قلت : هل للخيانة طعم ؟
قالت دون تردد : ما هو أسوأ طعم يمكن أن تتخيله ؟ العلقم ؟ هو فوق ذلك ..
قلت : هل تسامحين مَنْ يخونك ؟
قالت : إطلاقاً ..
قلت : التسامح من صفات الكبار ..
قالت بعناد : أتضاءل عندما أتذوق طعم الخيانة .. و , أتمدد بمساحة الوديان إن تفيَّاْتُ ظلال الوفاء و الإخلاص و التفاني ..
قلت لها : الخطأ من شيم الإنسان ..
قالت : الخطأ في العلاقات الإنسانية يمكن تلافيها بالإعتذار .. إلا الخيانة في العلاقة بين الرجل و المرأة .. تلك العلاقة المقدسة التي من شأن أي خلل فيها أن يصيب العلاقة في مقتل ناهيك عن الخيانة التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى الموت .. نعم الموت ..
قلت : هناك حالات كثيرة تعاتَب فيها الزوجان ثم يلتئم الجرح فترجع المياه إلى مجاريها ..
قالت مقاطعة : كاذبة من تقول أن المياه رجعتْ إلى مجاريها .. مياه العلاقة بعد الخيانة تماماً كالدواء المر الذي نتناوله مرغمين .. و أي إمرأة تسامح رجلاً خانها فهي إما مجبورة على العيش معه أو هي ربما تنوي رد الطعنة له بخنجر خيانة أشد إيلاماً .. أو ربما الحياة معه أو بدونه سيان .. في كل الأحوال لا أحترم إمرأة على هذه الشاكلة .. أحترم إمرأة تقطع دابر الخيانة و تستأصل ورمه للأبد ..
قلت لها : أينطبق هذا على إمرأة خانت زوجها ؟
قالت بحزم : نعم .. نعم .. مقترف الخيانة لا يستحق صاحبه بتاتاً .. هذا عبث بمواثيق هي أمتن من المواثيق المكتوبة في الأضابير و الورق .. لأنها مواثيق مختلطة بالدم و هواء الشهيق و الزفير ..
قلت لها : هناك من يمزق المواثيق و يعود ليكتب ميثاقاً جديداً .. فقد تكون الظروف وقت الخيانة غير مواتية أو ساعدتْ على الخيانة ..
قالت محتدة : الظروف الوحيدة التي تساعد على الخيانة هي أن صاحبها مهيأ لذلك .. و أن صاحبها وقت الخيانة كان قد نسي أو تناسى مواثيق علاقته مع الآخر .. و إنجرف كالأعمى وراء شهواته و غرائزه ..
قلت لها : أيهما أشد وقعاً ؟ أن تكتشفي الخيانة بنفسك أم تلك التي يعترف لك بها الخائن ؟
قالت : الخيانتان وجهان لعملة واحدة .. فالتي إكتشفها تجعلني أرحل بصمت و بإحتقار .. و التي يعترف لي بها لا أتصور كيف سأواجهه .. ربما أهون الأمور أن أبصق على وجهه و أوليه ظهري ..
قلت لها : هذه قسوة متناهية ..
قالت : أتقصد أن تستفزني ؟ إن كانت ردة فعلي قسوة .. فبماذا تنعتْ الخيانة ؟
قلت : الخيانة خنجر في الظهر مسموم .. و لكن لا زلت مصراً على التسامح ..
قالت : أقول لك شيئاً أحسم به حديثنا هذا .. التسامح بعد الخيانة فيه شيء من الحيوانية.
قلت : كيف ؟
قالت : الحيوان وحده هو الذي يغض الطرف عن علاقات الآخر تحت سمعه و بصره لأنه لا يعتبرها خيانة بل يعتبرها مشاركة كمشاركة الكلأ و الماء و المرعى الفسيح و يعتبرها تقاسم للمتاح .. التسامح يعني أن نكون هكذا ..
لا تنسى أن بعض الحيوانات التي تعيش في قطيع لا ترضى بالدخلاء ضمن نطاقها.. فكيف ببني البشر ؟ أي تسامح هذا الذي تصر عليه ؟
قلت : لنا عودة ..