كان من خلقه صلى الله عليه وسلم في معاملة الصبيان أنه إذا مر بالصبيان سلم عليهم وهم صغار, وكان يحمل ابنته أمامه, وكان يحمل أبنه ابنته أمامه بنت زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم, وهو يصلي بالناس, وكان ينزل من الخطبة ليحمل الحسن والحسين ويضعهما بين يديه.
عن أنس رضي الله عنه قال : " كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم ". رواه البخاري واللفظ له ومسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي فيُسرع في الصلاة مخافة أن تفتتن أمه. أخرجه الشيخان.
وكان صلى الله عليه وسلم يحمل ابنة ابنته وهو يصلي بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها ".
وجاء الحسن والحسين وهما ابنا بنته - وهو يخطب الناس - فجعلا يمشيان ويعثران, فنزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما حتى ووضعهما بين يديه, ثم قال : " صدق الله ورسوله: { وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } (الأنفال:28) نظرتُ إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران فلم أصبر حتى قطعتُ حديثي ورفعتهما ".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوّذ الحسن والحسين « أُعيذكُما بكلمات الله التامة ومن كل شيطان وهامَّة، ومن كل عين لامَّة » (البخاري).
وروى الإمام مسلم في صحيحه- : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده رجل اسمه الأقرع بن حابس رضي الله عنه، وكان شديداً -يعني: مجبولاً على الشدة والقسوة، فرأى الأقرع بن حابس النبي عليه الصلاة والسلام يقبل الحسن و الحسين ، فقال: تقبلون أولادكم؟ والله إن لي عشرة من الأولاد ما قبلت أحداً منهم، فغضب النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: وما أملك لك إن نزعت الرحمة من قلبك؟! ".
وهذا جابر بن سمرة وهو طفل صغير - والحديث في صحيح مسلم - يقول:" صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة -كان يصلي مع النبي في المسجد صلاة الصبح- فخرج النبي بعد الصلاة من المسجد فقابله الصبيان، فجعل النبي عليه الصلاة والسلام يمسح خدَّ كل واحد منهم واحداً واحداً، قال: ومسح النبي صلى الله عليه وسلم على خدِّي، فشممتُ ليديه ريحاً كأنما أخرجها من جؤنة عطار ".
وروى مسلم في صحيحه : أن عمر بن أبي سلمة - وهو ممن تربَّى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم- قال:" كنت غلاماً في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت يدي تطيش في الصحفة -الإناء الذي يوضع فيه الطعام- فقال لي: يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك ".
وأخرج الحاكم بسند صحيح, عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً:" كفى بالمرء إثماً أن يُضَيِّعَ من يَعُول ".
وفي كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة, حديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هذَا غُلاَمًا، فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ قَالَ: لاَ، قَالَ: فَارْجِعْهُ ". أخرجه البخاري.
وروى مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها: جاءتني مِسْكِينَةٌ تَحمِلُ ابنتين لها، فأطْعَمتُها ثَلاَثَ تمْراتٍ، فأعطت كلَّ واحدة منهما تمرةً، ورَفعت إلى فيها تمرةً لتأكُلَها، فَاسْتَطْعَمَتْها ابنَتَاها، فَشَقَّت التمرة التي كانت تريد أن تأكلَها بينهما، فأعجبني شأنُها، فذكرتُ الذي صَنَعَتْ للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: «إنَّ الله عز وجل قد أوجبَ لها بها الجنة ، وأعتقها بها من النار ».
وأخرج الترمذي, وصححه الألباني, عن عائشة قالت: قال صلى الله عليه وسلم: «مَنِ ابْتُلِيَ بشيء من البناتِ فَصَبَرَ عليهنَّ ، كُنَّ له حِجابًا من النَّار».
وكان لعائشة رضي الله عنها لعبٌ كانت تلعب بهنَّ؛ قَالَتْ رضي الله عنها: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ, فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ فَقَالَ: « مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ ». قَالَتْ بَنَاتِي.
وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ فَقَالَ: « مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ ». قَالَتْ: فَرَسٌ. قَالَ: « وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ ». قَالَتْ: جَنَاحَانِ. قَالَ: « فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ ؟!». قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلاً لَهَا أَجْنِحَةٌ! قَالَتْ: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ ». رواه أبو داود وصححه الألباني.
وكان عليه السلام يلاطف الأولاد ويمزح معهم, فعن أنس بن مالك قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْر، وقال: أحبه فَطِيمٌ, وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغيْرُ - نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ ". رواه البخاري.
فهذا نبي الرحمة وهذه أخلاقه الكريمة وعطفه على الأولاد وحبه لهم, وهو أروع نموذج وأكمله, وأعظم مربي بأمي هو وأمي صلى الله عليه وسلم.