"بسم الله الرحمن الرحيم"
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله"
""وبعد:""
هل ذقت لذة العطاء؟
ما أجمل تلك اللحظة التي تصلنا فيها هدية من قريب أو من صديق أو من حبيب لا شك كلٌ منا يعرف أو ذاق روعة تلك اللحظة "وجمال ذلك الشعور" لا يهم قيمة الهدية ولا مضمونها "
كيفما كانت يكون لها وقع في النفس وفرح في القلب..
الطفل وهو في شدة بكاءه نعطيه حلوى فيهدأ ويسكن وتزهوا ابتسامته من بين الدموع..
الزوجة قد يجرحها زوجها ويؤلم قلبها لكنه عندما يرضيها بهدية تنسى جرحها وألمها وترضى بعدها عن زوجها..
كل من بدر منا إساءة له بقصد أو بغير قصد ثم أصابنا من جراء تلك الإساءة حزن في القلب وتأنيب في الضمير نرى أنه لا تكفي كلمة الإعتذار وحدها لتمحو إساءتنا بل نصحبها بهدية أو عطية تعبر عن مدى طلبنا لعفوٍ وسماحٍ نابعٍ من أعماق من أسأنا إليهم . ولن تهدأ ضمائرنا حتى نرى ابتسامة الرضى قد لاحت على ملامحهم..
ومهما كان شعور الأخذ والتلقي جميلاً .. إلا أن شعور العطاء والبذل هو أجمل وأروع ... فهل ذقت لذة العطاء؟
أنظر حولك..
كم من الناس من هو بحاجة إلى شيء منك .. أي شيء..
ذاك الفقير المهموم الذي يصبح ويمسي وهو يحمل هم لقمة العيش كيف ومن أين يجلبها لأهله ولا أحد يشعر بمدى معاناته لأنه عزيز النفس لا يظهر حاجته للناس بل يبدو لهم بهيئة الرضى والسعادة مخفياً خلفها هموم لا تقوى الجبال على حملها ، كيف ستكون سعادته إن شعرت أنت به وأعطيته شيئاً مما يخفف عنه هذا الهم ويجلب له السرور ويشعره بأن الدنيا لا زالت بخير وأن الناس لا زال فيهم من يشعر بالغير ويحب الخير ..
بل كيف سيكون شعورك أنت عندما ترى أنك نفست كربته وأسعدت قلبه .. حينها قلبك هو من سيسعد
شعور لا يوصف "راحة تملأ القلب" .. "ونشوة تشرح الصدر"...
ذلك الشيخ الكبير الذي يشعر بأنه أصبح وحيداً لا يحب الناس مجالسته ، ولا يهتم أحدٌ بمحادثته وتسلية خاطرة... سيفرح منك كثيراً ويستأنس بك إن أعطيته شيئاً من وقتك أو جاملته قليلاً بحديثك وأدخلت السرور على قلبه وأشعرته بأنه لا زال موجوداً يحبه الآخرون ويهتمون بوجوده... أنت حينها ستذوق لذة العطاء المعنوي التي لا يعدلها لذة ...
المريض الذي يتصارع مع ألامه ويكابد أحزانه يحتاج إلى أن تخفف عنه شيئاً من الألم الذي أقض مضجعه بكلمة طيبة تزرع في قلبه روح التفاءل والأمل ,, حينها كم ستسعد أنت إن سكن ألمه وهدأ وجعه بسبب ما واسيته ومنحته من عطاءك المعنوي...
"كن معطاءاً"
فكر كثيراً بالآخرين
وانسى قليلاً نفسك....
شاركهم همومهم
كي تنسى همك....
اشعر بمعاناتهم
ازرع البسمة في وجوههم
قدم لهم شيئاً مما عندك....
أدخل الفرح إلى قلوبهم
كي يسعد قلبك ....
كن معهم والله سيكون معك....
ذق لذة العطاء لا تحرم منها نفسك....
من كان جاهلاً بشيء أنت تعلمه فلا تبخل عليه وأنر عقله وقلبه بشيء من العلم الذي عندك...
من كان عاجزاً عن فعل شيء أنت تقدر عليه فامنحه شيئاً من قدرتك...
واعلم وتيقن أنك بقدر ما تعطي عطاءً مادياً كان أو معنوياً ستلقى عليه جزاءً وحظاً وافراً من الله (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ) وإن كنت قد نسيت جميلاً أسديته إلى أحد من خلق الله فإن الخالق لا ينسى جميلك إن دق أو كبر ,,, وإن كنت تعطي الناس على قدرك فالله سيعطيك على قدره....قال عليه الصلاة والسلام ( الخلق كلهم عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله) أي أنهم عالة على الله والله يحب منهم من يكون نافعاً ومعطاءً لهم..
فذق لذة العطاء ولا تحرم منها نفسك