السلطان الهندي «أورنك زيب عالم كير»
هو السلطان المجاهد المنصور أبو المظفر ميحي الدين محمد أوزبك زيب عالم كير، سلطان الهند الكبرى، وأعظم من حكم مملكة الهند الإسلامية في أقصى اتساعها، ولد سنة 1028هـ، في بيت الملك، فهو سلطان أبًا عن جد وتولى السلطنة سنة 1068هـ، بعد معارك طويلة مع إخوته بسبب فسادهم، وكان «عالم كير» مثالاً للسلطان المسلم من طراز الخلفاء الأوائل، فلقد كان عالمًا دينًا تقيًا متورعًا متصلبًا في المذهب الحنفي وصنف كتابه الشهير «الفتاوى الهندية» الذي ما زال يدرس لوقتنا الحالي لطلبة الفقه الحنفي([1]).
وكان من المجتهدين في العبادة، مكثرًا في نوافل الطاعات، مجافيًا للمعصية وأهلها، موزعًا لأوقاته، فوقت للعبادة، ووقت للمذاكرة، ووقت لمصالح العسكر، ووقت لأصحاب الحاجات ووقت لمجلس الأمراء والوافدين، وهكذا لم يعرف فراغًا ولا لهوًا طوال حياته.
ولقد كان «عالم كير» سنيًا على مذهب أهل السنة والجماعة، شديدًا على الروافض، حتى أنه قد حرَّم عليهم الانضمام للجيش، واجتهد في إخراج الهندوس من وظائف الدولة، وألزمهم الجزية، وهدم معابدهم، بعدما استطالوا وقويت شوكتهم أيام جده «أكبر شاه»، ومن أجل ذلك دخل مع الهندوس في حروب طويلة ألجأته للتعاون مع الإنجليز الذين أظهروا في بداية قدومهم للهند تعاونهم مع المسلمين حكام البلاد ضد الهندوس دائمي الثورة ضد المسلمين، وظل عالم كير طوال فترة حكمه الطويلة مهتمًا بإقرار السلام ونشر الإسلام في أنحاء الهند الواسعة حتى توفي في 30 محرم سنة 1119هـ وبوفاته بدأ سلطان المسلمين بالهند في الأفول.
([1]) راجع: الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام، التاريخ الإسلامي، أطلس تاريخ الإسلام، تاريخ المسلمين في شبه القارة الهندية