هل يثاب الكافر على عمله من فعل الطاعات؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد :
إن الأخوة الذين يقابلون غيرهم من غير المسلمين وخاصة في غير العالم الإسلامي يحتاجون أن يعلموا أن الكافر يثاب على بعض أعماله التي عملها وأنها تنفعه في الآخرة إذا أسلم ، لذا أحببت إحاطة الأخوة وخاصة الدعاة بهذه الفائدة ، وذلك لاحاطة الكافر أثناء دعوته للإسلام بذلك وأنصح الداعية لغير المسلمين أن يكون فطنا باختيار العبارات المناسبة التي تجذب المدعو لاتباع الحق ..
لا خلاف أن الكافر إذا مات يعذب على كفره، وأن الطاعات لا تنفعه في الآخرة إن مات كافراً، وأما الطاعات التي يفعلها في الدنيا فإنها لا تخلوا إما أن تكون مما يشترط لها النية، فهذه لا تنفع صاحبها إلا بنية صالحة وإيمان.
وأما الطاعات التي لا يشترط لها النية مثل الضيافة، وصلة الرحم، والإعتاق، والإقراض، والعارية، ونحوها، فإنه إن مات لا ثواب له في الآخرة، ولكن قد يوسع الله عليه الرزق والعيش، وإن أسلم بعد ذلك نفعته .
انظر شرح صحيح مسلم 2/140- 142 للإمام النووي ، وانظر فتح الباري 1/99- 100 للحافظ بن حجر ، وانظر المجموع شرح المهذب 3/4-5 للإمام النووي أيضا .
1- عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أرأيت أشياء كنت أتحنث بها في الجاهلية، من صدقة، أو عتاقة، وصلة رحم، فهل فيها من أجر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أسلمت على ما سلف من خير" . رواه البخاري 2/521 كتاب الزكاة، باب من تصدق في الشرك ثم أسلم .
ومعنى الحديث أن الخير الذي قدمه قبل إسلامه كُتب له، ويكون تقدير الحديث: أسلمت على قبول ما سلف لك من خير .
2- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة كان أزلفها، ومحيت عنه كل سيئة كان أزلفها" . سنن النسائي 8/105- 106 كتاب الإيمان وشرائعه، باب حسن إسلام المرء ، صحح الحديث الألباني في صحيح سنن النسائي 3/1028 .
(الصواب الذي عليه المحققون- بل نقل بعضهم فيه الإجماع- أن الكافر إذا فعل أفعالاً جميلة كالصدقة، وصلة الرحم، ثم أسلم، ومات على الإسلام، أن ثواب ذلك يكتب له، وأما دعوى أنه مخالف للقواعد فغير مسلّم، لأنه قد يعتد ببعض أفعال الكافر في الدنيا، ككفارة الظهار، فإنه لا يلزمه إعادتها إذا أسلم وتجزئه) . فتح الباري 1/99 للحافظ ابن حجر .
وإذا علم الكافر أن عمله وهو على كفره من أعمال البر والإحسان ينفعه إن أسلم، وأن الله سيجازيه على إحسانه، رغب الكافر بالإسلام خوفاً من فوات الأجر والثواب عند الله في الآخرة، والكتابي إذا علم أن الله سيعطيه أجرين على الإيمان بالكتاب السابق والنبي السابق، وعلى إيمانه بالكتاب اللاحق والنبي اللاحق رغب أيضاً بالإسلام. والله أعلم .