المرأة وطن
في مصر القديمة أمن المرأة كان مقياس لأمن البلاد !!
بقيت مصر غارقة فى حلمها الوردى طويلا , ملتفة بعباءة محبتها طويلا .حين كان الآخرون يدفنون النساء أحياء إذا مات الزوج , أو السيد كان بتاح حتب يقول: أسعد قلب زوجتك وإشتر لها الهد
ايا والعطور .
وحين كان الآخرون يتساءلون , هل المرأة كائن إنسانى أم لا
كان رمسيس الثاني يقول عن نفرتارى
أنها أجمل الجميلات , سيدة القصر ,الجميلة التى يبعث صوتها الموتى أحياء من جديد .وهناك نصان لرمسيس الثالث ينبغى لنا أن نتأملهما ونقف عندهما قليلا ففى أول توليه العرش حاول الأعداء غزو مصر من الشرق , فهزمهم رمسيس الثالث وترك لنا هذا النص الذى أقتبس بعضا منه"...أما أولئك الذين قاموا بغزو حدوده فإن جلالته إنقض عليهم كما يسرى اللهب فى اليابس من العشب , إنهم يرفرفون كما يرفرف الطائرفى الشبكة وسيقانهم تحاول التخلص من السلال .إن أرض مصر تعيش بقلب لا يعرف التنغيص, وتستطيع المرأة أن تذهب حيثما تريد وخمارها على رأسها .... تستطيع أن تذهب إلى أبعد مكان تريد الذهاب إليه "فالأمن فى مصر كان لا يقاس بعدد الجنود , ولا بأمن الملك وعلية القوم , وإنما بأمن المرأة . فإن لم تشعر المرأة بالأمن فما أدى جلالته واجبه .الأمن فى الطريق , والأمن فى السفر . وقبل كل شئ أن يكون هذا الأمن ليس مجرد كلام يقال , وإنما واقع تعيشه المرأة كل يوم .
وفى النص الآخر أكثر ما يفخر به رمسيس الثالث هو الأمن وشئ آخر سيخبرنا عنه"لقد جعلت الأشجار المورقة تنمو فى الأرض كلها , وتركت الناس يجلسون فى ظلها . أما الأمن فقد إستقر حتى أن المرأة فى مصر كانت تستطيع أن تسير إلى المكان الذى تقصده , دون أن يعترض طريقها الأشرار ."
ونلاحظ فى هذا النص مدى الرقى السياسى والأخلاقى الذى كان سائدا . فمهمة الملك هى إسعاد شعبه , والعمل على راحته .فهو يزرع لهم الأشجار المورقة , ويتركهم يجلسون فى ظلها أما الأمن , فهو أن تشعر كل إمرأة أنها آمنة على الطريق . أن لا يكون هناك توقع بأن ينغص أمنها ولا سلامها أحد من الأشرار . ولا ندعى أن كل الملوك قد إستطاعوا تحقيق هذا المستوى من الأمن ولكن يمكننا القول أن كلهم كان عندهم المفهوم الصحيح للسلطة .كلهم كان عنهم الشعور بالمسؤولية . فهناك نص غير مشهور ل "ست نخت " وهو والد رمسيس الثالث يصف فيه فشله . ويجب أن نقف هنا عند هذه الفكرة , ملك يشعر بالتقصير , فلا يكابر , ولا يحاول تجميل الوضع , وإنما يأمر بكتابة نص يسجل فيه هذا التقصير . هل هناك ما هو أرقى من هذا .
يقول ست نخت"لقد خذلت أرض مصر. إن كل رجل يُعتَبر راعى نفسه وليس لهم كبير . البلاد إمارات وإقطاعات, والواحد يقتل الآخر سواء أكان نبيلا أم وضيعا "هل هناك مسؤولية سياسية أكثر من هذا , أن يسجل كل إخفاقاته بصدق ,وبدون تجميل ويعترف بها .
وحين لم يكن هناك فى أى مكان مصطلح حقوق المرأة , كان هناك فى مصر عقد زواج موثق , وكان هناك نفقة للزوجة المطلقة , بل ونفقة لزينتها . بقى المصرى يسمى بناته ست الدار " و " ست أبوها "و" ست إخواتها " .
عاشت مصر هذا الحلم طويلا , حتى أفاقت على الزلزال الرومانى الذى لم يطح فقط بالشكل السياسى للدولة , وإنما أخرج مصر من حلمها الوردى إلى حالة من التشوش وعدم التوازن لم تبرأ منها حتى الآن .
حالة من التشوش السياسى والدينى الذى لم يفارقنا بعد , والذى نعانى من توابعه حتى ألآن .