إذا جالستَ الناس فكن واعظاً لقلبك، فالخلق يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك، ومن صحح باطنه في المراقبة والإخلاص زين الله ظاهره في المجاهدة والفلاح....
والتعرف على حق الله وعظيم فضله ومَنِّه وتذكر كثرة نعمه وآلائه يطأطىء الرأس للجبار جل وعلا، ويدرك المرء معه تقصيره على شكر النعم، وأنه لا نجاة إلا الرجوع إليه، وأن يُطاعَ فلا يُعصى، وأن يُشْكَرَ فلا يُكْفَر،،،
يقول أهل العلم: ( بداية المحاسبة أن تقايس بين نعمته عز وجل وجنايتك، فحينئذ يظهر لك التفاوت، وتعلم أنه ليس إلا عفوه ورحمته أو الهلاك والعطب ).
وتفقد عيوب النفس يزكيها ويطهرها، قال سبحانه: قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) [الشمس:10،9]
يقول مالك بن دينار: ( رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟! ألست صاحبة كذا؟! ثم زمَّها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب ربها، فكان لها قائداً )
وإن أضرَّ ما على المكلف إهمال النفسوترك محاسبتهاوالاسترسال خلف شهواتها حتى تهلك، وهذا حال أهل الغرور الذين يغمضون عيونهم عن المعاصي ويتكلون على العفو، وإذا فعلوا ذلك سهُلت عليهم مواقعة الذنوب والأنس بها والله يقول: يَأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ [الانفطار:6]
ويقول الحسن البصري رحمه الله:
( لا يليق بالمؤمن إلا أن يعاتب نفسه فيقول لها: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ وأما الفاجر فيمضي قدماً لا يعاقب نفسه )
والمؤمن قوام على نفسه يحاسبها، قال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُم طَائِفٌ مِّنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبصِرُونَ [الأعراف:201]
وإنما خفَّ الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وشق الحساب على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، فتوق الوقوع في الزلة، فترك الذنب أيسر من طلب التوبة، وأنبها على التقصير في الطاعات، فالأيام لا تدوم، ولا تعلم متى تكون عن الدنيا راحلاً،
وخاطب نفسك دائماً:
ماذا قدَّمتَ في مامضى من العمر ؟ وماذا أعددت لما هو باقٍ منهُ؟
يقول الفاروق : ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا )
اللهم آتِ أنُفسنا تقواها وزكِّها أنت خيرُ من زكّاها أنت وليُّها ومولاها..
يا أرحم الرّاحمين
منقول بتصرف