الجودة الشاملة في التعليم العام:المفهوم والمبادئ والمتطلبات
( قراءة إسلامية)
بحث مقدم للقاء الرابع عشر للجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية (جستن)
المقام في فرع الجمعية في القصيم يومي الثلاثاء والأربعاء 28-29 ربيع الآخر الموافق 15-16مايو 2007م
بعنوان "الجودة في التعليم العام"
إعداد : بدرية بنت صالح الميمان
مستخلص البحث
هدفت الدراسة إلى توضيح مفهوم الجودة في التعليم ،ومبادئها ومتطلباتها من منظور إسلامي . ذلك أن مفهوم الجودة مفهوم أصيل في الثقافة الإسلامية منبثق من منظومة القيم الإسلامية التي يمثل الإتقان والدقة والإحسان فيها مكانة عالية . كما أن الجودة الشاملة في التعليم مطلب إنساني وإسلامي فعن طريقه يمكن تحقيق تطوير وإصلاح نوعي فريد في النظام التعليمي في المملكة بجميع عناصره ومستوياته .حيث اتضح من خلال الدراسات المهتمة بالتعليم أن هناك أوجه قصور واضحة في النظام التعليمي على جميع المستويات بحيث أصبحت مخرجات التعليم لا تفي باحتياجات سوق العمل مما يجعل المهتمين بالعملية التعليمية ينادون بتطبيق الجودة الشاملة في التعليم . وعند وضع الخصوصية الإسلامية التي تتمتع بها هذه البلاد في الاعتبار يستوجب تقديم المنظور الإسلامي للجودة في المرتبة الأولى مع الاستفادة من الخبرات الأخرى المتقدمة في نفس المجال .
وتوصلت الدراسة الحالية إلى مايلي:
-أن مفهوم الجودة في التعليم في الإسلام مبني على الإحسان وإتقان العمل والدقة فيه بدلالة الآيات الواردة في المتن ،وذلك من منطلق أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ، والفرد متعبد فيه لله ،لذلك هو مطالب بالاستزادة منه والتعلم مدى الحياة ،والمعلم وريث للعلم مكلف بتبليغه والاستزادة منه، والمناهج الإسلامية تبنى وفقاً للمقاصد الإسلامية والأولويات المجتمعية . وأهداف المدرسة منطلقة من الغاية السامية التي خلق لأجلها الخلق وهي العبادة والخلافة مما يستوجب وضوح الأهداف لتعكس هذه الغايات ، وتترجمها لسلوك يتخلق به طالب العلم المسلم ، والمناهج التربوية والتعليمية .
-إن مبادئ الجودة التي اتفق عليها المهتمين بالجودة الشاملة في الإدارة هي مبادئ أساسية في العمل عامة في الإسلام وفي العمل التعليمي خاصة . على أن تربط في جميع أبعادها بالمفهوم الإسلامي للجودة والذي وضع رضا رب العالمين في المرتبة الأولى ثم رضا المستفيدين في المرتبة الثانية .
-إن متطلبات تحقيق إدارة الجودة الشاملة هي متطلبات للعمل عامة في التصور الإسلامي وضرورات لتحقيق نجاحه وقبوله ، وهي القوة التي أمر الله سبحانه وتعالى بإعدادها .
وبناء على هذه النتائج توصي الدراسة بما يلي :
-من الأهمية بمكان تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة في مدارس التعليم العام في المملكة العربية السعودية بمنطلقاتها الإسلامية لما لها من قوة عقائدية وأخلاقية في تحقيق التطوير والإصلاح المنشود .
-لابد لتحقيق الجودة الشاملة في المدارس والمؤسسات التعليمية من توفير كل متطلباتها وهذا الأمر لن يتم بين يوم وليلة وإنما يتطلب وقت طويل لتحقيقه ولكن نسدد ونقارب.
The Total Quality in Education:The Concept,Principles , Requirements, An Islamic Reading
The study aims to : clarify the concept of quality in Education ,and its principles and requirements from Islamic point of view,as the concept of quality is original concept in the Islamic culture; arising from Islamic values system which represent mastery,accuracy,and performance of good deeds in a high rank . Also a quality in Education is A human and Islamic requirement by which we can achieve specific progress and reform in Education system of the King Dom . because it is clear from the studies in Education, that there are some defects in the Educational system ; the outputs of Education are inconvenient to market needs. For that the Educators profess applying The total quality. But when we put the specialty of this country into consideration we should present the Islamic concept of quality and take advantage from other advanced experiences in the same field.
The study finds are:
-The Islamic concept of quality in Education build on mastery, accuracy ,and performance of good deeds ,and that is clear from The Ayas in text.
-Education is an religious duty , the people worship Allah with it, so he requested to learn all his life. The teacher is inheritor of knowledge designated to inform it and request more . The curriculums are built according to Islamic aims ,and social priorities. The school purposes should come from the sublime ends which Allah creates people for, The worshiping, and caliphate. They should translated into student behavior, and Education curriculums.
-The principles of quality is a fundamental principles of work in Islam specially in Education and learning work, So they should be connected with the Islamic concept of quality which consider Allah's satisfaction in the first level ,then the satisfaction of customer or beneficiary in the second level .
- The requirements of total quality are the requirements of work in general in the Islamic point of view, and they are necessary for it's success and acceptance, as they are the power that Allah order to prepare.
And the study recommends:
- The application of the principles of total quality in the schools in King Dom Of Saudi Arabia ,with its Islamic components, because they have ideological and moral power in achieving progress and reforming .
- To achieve the total quality in the schools and Educational institutions ,the requirements should be provided ,and this will not be in one day and night, but it needs long time to do it ,so we should aim at and border on.
قائمة محتويات البحث
الموضوع رقم الصفحة
مستخلص باللغة العربية .................................................. ......... 2
مستخلص باللغة الإنجليزية .................................................. ....... 3
قائمة المحتويات................................ .................................... 4
الإطار العام للبحث:
المقدمة .................................................. ......................... 5
مشكلة البحث........................................ ............................ 7
أهمية البحث وأهدافه.................................... .......................... 10
منهج البحث وإجراءاته .................................................. .......... 10
حدود البحث........................................ ............................. 10
الدراسات السابقة.................................... ............................. 10
مصطلحات البحث........................................ ........................ 15
الإطار النظري للبحث :
أولاً مفهوم الجودة الشاملة.................................... ...................... 16
مفهوم الجودة من منظور إسلامي...................................... .............. 20
ثانياً:مبادئ الجودة الشاملة من منظور إسلامي...................................... .. 24
ثالثاً:متطلبات الجودة من منظور إسلامي...................................... ........ 31
نتائج البحث:....................................... .............................. 37
توصيات البحث:....................................... ........................... 38
الخاتمة:................................... ........................................ 38
الهوامش.................................... ...................................... 39
الإطار العام للبحث
مقدمة :
يعد مفهوم الجودة قديماً قدم سعي الإنسان في البحث عن أساليب وطرق تطوير كيانه الاجتماعي والاقتصادي .إلا أن تفعيل هذا المفهوم تأثر بمتغيرات كل عصر وطبيعته . ومفهوم الجودة مفهوم أصيل في ديننا الإسلامي الحنيف . وينطلق من عموميات كثيرة في ديننا الإسلامي؛ فالجودة مكونة من الدقة والإتقان ؛ وهذان المفهومان نجدهما في نصوص كثير في كتاب الله وسنة الرسول r .
ومفهوم الجودة يعد أحد السمات الأساسية للعصر الحاضر ، وذلك لاتساع استخدامه ، وازدياد الطلب عليه في كثير من جوانب الحياة المعاصرة . فالعالم اليوم يعتنق مبدأ الجودة الشاملة ؛ والعالم كله مشترك في سوق عالمية واحدة تتنافس فيها كل الدول ، وليس أمامها إلا تحقيق الجودة الشاملة الذي يتطلب أن ينجح نظام التعليم في تعظيم قدرة الإنسان المشارك في عملية التنمية (1).
ويعد التعليم أحد الاحتياجات الرئيسية لكافة المجتمعات الإنسانية ، والجودة في التعليم هي الانتقال من ثقافة الحد الأدنى إلى ثقافة الإتقان والتميز ،لذا دأبت هذه المجتمعات وبشكل مستمر على العمل نحو تطوير المؤسسات التعليمية بما يفي باحتياجات الحاضر ويتلاءم مع معطيات المستقبل .ودعى اتساع وانتشار الحاجة إلى الخدمات التعليمية في الوقت الحاضر إلى إضفاء أعباء كبيرة على القطاع العام كمصدر وحيد للخدمة التعليمية ،الأمر الذي تطلب قيام القطاع الخاص بالمشاركة في تقديم هذه الخدمات التعليمية إلى المستفيدين ونتج عن هذا تبلور مفهوم "صناعة التعليم"في السوق "المجتمع" إضافة إلى أن التغير السريع في البنى الثقافية والمعرفية والتكنولوجية على مستوى العالم أدى إلى التقويم المستمر لرسالة ونشاطات المؤسسات التعليمية سواء في القطاع العام أو الخاص (2).
إننا نعيش العصر بكل خصائصه ومتغيراته ؛من تطور تكنولوجي ، ومعلوماتي ، وسرعة الاتصال التي تعمل في ظلها المؤسسات الإنتاجية ، والتي تتميز بالتغيرات السريعة والمتلاحقة التي تفرض استخدام إستراتيجية فعالة تجاه جودة الخدمات والمنتجات التي تقدمها المؤسسات لأن الجودة أصبحت من الأمور التي تؤثر في حاضر ومستقبل المؤسسات وتأثيراته وتداعياته (3) .
إن هذه المتغيرات فرضت أنماطاً جديدة من الفكر المطلوب التعامل معها ومواجهتها ،أنه فكر عصر المعلومات ،فكر غير نمطي ،يتسق مع ظواهر الواقع ، حيث النقلات الفجائية والتغيرات العشوائية ، ومسارات التفكير المتوازية والمتداخلة إنه فكر غير تخصصي قادر على عبور الحواجز بين نوعيات المعرفة المختلفة ، التي باتت تفرض نوعية جديدة من الذهنية القادرة على التعامل معها ومواجهتها(4). فهل مدارسنا قادرة على تكوين هذه الذهنية لدى الطلاب ، وإكساب المتعلمين المهارات وأنماط التفكير القادرة على التعامل مع عصر المعلومات ؟.
يجمع الخبراء والمعنيون بالهم التربوي في الدول العربية على أن أبرز وصمة في التعليم تكمن في تردي نوعيته وجودته فلا يزال التوجه منصباً على التوسع الكمي على حساب الالتفات للكيف ،وضبط إجراءاته على كافة الأصعدة والمستويات .،إذ يغلب على التعليم الاعتماد على التلقين والاستظهار واللفظية والسلطوية ، وسيادة الطابع التقليدي ، وتقييد فرص الإبداع ، وغياب النظرة المتكاملة في تكوين الفرد ، وعجز التعليم عن تحقيق العدل الاجتماعي ، أو الوصول إلى كثير من الفئات ، والانفصال عن عالم العمل ، وتدني مستوى المتعلمين ، ونتيجة لذلك أصبح التعليم عائق للتنمية بدلاً من إحداثها ، وقيداً يدفع إلى الوراء أو إلى التغريب بدلاً من أن يكون أداة لتطوير الحاضر وبناء المستقبل ودعم الهوية العربية الإسلامية(5).
وضحت الدراسات المتوالية لمخرجات التعليم قصور هذه المخرجات عن تلبية متطلبات العالم المعاصر الذي نعيشه ،حيث تؤيد الشواهد هذا التدني في نوعية التعليم؛فعلى سبيل المثال :الأردن دولة عربية تتمتع بمستوى تعليمي متميز على نطاق العالم العربي فكانت من الدول التي شاركت في أحد الاختبارات الدولية لقياس مهارات التعلم المختلفة في العلوم والرياضيات عام 1990/1991للطلبة الذين بلغوا 13 سنة من عمرهم ، فحصلت الأردن على أدنى النتائج في كلا المجالين .وفي دراسة على تلاميذ المرحلة الابتدائية في العراق والكويت والأردن برز الضعف الملحوظ في الإملاء ،بل وجدت إحدى الدراسات أن المستوى التحصيلي للطلبة يتراجع عاماً بعد عام ، وأن بعض الطلبة وصلوا الصف الثامن والتاسع وهم لا يجيدون الكتابة (6).
أما في المملكة العربية السعودية فهناك ظواهر نقص عديدة في نوعية التعليم بحيث يقصر نظام التعليم عن الوفاء بمتطلبات التنمية في المجتمع السعودي ؛وذلك من ناحية قصور الكفايات المهنية المتعددة ، و من ناحية ضعف مستوى الخريجين في الأداء في سوق العمل من ناحية الأساسيات ، والمهارات ، واللغة ، والسلوكيات (7). ويترتب على تردي جودة التعليم ومخرجاته عدة أمور ،أهمها ضعف إنتاجية العمالة ، ووهن العائد الاقتصادي والاجتماعي للتعليم ، وتفشي البطالة بين المتعلمين ، وتدهور الأجور الحقيقية للغالبية العظمى (8)، مما يؤكد ضرورة الإصلاح والتطوير .
فتحديد الخطى يعد أمراً بالغ الأهمية لأي عملية تطوير ،لأنها تتجاوز الأشخاص لتنفذ بعمق السياسات والاستراتيجيات لتؤكد هذه الرؤية التي تتطلب توافر نوعية تربوية جديدة تستوجبها المعرفة، وتؤكدها تعاليم الدين الإسلامي ،وتمليها ضرورات عصر المعلومات وذلك من خلال إحداث مجموعة من التحولات التعليمية التي تستهدف تحقيق ثقافة الإتقان والجودة ،والإبداع والابتكار، والتحول إلى المشاركة وإلى الإنتاج ، وثقافة الاعتماد على الذات ، والتعلم مدى الحياة ، وإحداث التكامل بين حقول المعرفة المختلفة ، وعدد مصادر هذه المعرفة ،وتبني مفهوم الجودة الشاملة ، وتشكيل قاعدة معرفية عريضة من الخبرات والمعارف التي تعطي المتعلم فرصة الانتقال والانسيابية بين أنواع التعليم والتخصصات المختلفة ،وإحداث تغيير جذري في مفاهيم وطرائق التعليم بما يمكن المتعلم من امتلاك مفاتيح المعرفة ، ومهارات الدراسة المستقلة ، وتحويله من متلق إلى باحث منتج للمعرفة ، ومكتشف مبدع للتكنولوجيا ، وتدريبه على التعامل مع النظم المعقدة ، والقدرة على التفكير المتشعب ، وحل المشكلات فائقة الصعوبة والتعقيد (9).
إن الجودة الشاملة مرتبطة إلى حد كبير بالتعليم للتميز ،حتى أن الجودة أصبحت مطلباً حتى في التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني. فالانفجار المعرفي وانتشار ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ولدت احتياجات متغيرة للتلاميذ ، فكيف يجاري التعليم التدفق اللانهائي واللامحدود من كم الأفكار والمعارف ؟وكيف يستفيد من الثروة التكنولوجية وثورة الاتصالات والمعلومات ؟ وكيف يحافظ على الهوية الإسلامية وسط هذه الثورة والانفتاح على الثقافات الأخرى؟
مشكلة البحث :
كما هو مشاهد ومعروف من خلال دراسة واقع التعليم في الوطن العربي عامة وفي المملكة خاصة تدني نوعية التعليم ومخرجاته وهذا التدني يظهر على النحو التالي :
1-عدم وفاء نظام التعليم في المملكة بمتطلبات المجتمع السعودي من معظم الكفايات المهنية ،والعلمية، والإدارية ، والفنية في مجالات التنمية المتعددة. ، ولعل من أقوى الشواهد على هذه الظاهرة التركيب الحالي للعمالة في أنواعها المختلفة ، ومستوياتها المتعددة في معظم قطاعات الإنتاج بالمملكة خصوصاً القطاع الأهلي ، مما يبرز ضعف التوجيه المهني ، وعدم اكتشاف المهارات لدى الطلاب في المراحل الدراسية السابقة للتعليم الجامعي التي هي من أهم وظائف مراحل التعليم العام ،ففي دراسة للرومي (2000) أفاد الطلاب أن المقررات التي درسوها لا تكسب الخريجين المهارات التي يحتاجها سوق العمل ،كما أن المهارات والمقررات التي درسوها ليس لها تأثير في قراراتهم عند البحث عن وظيفة بعد التخرج. وأفاد مديرو الموارد البشرية أن منهج الثانوية العامة لا يوفر المهارات التي يحتاجها سوق العمل مثل العمل الجماعي ، وإجادة الكمبيوتر ، وأن خريجي الثانوية ليسو على وعي بما تتضمنه عملية التقدم للوظيفة . وأضافت الدراسة أنه ينبغي على وزارة التربية والتعليم أن توفر تعليم المهارات الرئيسية ؛ومهارات شخصية واجتماعية، ومهارات كفاءة من خلال نظام التعليم الثانوي العام حتى ولو كان الطلاب يسعون للحصول على تعليم أعلى قبل دخولهم لسوق العمل (10).
2 -ضعف أداء خريجي مؤسسات التعليم العام والتعليم الجامعي ، وتبدو هذه الظاهرة في نتائج الاختبارات ، وفي التقارير الخاصة بالأداء الوظيفي في أجهزة الدولة ومؤسسات القطاع الخاص التي تكشف عن مستوى أداء هؤلاء الخريجين ، مما يبرز الضعف المتراكم للإعداد منذ المراحل الأولى للتعليم .ففي دراسة ميدانية للقحطاني (1418هـ)وجدت أن خريجي الجامعات العاملين لدى الشركات لا تتوفر لديهم المهارات التي يحتاجها القطاع الخاص من خبرة وتدريب ، ولغة إنجليزية ، واستخدام الحاسب الآلي ،وأنهم يمكن منحهم درجة تتراوح بين الجيد جداً والجيد عند تقويم سلوكهم من حيث الانضباط، والمواظبة ، والإنتاجية ، واحترام أنظمة المنشأة ، والتعاون مع الزملاء والرؤساء ، وإمكانية الاعتماد عليهم هذا وينبغي الحذر من تعميم هذه النتائج على خريجي الجامعات العاملين في القطاع العام ، وذلك لاختلاف بيئة العمل في القطاعين من حيث الحزم والمراقبة وتنفيذ الأنظمة ونحوه ،إذ كل ذلك يميل في الغالب لصالح القطاع الخاص. وفي دراسة للتركستاني (1418) تظهر أهم أربعة أسباب حددها رجال الأعمال تؤدي إلى عدم قبول السوق لمخرجات التعليم هي : عدم توافر الخبرات العملية لدى الخريجين ، وعدم إجادة الخريجين للغة الإنجليزية ،والمناهج التعليمية لا تتناسب مع احتياجات سوق العمل السعودي،والجامعات لا تقوم بتدريب الطلاب وتأهيلهم للعمل في القطاع الخاص (11).
3-ضعف عام في الأساسيات من المعارف وخصوصاً اللغة العربية ، إضافة إلى مؤشرات ضعف أخرى منها : عدم تساوي ما يبذل من جهد ومال في تعليم اللغة الانجليزية مع حصيلة الطلاب فيها.وجاءت نتائج دراسة التركستاني تؤكد هذه الظاهرة (12).
4-نسبة مباني المدارس الحكومية إلى المباني المستأجرة لا تصل إلى 50%حسب إحصاءات العام الدراسي 1413-1414هـ مع أن توفير البيئة المدرسية المهيأة تهيئة جيدة عامل مهم لجذب الطلاب وتمكينهم من الدراسة في جو مريح يساعد على التحصيل ،وهو أحد متطلبات الجودة الشاملة للتعليم.
5-ضعف روح المواطنة عند غالبية الطلاب وقلة المؤشرات التي تدل على شعور قوي بالانتماء إلى الوطن كياناً شاملاً ، والاعتزاز بقيم المجتمع ، وتجسيد ذلك الشعور عملاً وعطاءً يفيد الفرد في نفسه وأهله ومجتمعه (13).بل على العكس نجد أن الدراسة كشفت أن التعليم يعزز قيم واتجاهات غير دافعة للتنمية والإنتاج مثل السلبية ، والإتكالية ، والراحة ، والاستهلاكية ، والأنانية ، والإقليمية ، والواسطة والمحسوبية (14) هذا بالإضافة إلى الميوعة ، وعدم القدرة على ضبط السلوك ، وعدم تحمل المسؤولية وتقدير المواقف ، وافتقار الشباب إلى مهارات الاتصال وتكوين العلاقات الحسنة بل إن البعض منهم يفتقد حتى القدرة على المحادثة الشفوية بلباقة (15). ولمواجهة هذا القصور الواضح في نوعية التعليم تقوم حكوماتنا الغالية بوضع المشاريع الإصلاحية المستمرة للتعليم ،فيتم عقد اللقاءات والندوات والمؤتمرات التي تدرس كيفية تطوير التعليم وتجويده وإصلاحه وذلك على جميع المستويات : على مستوى الدولة(16) و على مستوى الوزارة(17)،و على مستوى المؤسسات والجمعيات(18) وذلك بهدف الوصول بمستوى التعليم إلى أعلى المستويات العالمية التي تنادي بالجودة الشاملة للتعليم ،فالعالم اليوم يعتنق مبدأ الجودة الشاملة، والعالم كله مشترك في سوق عالمية واحدة تتنافس فيها كل الدول ، وليس أمامها إلا تحقيق الجودة الشاملة الذي يتطلب أن ينجح نظام التعليم في تعظيم قدرة الإنسان المشارك في عملية التنمية . وإذا سمحنا لأنفسنا أن تكون قوتنا العاملة ليست على المستوى المطلوب من الخبرة والقدرة ، ولا تتمتع بمفاهيم الجودة الشاملة ، فإن أبناءنا لن يجدوا فرصة للعمل (19) ولن تكون لهم قيمتهم وسط المجتمع العالمي ،بل سيكونون عبء على المجتمع .
فالحاجة إلى تطبيق الجودة الشاملة في التعليم واضحة ولكن خصوصيتنا الإسلامية توجب علينا الأخذ بمفهوم الجودة الشاملة في التعليم بقالبه الإسلامي الصحيح ، لأنه مفهوم أصيل في ديننا الإسلامي الحنيف ينطلق من منظومة القيم الإسلامية الرصينة التي تمثل الدقة والإتقان في العمل جزء مهم منها ويظهر ذلك في عديد من النصوص القرآنية ، والأحاديث النبوية الشريفة مثل قوله تعالى :(البقرة 195) وقول الرسول r (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ) (20).
إلا أن مفهوم الجودة في وقتنا الحاضر أصبح ينسب إلى الفكر غير الإسلامي،لأن ظهور استعماله أقترن ببعض أسماء مفكرين اهتموا بتوضيح مفهوم الجودة وأبعاده ومضامينه ،ومبادئه ، وعناصره وأسسه ،وكان لهم السبق في تطبيق تلك الأسس والمبادئ وتطويرها ووضع المعايير التي تقاس بها تلك الجودة وتقيّم ومن هؤلاء المفكرين :إدوارد ديمنجEdward Deming ،,وفليب كروسبي Phlip Crosby . وهذا يؤكد ضرورة استفادتنا من الخبرة غير القليلة التي وصل إليها هؤلاء المفكرين ومرت بها الدول الأخرى خلال تطبيقها للجودة الشاملة ، مع الحرص على تأصيل أسس هذه الخبرة إسلامياً بالتعرف على مفهوم الجودة ،ثم أسس ومتطلبات الجودة في التعليم ومحاولة قراءتها قراءة إسلامية .
لذلك يأتي هذا البحث ليجيب على الأسئلة التالية :
1-ما مفهوم الجودة الشاملة في التعليم من منظور إسلامي ؟
2-ما المبادئ الأساسية للجودة الشاملة في التعليم من منظور إسلامي ؟.
3-ما متطلبات تطبيق الجودة الشاملة في التعليم من منظور إسلامي ؟.
أهداف البحث :
يهدف هذه البحث إلى قراءة مفهوم ومبادئ ومتطلبات الجودة الشاملة قراءة إسلامية كما يلي :
1- توضيح مفهوم الجودة في التعليم من منظور إسلامي .
2- التعريف بمبادئ الجودة من منظور إسلامي .
3- التعريف بمتطلبات الجودة من منظور إسلامي .