بعد الدخول إلى المدارس و معاناة الأهل في تأمين الأقساط و ثمن الكتب يبقى أمر العناية بهم و توجيههم
نحو سكة الأمان و الأمل في أن يكون أبناؤهم في عهدة أيد أمينة ساهرة على تثقيفهم و تعليمهم ما يفيدهم
و لكن هل يتعلم أطفالنا في كثير من المدارس حقًا ، أم أن الأمر أشبه بأحلام اليقظة ؟
لقد قابلت في مدة قصيرة عددًا من الأشخاص الذين يبحثون عن مدارس لأطفالهم في مجالس متعددة
و أوقات مختلفة ، فوجدتهم جمعيهم يدورون في فلك واحد ، و يسيرون في اتجاه واحد ، ألا و هو
المدارس الأجنبية ، دون أن يجدوا في اختيارهم هذا أي سوء ، و دون أن يتوقفوا لحظة واحدة للنظر
في نتائج اختيارهم هذا و عواقبه .
أحدهم كان ينصح زميله قائلاً : اختر المدرسة التي شئت طالما هي اجنبية ، أي مستوى عال
في العلوم و اللغات .
و عندما سألت آخر : لماذا تضع أولادك هناك مع أنك تشكو من ارتفاع أقساطها و صعوبة تأمينها ؟
قال لي بالحرف الواحد : نحن نسعى للغة قوية .
و قد ذهلت لنظرة كثير من الناس الى الإعتبارات التي عليها يبنون مستقبل أولادهم فلذات أكبادهم
فإننا نعاني في المدارس التي تدعي التمسك بالإسلام و الإلتزام به من الكثير الكثير من الضلالات
و المفاسد في المناهج .
ماذا سنقول عندما نرى أولادنا يشربون الخمر ، و ينظرون إلى الإباحية في اللباس و التصرف
على أنه شىء طبيعي بل حتى حضاري !! و هل سيكون للكلام معهم في هذه المواضيع
أيه نتيجة حينذاك ؟!
ألم يحن الوقت ليرى الناس حقيقة ما يجري ؟
ألم يفهم الناس ان غالبية المدارس قد أقيمت لتقويض أخلاقيات أطفالنا ، و تعليمهم ما يوجه
مداركهم و أفهامهم نحو هذه الدنيا و ملذاتها و ملاهيها ، و ابعادهم عن الإلتزام بتعاليم
الإسلام بشتى الوسائل البراقة و الاغراءات ، ماديًا و معنويًا حتى إذا اشتد عود الطفل
وجدناه لا يبالي بعقيدة أو حكم شرعي . يرى في الصلاة حركات لا معنى لها ، و في الصيام
جوعًا و عطشًا فقط ! يقضي أوقاته في مشاهدة الأفلام و سماع الاسطوانات
و الانتقال من ملهى إلى شاطىء إلى حفلة راقصة ، لا يستمع إلى نصيحة و لا يلتفت
إلى رأي مرشد محب ، إلا من عصم الله .
ألا نرى مدى الانهيار الخلقي في بلاد الغرب ؟ ألا نرى تفكك العائلات و تفتت القيم
و المبادىء على صخرة المادة ؟
هل هو هذا حقًا ما نريده لأطفالنا ؟ هل هذا هو المستقبل الذي لأجله نعمل ليل نهار
و نضحي لأجله بالمال و العافية ؟
إن الأمور بحاجة لوعي شديد و اعادة النظر في الأهداف ووسائل تحقيقها . فإن لغات
الدنيا مهما أجدناها و علوم الدنيا مهما حفظناها ، لن تدافع عنا يوم لا ينفع مال
ولا بنون ، و يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت .