الاحساس بالذنب
يقول الإمام ابن القيم ( اصول المعاصي كلها ، كبارها وصغارها ، ثلاثة :
تعلق القلب بغير الله ، وطاعة القوة الغضبية ، والقوة الشهوانية ، وهي الشرك والظلم والفواحش).
فغاية التعلق بغير الله شرك وان يدعى معه اله آخر ،وغاية طاعة القوة الغضبية القتل وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنا ،ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلاثة في قوله (والذين لايدعون مع الله اله آخر ولايقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولايزنون )
هذه الأصول الواضحة لها فروع قد تخفى على الكثير فلا تشعر بإنها ذنوب يجب الإقلاع عنها ومن الناس من يموت الإحساس فيه حتى عن أصول المعاصي الواضحة فلا يشعر بشيء البتة.تلك القلوب التي غطاها الران فأصبحت بلا بصيرة ومات عندها الشعور فما عادت تحس بشيء.
الإحساس بالذنب احساس لاتعرفه إلا القلوب اليقظة و لا تنعم به القلوب الغافلة ولعل السبب الرئيسي في ذلك أنها الِفة المنكر والِفة العقوبة
وكانوا السلف يحسون بالذنب حتى يصلون إلى درجة قل من يصل فينا إليها وهي الخوف من عدم قبول الحسنات فيخبرناعنهم التابعي الجليل الحسن البصري يقول :"لقيت أقواما كانوا فيما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم الله عليكم ولقد لقيت أقواما كانوا من حسناتهم أشفق ألا تقبل منهم من سيئاتكم" احبائي ذلك جيل فريد لايتكرر ماهم كأحدنا يصلي ركيعات وينفق دراهم قليلة للدعوة يحسب أنه قد وصل.
أولئك كانوا أصحاب قلوب يقظة لايعرف الران إلى قلوبهم سبيلا وما أفسد شيء من حب الدنيا أجهزة الإحساس في قلوبهم حتى يصل الإحساس بأحدهم انه يتذكر ذنبا منذ اربعين سنة مازال يحس بأثره
فتأملوا معي مايرويه عبيد الله بن السري قول التابعي القدوة بن سيرين "إني لأعرف الذنب الذي حمل به علي الدين ماهو .قلت لرجل منذ اربعين سنة يامفلس" بالله يااخواني واخواتي من يستطيع أن يتذكر ذنب مضت عليه كل هذه السنين إلا انسان قلت ذنوبه واستطاع أن يحصيها لا اله إلا الله "قلت ذنوبهم فعرفوا من اين يؤتون وكثرت ذنوبي وذنوبكم فلسنا ندري من اين نؤتى"
هكذا كانوا يحسون بالذنب فيربطونه بالبلاء الذي يصيبهم فما يرويه ابن الجوزي"عن بعض السلف أن رجلا شتمه ،فوضع خده على الأرض وقال :اللهم اغفر لي الذنب الذي سلطت هذا به علي "
وحتى إذا لم يوفقوا لطاعة ربطوا ذلك بذنب ربما اقترفوه فعن أبي داود الحفري قال"دخلت على كرز بن وبرة بيته فإذا هويبكي فقيل له مايبكيك ؟ قال: إن بابي لمغلق ،وإن ستري لمسبل ،ومنعت جزئي البارحة أن اقرأه وماهو إلا من ذنب اذنبته"
احبائي إن قوم هذا شأنهم يستحقوا أن يصفهم الشهيد المفسر سعيد بن جبير بانهم من اعبد الناس ذلك عندما قيل له "من اعبد الناس ؟قال:رجل اجترح من الذنوب ،فكلما ذكر ذنبه احتقر عمله" هذا فيمن اقترف ذنبا فكيف فيمن لم يقترف ذنبا ويبكي فوات العمل الصالح لظنه أن تلك عقوبة لاقترافه الذنوب
فأين قساة القلوب من الدعاة من هؤلاء أفنطلب بعد ذلك نصرا على الباطل ونحن على هذه الحال؟؟
اللهم اغفر لنا كل ذنب ..اللهم لاتعود جوارحنا على المعاصي
اللهم إنا نعوذ بك يارحيم يارحمن من أن تعتاد قلوبنا وعروقنا وحواسنا على الذنوب
يامغيث اغثنا يامغيث اغثنا يامغيث اغثنا
الموضوع مقتبس من كتاب واحات الإيمان
مع بعض الاضافات اسأل الله أن ينفعني وإياكم بها