العلاقة بين الوراثـــة والداء السكري حقيقة أم وهم؟؟
يعتبر الداء السكري من الأمراض الأكثر شيوعاً في مجتمعاتنا العربية عموماً والخليجية بشكل خاص، إذ تقدر نسبة حدوث الداء السكري بين سكان دولة قطر مثلاً بـ 11-15% ،وهي نسبة كبيرة حيث أن نسبة الداء السكري في الولايات المتحدة الأمريكية والسويد هي 2% في كل من هذين البلدين، كما أن الداء السكري ليس مرضاً متجانساً، فهو وإن كان يتميز بحدوث اضطراب في إستقلاب السكريات، ويؤدي لحدوث إختلاطات كثيرة تصيب القلب والشرايين والعيون والكلى والأعصاب، إلا أن له أشكالاً متعددة وطرقاً علاجية مختلفة. ومن الناحية المخبرية يمكننا القول إن شخصاً ما لديه مرض السكري إذا أظهر فحص الدم الوريدي المأخوذ بعد صيام المريض أن نسبة السكر في الدم تزيد على 8ر7 ميلي مول في الليتر أو140 ملغ في الديسي ليتر، على أن تكون هذه القيم ثابتة في فحصين مخبريين إثنين على الأقل.
ويمكن تصنيف الداء السكري إلى نوعين إثنين رئيسيين وهما:
1- الداء السكري من النموذج الأول ويسمى بالداء السكري الشبابي أو المعتمد في علاجه على الأنسولين.
2- الداء السكري من النموذج الثاني ويسمى بالداء السكري عند الكهول أو الذي لا يعتمد في علاجه على الأنسولين.
وتلعب المناعة الذاتية والوراثية دوراً هاماً في القضاء على خلايا بيتا المصنعة للأنسولين في غدة البنكرياس عند مرضى الداء السكري الشبابي(النوع الأول)، لقد تمكن العلماء من تحديد مكان وجود المورثة الخاصة بالداء السكري الشبابي، والتي تكون عادة موجودة على الكروموزوم أو الصبغي رقم 6 في نواة الخلية. وعلى الرغم من الدور الكبير والحيوي الذي تلعبه الوراثة في حدوث النوع الاول أو الشبابي من الداء السكري، إذ تزداد نسبة المرض في العائلة الواحدة المصابة وخاصة عند التوائم في هذه العائلة لتصل إلى نسبة 33% ،إلا أن الوراثة ليست هي العامل الوحيد في الآلية الإمراضية، فلقد وجد مثلاً" أن مساهمة الإلتهابات الفيروسية في تخريب غدة البنكرياس عند هؤلاء المرضى هي كبيرة فعلاً وغالبا ماتكون البيئة هي المصدر في هذه الانتانات الفيروسية. أما بالنسبة للنوع الثاني من الداء السكري والذي يسمى بالداء السكري عند الكهول، وهو النوع الذي لا يعتمد على الأنسولين، فإن أسباب حدوثه هي غير واضحة حتى الآن وذلك على الرغم من وجود زيادة في نسبة حدوثه لدى أولاد العائلة المصابة، وكذلك لدى أطفال الاشخاص المنحدرين من عائلة واحدة مصابة، ونتيجة لزواج الأقارب، بالإضافة إلى ما سبق فإنه لم يتم حتى الآن تحديد المورثة أو العامل الوراثي المسؤول عن هذا النوع من الداء السكري، ولا تزال الأبحاث العلمية جارية في هذا المجال. نعود الآن للإجابة عن السؤال الذي تطرحه هذه المقالة وهو:
ما هي العلاقة بين العوامل الوراثية والداء السكري؟
ومما سبق يتبين لنا وبما لا يدع مجالاً للشك أن للوراثة دوراً هاماً وأساسياً في حدوث الداء السكري، ولكن هذا الدور ليس هو الوحيد بل لابد من توافر عوامل أخرى مساعدة بيئية من أجل حدوث المرض- هذه العوامل البيئية المساعدة على حدوث مرض السكري هي السمنة المفرطة، النظام الغذائي الخاطئ المعتمد على الإكثار من السكريات والنشويات، قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة، وكذلك بعض الأمراض الفيروسية التي يعتقد أنها تؤثر في حدوث النوع الأول من الداء السكري.
لذلك ينصح معظم الأطباء والباحثين الأخصائيين الناس بوقاية أنفسهم من الإصابة بمرض السكري عن طريق اجتناب التزاوج بين أقارب العائلات المصابة بالسكري، بالإضافة إلى تقليل تأثير العوامل البيئية المساعدة وذلك عن طريق اتباع نظام غذائي متوازن وفقير بالسكريات والنشويات والشحوم، تجنب وعلاج السمنة المفرطة، واتباع نظام حياتي صحي تكون الرياضة اليومية والحركة المستمرة جزءاً أساسياً منه. أما تجنب حدوث الاختلاطات الناجمة عن مرض السكري فيكون عن طريق التشخيص المبكر، والتقيد بالعلاج الصحيح، والاستمرار عليه، بالإضافة إلى اتباع حمية غذائية خاصة يحددها الطبيب المعالج وأخصائي التغذية.
( مجلة الصحة )