفة حفظ دون معرفة عمل؛ لأن الإنسان، مهما بلغ من المراتب العليا في
الدراسات وغيرها ولو كان تخصصه في السيرة النبوية، وصار أعرف الناس بها لكنه لا يتبع ولا يعمل، ما الذي يفيده هذا العلم، إذا سئل في قبره عن ربه، وعن دينه وعن نبيه لن يستطيع الجواب، ما لم يكن متابعاً للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولو تخصص في السيرة؛ لأنه إن لم مؤمناً فلن يجيب؛ لأن المنافق والمرتاب ولو كان في دنياه من أعرف الناس بالسيرة، فإنه لا محالة سوف يقول: هاه هاه لا أدري، كنت أسمع الناس يقولون شيئاً فقلته, فالمعول على المتابعة.
هذا الأصل العظيم من الأصول الثلاثة التي هي معرفة الله -جل وعلا-، ومعرفة دين الإسلام، ومعرفة نبيه -عليه الصلاة والسلام- اقترانه -عليه الصلاة والسلام-، اقتران معرفته بمعرفة الله -جل وعلا-، ومعرفة الدين الذي من أجله خلق
الناس، العبادة, في هذا بيان لمكانته -عليه الصلاة والسلام- بداية الامتحان الحقيقي إنما تكون بالسؤال عن الله -عز وجل- وعن دينه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
هذا النبي العظيم قرنت الشهادة له بالرسالة بالشهادة لله -جل وعز- بالألوهية، فلا يصح دين إلا بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ((أُمِرْتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يقولوا : لا إله إلا اللهُ ))صحيح مسلم، ومن لازم صحة لا إله إلا الله، الشهادة لهذا الرسول الكريم بأنه عبد الله ورسوله، هذه الشهادة للنبي -عليه الصلاة والسلام-- بالرسالة أحد شقي الركن الأول من أركان الإسلام، ففي الصحيحين من حديث ابن عمر:
((بُنِيَ الإسلامُ عَلَى خَمسٍ : شَهادَةِ أَن لا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وإقامِ الصَّلاةِ .." اسناده صحيح إلى آخر الأركان..
قرن اللهُ –جل وعلا- طاعته -صلى الله عليه وسلم- بطاعته -جل وعلا-: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ}[(80) سورة النساء]، بل اشترط لقبول طاعته طاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام-، {مَّنْ يُطِعِْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ} والهداية لا تحصل إلا لمن اتبعه وأطاعه، {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[(158) سورة الأعراف]، {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا}[(54) سورة النــور]، طاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام- هي السبب في محبة الله للعبد، طاعة الرسول وإتباعه -عليه الصلاة والسلام- هي السبب في محبة الله -جل وعلا- لعبده،
قال -جل وعلا-: {قُلْ إِنْ كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ}[(31) سورة آل عمران]، طاعته -عليه الصلاة والسلام- تجعل المطيع رفيقاً لأعظم الخلق وأشرفهم وأكرمهم: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[(69) سورة النساء].
وبعون الله سنتناوله في عدة نقاط هي :
بعثة الرسول عامة
من مظاهر تكريمه وتعظيمه وخصائصه - عليه الصلاة والسلام-
التفضيل بين الأنبياء
الله كاف رسوله من المستهزئين
الغلو في الرسول -صلى الله عليه وسلم-
ونسأل الله -جل وعلا- أن ينفع بما يقال، وما يذكر، وما يسمع
وأن يجعل العمل والقول خالصاً لله -جل وعلا- موصلاً إلى جناته ومرضاته.