عندما يغتالك الفقد وَتُمسي تَبحثُ عن بعض الأشياء التي سلبت نفسكَ إيَّاها وفقدتها عمداً
لا بُدَّ مِن وَجَعٍ يَتَسَربلُ فِي الحُروفِ فأنتَ عِندَمَا تَخسَرُ كُلَّ شيء لا يَتَبَقَّى شَيءٌ لـِتَخسَره .!
وتصحبنِي من الدهرِ أوتار حزنكَ الأزَليِّ
تُحاصرُ وجهكَ غيمةٌ في فجرِ غدكَ المُبهَم
رغم حِصَار زُرقةِ عينيك ..
لم تَزَل تنظرُ للحاضرِ من مُستقبلٍ بعيد ..!
أعرفُ وجهكَ يقينًا بـِبُعدِ الزَّنبقِ عن سُور حَديقتي
عن عطركَ المُتسربلِ إلى حَدسِي قَبلَ نافذتي
عن مسائكَ المُبَلل ببعضِ النور
بـ وَحيكَ يُنَبِّئُني بِسورةِ الرَّحيل
أعرفكَ يقينًا بلحنكَ القديم
أسمعكَ تعزفُ بوترٍ قَطعتهُ لكَ وعدًا أبدياً
أعرفك كما سِنديانٍ اكتظَّ بالشَّجن
أعرفكَ كَمَا عَانقتَني في طفولتي يومًا بلا عِنَاق
لم يكن حَظُّ المَرايَا أوفَر من حَظّنَا
عِطرُ ثيابكَ فقط كَانَ من نَصِيبي
كخيلٍ يشُقُّ صَحراءاً أتعبَها بَللٌ لم يَروِهَا
أتعبني الحبُّ كثيراً وأرهَقَني الاحتمَال
كَأرضٍ تَعبتْ مِن طينٍ يَمشِي عَليهَا
هَذا يَمينُ وَجَعي
وذاكَ يَسَارُ الكَلمات
لم يعد لديَّ ما أتلوهُ من تَراتيلٍ
مثلَ بلبلٍ شَغلتهُ الصَّلَوَات
علمتَني الفقدَ كَجُموعِ المَوتِ ..
تُطَاردني الوَحشة أينمَا يَمَّمتُ ....
خِفتُ أخسَرني بَعدكَ
أيقنتُ بَعدكَ لا شيءَ يَستَحِقُّ
لا زاويةً أرْكُنُ إليهَا
أتسَربلُ في وَحي طُفولتَي كَعبيرِ تُرابٍ تَخَللهُ المَطَر
لا قمراً يَتَعَجَّلُ الرَّحيلَ بعد اليوم
يُصَاحِبُ عُكَّازَهُ ..
.. وَ يَتَعثَّرُ بالذكرَيَات
آهٍ يا قَمَرَ يَقينِي
حَطِّم قَيداً أسَرتَنِي بِهِ ..
... ترجِم لغَتي كَهَوَاك
على ذاكَ الرَّملِ رَسَمتَ لي خُطَاك
تَبعتُكَ كَطيرٍ تعلمَ أن يَطيرَ وَحدُهُ
يطَاردُ أمَّه للسَّماء وَيخشى السُّقوط
خَلفِي حِصَارُ وَجهكَ
وأنا الهَاربُ من بُرعم نَرجِسَةٍٍ
تَفَتَّحت في صَيف المَدينَة
تقَاذَفَتنِي عُيونَكَ الحَزينَة
بَللتنِي أمطَاركَ في مَوَائِد الشتَاء
قرأتُكَ حين حَاصَرتكَ الكَلمَات
تَهَجَّأتُك حينَ أصبَحتَ لُغَةً غريبَة
كَمدينةٍ يُحَاصِرهَا الغُزَاة
كَعَاشقٍ يَمشِي في شَهوةِ النَّرجِسِ
يَفضَحُ لِنَفسِه أسرَارَ الليلِ ..
حِينَ يبزُغُ الصَّبَاح .
راقنى