أحبتي في الله ...
الحياة إما للإنسان و إما عليه .. تمُر ساعاتها و لحظاتها .. و أيامُها و أعوامُها .. تمُر على الإنسان فتقُوده إلى المحبًّة و الرِضوان .. حتى يكون من أهل الفوز و الجِنان ..
أو تمُر عليه .. فتقوده إلى النيران .. و إلى غضب الواحد الديَّان ..
الحيآآآة .. إما ان تضحكك ساعة لتبكيكـ دهراً .. وإما ان تبكيك ساعة لتضحككـ دهراً ..
الحيآآآة إما نعمة للإنسان او نقمة عليه ..
هذه الحيآآآة .. التي عاشها الأولون .. وعاشها الآباء و الأجداد.. وعاشها السابقون .. و صاروا إلى الله عز وجل بما كانوا يفعلون ..
الحيآآآة معناها كل لحظة تعيشها .. و كل ساعة تقضيها ..
و نحن في هذه اللحظة نعيش حياة إما لنا و إما علينا ..
فالرجل الموفق السعيد .. من نظر في هذه الحياة و عَرف حقها و قدرها .. فهي و الله حيآآآة طالما أبكت أُناساً فما جَفَّت دموعهم .. وطالما أضحكت أُناساً فما رُدَّت عليهم ضحكاتهم ولا سرورهم ..
الحيآآآة أحبتي في الله .. جعلها الله عز وجل إبتلاءً و إختباراً .. وامتحاناً تظهر فيه حقائق العباد ..
ففائزٌ برحم الله سعيد .. و محرومٌ من رضوان الله شقيٌ طريد ..
كُل ساعة تعيشها إما ان يكون الله عز وجل راضِ عنك في هذه الساعة التي عشتها و إما العكس و العياذ بالله ... إما ان تقربك من الله و إما أن تبعدك من الله .. و قد تعيش لحظة واحدة .. من لحظات حُب الله و طاعته عز وجل .. تغفر بها سيئات الحياة .. و تُغفر بها ذنوب العُمُر .. و قد تعيش لحظة واحدة .. تتنكب فيها عن صراط الله .. و تبتعد فيها عن طاعة الله .. تكون سبباً في شقاء الانسان حياته كلها .. نسأل الله السلامة و العافية ..
فهذه الحياة فيها داعيان .. الأول داع الى رحم الله و رضوانه و محبته .. و أمّا الداعي الثاني فهو داعي الى ضد ذلك .. شهوة امارة بالسوء او نزوة داعية الى خاتمة السوء ..
فالانسان قد يعيش لحظة من حياته .. يبكي فيها بكاء الندم على التفرط في جنب ربه .. يبدل الله ببكائه سيئاته حسنات .. وكم من أُناس أذنبوا و كم من أُناس اساؤا و ابتعدو و اغتربوا عن ربهم .. فكانوا بعيدين عن رحمة الله .. غريبين عن رضوان الله .. و جائتهم تلك الساعة و اللحظة .. و هي التي نعنيها بالحياة الطيبة .. لكي تراق منهم دمعة الندم و يلتهب في القلب داعي الألم .. فيحس الإنسان انه قد طالت عن الله غربته وغيبته .. لكي يقول إني تائب الى الله منيب الى رحمته و رضوانه .. و هذه الساعة هي مفتاح السعادة للانسان .. ساعة الندم .. و كما يقول العلماء إن الانسان قد يذنب ذنوباً كثيرة .. و لكن إذا صدق ندمه و توبته بدل الله سيئاته حسنات .. و أصبحت حياته طيبة بطيب ذلك الندم .. و بصدق ما يجده في نفسه من الشدى و الألم .. نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يُحيي في قلوبنا هذا الداعي الى رحمته .. و هذا الألم الذي نحسه من التفريط في جنبه عز وجل ...
أحبتي في الله ....
كُل واحد منَّا نريده ان يسأل سؤالاً .. أن يسأل نفسه عن الليل و النّهار .. كم يسهر من الليالي !! و كم يقضي من الساعات !! كم ضحك في هذه الحياة !! و هل هذه الضحكة ترضي الله عز وجل عنه !!
و كم تمتع في هذه الحياة !! و هل هذه المتعة ترضي الله عز وجل عنه !! و كم !! وكم !! وكم !!!!
هو سؤال يسأل فيه نفسه .. قد يقول الانسان لماذا أسأل هذا السؤال ! نعم تسأل هذا السؤال لأنه ما من طرف عين و ما من لحظة تعيشها إلا و انت تتقلب في نعمة الله .. فلِما الحياء مع الله و الخجل مع الله ان يستشعر الانسان عظيم نعمته عليه ..لِما الحياء و الخجل أن نحس أننا نطْعم طعام الله .. و نستقي من شراب خلقه الله .. و اننا نستظل بسقفه .. و أننا نمشي على فراشه .. و أننا نتقلب في رحمته و نعمته ... فما الذي نقدمه في جنبه !!
مرت علي معلومة يقول فيها الأطباء .. ان في قلب الانسان مادة لو زادت 1% او نقصت مثل ذلك ..مات الانسان في لحظته .. فأي لطف ورحمة و أي حنان و عطف من الله عز وجل يتقلب فيه الانسان !..
يسأل الانسان عن رحمة الله فقط .. اذا اصبح الانسان وعقله و سمعه و بصره و قوته معه فمن الذي حفظ له كل ذلك !! المرضى على الأَسِرة البيضاء يتأوهون و يتألمون .. و الله يتحبب إلينا بهذه النعم .. صحة و سلامة و عافية .. كل ذلك فقط لكي نعيش هذه الحياة الطيبة ..
احبتي في الله ..
الله تعالى يريد من عبده أمرين :
الاول .. فعل فرائضه ... و الثاني.. ترك نواهيه و زواجره ..
و من قال إن القرب من الله عز وجل فيه الحياة الاليمة او فيه الضيق .. فقد اخطأ الظن بالله عز وجل ..
و الله اذا لم تطب الحياة بالقرب من الله فلن تطيب بشيء سواه .. و اذا ما طابت بفعل فرائض الله و ترك محارم الله فوالله ما طابت بشيء سواه .. و يجرب الانسان مُتع الحياة كلها ..فإنه و الله لن يجد اطيب من متعة العبودية لله عز وجل .. بفعل فرائضه و ترك محارمه ...
أخي .. أختي القارء لهذا الكلمات .. انت مأمور بأمرين : اما يأتيك العمل .. افعل او لا تفعل .. اذا جئت تفعل اي شيء في هذه الحياة فسأل نفسك .. هل الله أذن لك بفعل هذا الشيء او لم يأذن لك ! و ركز معي أي شيء تفعله ...فالأجساد و القلوب و الأرواح كلها مِلك لله عز وجل .. فينبغي لك اذا أردت أن تتقدم أو تتأخر تسأل نفسك .. هل الله راض عني اذا تقدمت! .. فليتقدم .. هل الله راض عني اذا تاخرت!.. فليتاخر .. فوالله ما تقدم انسان و لا تأخر و هو يرجوا رحمة الله إلا أسعده الله ..
فلذلك السعادة الحقيقية و الحياة الطيبة تكون بالقرب من الله .. القرب من ملك الملوك .. و جبار السماوات و الأرض .. الامر أمره و الخلق خلقه و التدبير تدبيره ..
و لذلك أيضاً تجد الانسان دائما في قلق و تعب .. تجد الشخص يتمتع بكل الشهوات .. و لكن و الله تجد ألذ الناس بالشهوات أكثرهم آلاماً نفسية .. و أكثرهم ضجر بالحياة .. و اذهب و اسأل عن أغنى الناس ..تجده اتعس الناس .. لماذا !!!! ... لان الله جعل راحة الأرواح في القرب منه .. ولذة الحياة في القرب منه .. و أنس الحياة في الأُنس به سبحانه و تعالى ..
و الله اذا بذل الانسان في تحصيل هذا كل اموال الدنيا ما استطاع إليها سبيلاً ..
الحياة الطيبة بالقرب من الله عز وجل ..
الحياة الهنيئة في القرب من الله عز وجل ..
إذا ما طابت الحياة بالقرب من الله ... فبمن تطيبـ ـ ـ ـ ـ !!!!
و أخيراً :
أخي .. أختي .. إليكـ هذه الهديه و قبلها هذا السؤال ..
أريد أن اسألك سؤالا ..تستعيد به حاسة ذاكرتك..
أين كنت ليلة النصف من شهر الله المحرم !
لعلك تذكر أكثر إن قلت لك ..
أنها ليلة رأس السنة الميلادية..
أين كنت ليلتها ؟؟
ماذا كنت تصنع في هذه الليلة ؟
هل تذكر ما الذى جرى في هذه الليلة ؟؟
هل تذكر ؟
ألم يذكرك صباح اليوم بشيئ جرى ليلتها ؟؟
درس بعنوان ** لماذا لا تخافون **
للشيخ : محمد حسين يعقوب
اللهم أنت أصلحت الصالحين فأصلح قلوبنا وأعلِ هممنا واجعلنا كما تريد لا كما نريد واجعل أنفاسنا وحركاتنا وسكناتنا وقفا عليك وخذ بأيدينا إليك.. ربنا لا تشغلنا بامور الدنيا عنك ...وارزقنا الهمة لتكون كل خطواتنا اليك ... اللهم آمين
أعتذر عن الخمول البيّن لكل ناظر .. و عذرنا ضعف و مشاكل حديثة في النظر
و لكن أكتفي بهذا القدر .. و أستغفر الله من كل ذنب و هدر
... فدعائكم ..