فرحة " الكاس " حصرية.. والخيبة عامة وقوية !!
* أبو بكر خلاف
ابو بكر خلاف
مبروك لمصر ولأولادها .. وبعد انتهاء لقطات الكرة تضرب مرمى الخصوم ومشهد اللاعبين المصريين وهم يسددون الكرة بالمرمى وأعلام ترتفع وصيحات "والله وعملوها الرجالة ورفعوا رأس مصر بلدنا" .. يتساءل شاب جامعي!! :" لماذا لم ألعب الكرة من الصغر وأكون واحدا من هؤلاء الأبطال!!
ويواصل قائلا والمرارة تعتصر قلبه : " بصراحة لاعبي الكرة في بلادنا كعبهم عالي والدنيا لاعبه معاهم وحتى الدولة بتكرمهم ، عمرك شوفت جماهير استقبلت العلماء الافذاذ في مجالات العلوم المختلفة بالمطار بعد مؤتمرات علمية او تكنولوجية"؟.
ويتابع :"خليك واقعي ..لو أنت أكيد في مصر وحتى لو أصبحت متفوقا وأول دفعتك وتخرجت من كبرى الجامعات، كم سيكون الراتب نهاية الشهر؟ من قال انك ستعين أصلا ..خليك متفاءل .. بعد كم سنة من حصولك على الوظيفة يمكنك ان تتزوج ويكون لك شقة وسيارة .؟..إن شاء الله عند بلوغك سن الستين اي سن المعاش وانت تستعد لمغادرة الحياة !! كان بإمكانك ان تحصل على ذلك بسهولة فور توقيعك العقد مع ناديك المفضل ..".
أسئلة هذا الشاب واقعية وإجابتها تصيب بإحباط يحتاج علاجه لنفس أطول من طوابير الخبز وأنابيب الغاز في مصر "المحروسة" حيث الملايين من الشباب لايجدون عملا ولاشقة ولا امل لديهم في تحسن احوالهم لا الآن ولا حتي في المستقبل القريب او البعيد .
حصريا في الدراما يأتي البطل من قاع الحياة في الحلقة الأولى ويكابد في الحلقات التالية حتى يجد الحبيبة والشقة والمال والشهرة والمجد لتبتسم له الدنيا فيما تلا ذلك من حلقات ، يعني المسافة بين الكفاح والمجد لا تتعدى خمسة عشر دقيقة في الأفلام ومثلهم بالأيام في المسلسلات على أغلب الأحوال، يود شبابنا لو كانت الدنيا سينما وهم أبطالها تغمرهم متابعة الدراما بأحلام اليقظة يهربون بها من صدمة الواقع والإحباط .
من حق كل إنسان أن يحلم بأن يكون من أفضل سكان الدنيا ، لكن من أراد ذلك فلابد أن يدفع الثمن وهذه هي سنة الحياة . فحتى تعطيك الحياة كل ما تتمنى فعليك أن تفكر أولا ماذا ستعطي للحياة، انها سنة الحياة أن تأخذ منا قبل أن تعطينا، فهي تأخذ الطفولة قبل أن تمنحنا الصبا وتأخذ منك الصبا قبل أن تمنحك الشباب وتأخذ منك العمل قبل أن تمنحك الأجر وتأخذ منك التفاني والإتقان قبل أن تمنحك المجد والشهرة .
يقول نابليون هيل: " إذا كنت لا تستطيع أن تفعل أشياء عظيمة، فافعل أشياء بسيطة بطريقة عظيمة. و لا تنتظر الفرص العظيمة، ولكن انتهز ما يعرض لك كل يوم من مواقف عادية واجعل منها فرصاً عظيمة".
وهذا رد جميل على الشباب الذي ينتظر أن يولد عظيماً ومشهوراً وكبيراً وغنياً مرة واحدة دون أن يصعد درجة سلم واحدة، هذا لا يحدث سوى لأبناء "جيل الانترنت" يفكر ماذا سيأخذ قبل أن يسأل نفسه ماذا سأعطي، يرسم أحلام في السماء دون أن يضع لها أساسا على الأرض.
شبابنا طموح ولديه من الإبداعات والأفكار الكثير والكثير، ولكن قليلون منهم يأخذون بزمام المبادرة لتنفيذ ما يحلمون به، فكم من الأفكار العظيمة وئدت قبل أن تولد، إما لأن أصحابها ليس لديهم الإرادة والتصميم أو لأنهم صدموا ببيروقراطية وفساد الواقع الذي يعطي لرجال الاعمال والقريبين من السلطة كل شيء ويحرم الملايين من خيرات وطنهم فيما يسمي بـ " زواج السلطة بالثروة " فاستسلموا عند أول عقبة وقفت في طريقهم، وتعددت الأسباب والنتيجة واحدة " محلك سر".
في ستينيات القرن العشرين كان لاعب الغطس الأمريكي " ديك فوسبري" يتدرب على الغطس من ارتفاع شاهق – مثل الجميع- حيث يقفز بوجهه وصدره لأسفل ، وسأل فوسبري نفسه سؤال النقيض : ماذا يحدث إذا قمت بالغطس وظهري للماء؟
وكانت الإجابة هي انه استطاع القيام بقفزة أعلى ، ولم يكتشف "فوسبري" بذلك أسلوبا جديدا للقفز فحسب ، بل انه غير وجه رياضته للأبد وتم تخليد اسمه بأسلوبه الجديد الذي احدث ثورة في رياضة الغطس حيث أطلق على هذه القفزة " قفزة فوسبري" من هنا يتضح لك أن بإمكانك ان تصبح أكثر اختلافا وتميزا وتفردا ، وسوف تصبح إنسانا يشار إليه بالبنان من جانب الاخرين باعتبارك انسان متميز ومبدع وعبقري.
أيها الشاب الجميل المسامح استمع إلى الآخرين ، واستفد من خبرات من سبقوك ، عش حياتك طولا وعرضا وابتغ مرضاة الله لكن لا تنسى هدفك ، تعلم ثقافة الحوار، حدق إلى الأشياء اعد النظر في حياتك ستجد غالبا نتائج بالغة الفائدة والتميز. ابذل كل السبل من أجل تحقيق ذاتك ولا تجعل أي عائق مهما كانت صعوبته يقف في طريقك ، كن مناضلا صلباً لا يرضى من الدنيا إلا المجد والعلا، وكما يقول الشاعر:
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله لن تنال المجد حتى تلعق الصبر
* كاتب وإعلامي مصري