المديد
سمى مديداً لأن الأسباب امتدت فى أجزائه السباعية فصار أحدهما فى أول الجزء والآخر فى آخره ، فلما امتدت الأسباب فى أجزائه سمى مديداً، وقيل لامتداد سببين فى طرفي كل جزء من أجزائه السباعية. وحكى الأخفش عن الخليل أنه قال : سمى مديداً لامتداد سباعيه حول خماسيه ... وخماسيه حول سباعيه. وقيل إنما سمى مديداً من المادة التى هى أصل الشئ ، فلما كان أول أجزائه وهو "لن" منفكاً من أول تفاعيل الطويل كان كأنه ممتد من الطويل.
المديد التام : لا يستعمل المديد إلا مجزوءاً ، ولكنه مركب فى أصل الدائرة من ثمانية أجزاء ، وهى فاعلاتن فاعلن أربع مرات ويدل على أنه ثماني رجوع بعض الشعراء إلى الثمانية ، لكن وصفه العروضيون بالشذوذ فى هذه الحالة, فهذا ابن القطاعيقول:"وقد شذ تام المديد ، نحو قول أخت تأبط شراً:
ليت سعري ضلة أى شئ قتلك ........ أمريض لم تعد أم عدو ختلك
ثم قال : إنها جاءت مصرعة كلها مخبونة العروض والضرب، ونقل الدماميني عن الصفا قصي قال :"وقد شذ استعماله تاماً ، أنشد ابن زيدان:
إنه لو ذاق للحب طعماً ما هجر ............. كل عز فى الهوى أنت فيه فى غرر
ثم قال : ويمكن أن يقال فى هذا أنه من الرباعي فيكونان بيتين ، واعترض بأنه لم يلزم فى وسط بقية الأبيات روياً لأن بعد البيتين
ليس من يشكو إلى أهله طول الكرى ............... مثل من يشكو إلى أهله طول السهر
سح لما نفد الصــبر منه أدمعاً ................. كجمان خانة سلك عقد فانتثر
لا تلمه إن شكى ما يلاقى أو بكى .............. وامتحن باطنه بالذى منه ظهر
هذه الأبيات يمكن أن نعدها من تام المديد ، أما أبيات أخت تأبط شراً ففيها ثلاثة مذاهب:
الأول : على أنه شاذ تام ، وأن القصيدة مصرعة .
الثاني : أنه مما ورد من استعماله مربعاً .
الثالث : وهو مذهب الزجاج أن هذه القصيدة من الرمل المجزوء ، عروضها وضربها محذوفان . وقال بعضهم هو قياس مذهب الخليل، والحمل عليه أولى من الحمل على تمام المديد ، لأنه يلزم عليه شذوذان :
الأول : مجيئ المديد تاماً والثاني التزام التصريع فى القصيدة.
وقد رجح أنه من مشطور المديد أستاذنا الدكتور أحمد عبد الدايم وجعله ضرباً سابعاً للمديد.
وقد نتساءل : ما الذى يمنع مجيئ المديد تاماً ؟!
قيل : إنما لم يستعمل تاماً لئلا يقع "فاعلن" فى آخره ، ولا يقع آخر شئ من الشعر إلا ساقطاً منه شئ أو منقولاً من جزء سقط منه شئ ، فيوهم وقوعه فى المديد النقل عملاً بالاستقراء فيكون حينئذ أصله أزيد من ثمانية وأربعين حرفاً وهو محذور يتقى.
وقد اعترض على ذلك بالبسيط فإنه يجب خبنه ، وحينئذ يرتفع الأيهام . ورد على ذلك بأن فاعلن فى البسيط إذا حذفت ألفه لم يكن قبلها ساكن سبب يعاقبها ، وفاعلن فى المديد قبله ساكن سبب يعاقب ألفه ، فلو حذفت ألفه لزم أن لا يحذف الساكن قبله أبداً وحينئذ يعود المعاقب غير معاقب.
* المديد المجزوء : يجعل العروضيون للمديد ثلاثة أعاريض وستة أضرب :
أ- العروض الأولى: صحيحة ولها ضرب واحد مثلها، ومثاله:
يالبكر أنشروا لي كليباً يا لبكر أين أين الفرار
وتقطيعه :
يا لبكرن-أنشروا-لىكليبن يالبكرن-أين أى-نلفرارو
/ه//ه/ه-/ه//ه-/ه//ه/ه /ه//ه/ه-/ه//ه-/ه//ه/ه
فاعلاتن-فاعلن-فاعلاتن فاعلاتن-فاعلن-فاعلاتن
ب- العروض الثانية : محذوفة ولها ثلاثة أضرب :
1. الضرب الأول : مقصور "فاعلانْ" والردف لا زم له ، ومثاله:
لا يغرن امرءاً عيشه كل عيش صائر للزوال
وتقطيعه :
لايغررن-نمرأن-عيشهو كللعيشن-صائرن-لززوالْ
/ه//ه/ه-/ه//ه-/ه//ه-/ه//ه/ه-/ه//ه-/ه//هه
فاعلاتن-فاعلن-فاعلن فاعلاتن-فاعلن-فاعلانْ
2. الضرب الثاني : محذوف مثل العروض "فاعلن" ومثاله:
اعلموا أني لكم حافظ شاهداً ما كنت أو غائباً
وتقطيعه :
اعلموأنـ-نيلكم-حافظن شاهدن ما-كنت أو-غائبا
/ه//ه/ه-/ه//ه-/ه//ه /ه//ه/ه-/ه//ه-/ه//ه
فاعلاتن-فاعلن-فاعلن فاعلاتن-فاعلن-فاعلن
3. الضرب الثالث : محذوف مقطوع "فعْلن" ، ومجموع الحذف والقطع يسمى البتر ، فهو ضرب أبتر(منهم من لا يطلق لفظ البتر إلا على اجتماع الحذف والقطع فى فعولن، ولذلك يطلقون على هذا الضرب محذوفاً مقطوعاً ، انظر الدر النضيد ص 204 .)ومثاله:
إنما الذلفاء ياقوتة أخرجت من كيس دهقان
وتقطيعه :
اننمذذول-فاءيا-قوتتن أخرجت من-كيس دهـ-قانى
/ه//ه/ه-/ه//ه-/ه//ه /ه//ه/ه-/ه//ه-/ه/ه
فاعلاتن-فاعلن-فاعلن فاعلاتن-فاعلن-فعْلن
ج- العروض الثالثة : محذوفة مخبونة "فَعِلُن" ، ولها ضربان :
1. الضرب الأول : محذوف مخبون مثلها "فَعِلُن"، ومثاله:
للفتى عقل يعيش به ...... حيث تهدى ساقه قدمه
وتقطيعه :
للفتىعقـ-لنيعيـ-شبهى حيثتهدى-ساقهو-قدمه
/ه//ه/ه-/ه//ه-///ه /ه//ه/ه-/ه//ه-///ه
فاعلاتن-فاعلن-فعلن فاعلاتن-فاعلن-فعلن
2. الضرب الثاني : محذوف مقطوع "فعْلن" ومثاله:
رب نار بت أرمقها ............. تقضم الهندى والغارا
وتقطيعه :
ربب نارن-بتت أر-مقها-تقضمل هنـ-دىيول-غارا
/ه//ه/ه-/ه//ه-///ه-/ه//ه/ه-/ه//ه-/ه/ه
فاعلاتن-فاعلن-فعِلُن فاعلاتن-فاعلن-فَعْلن
فإذا وصلنا إلى حازم القرطاجني وجدنا أنه تناول المديد تناولاً مقتضباً ، وهو يجعل أصل بنائه على أربعة أجزاء فى كل شطر ، ويلفت النظر إلى التزام حذف جزء من عروضه وضربه ، يقول : "إن أصل بنائه على أربعة أجزاء فى كل شطر، إلا أنهم التزموا حذف جزء من عروضه وجزء من ضربه وهو "فاعلن" فصار الشطر فاعلاتن-فاعلن-فاعلاتن نحو قول مهلهل :
يالبكر أنشورا لى كليباً