العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > سيرة الانبياء والصحابة

سيرة الانبياء والصحابة قسم السيرة النبوية لمواضيع السيرة النبوية , سيرة سير الانبياء , قصص الانبياء , قصص انبياء الله اسلامية , قصص نبوية وصف النبي , غزوات النبي , معجزات النبي مدح النبي , حياة النبي ,أخلاق النبي , حب النبي , قبر النبي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06-16-2008, 05:51 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي النبأ العظيم

النبأ العظيم


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
يعيش صلى الله عليه وسلم معنا دائماً، وأبداً، في مشاعرنا، وآمالنا، وطموحاتنا.
يعيش معنا ونحن نراه دائماً: قدوةً، وأسوةً، وإماماً، ومعلِّماً، وأباً، ومرشداً، وقائداً، وأستاذاً.
يعيش معنا، وقد أحببناه، فعاش في ضمائرنا عظيماً، وفي قلوبنا رحيماً، وفي أبصارنا إماماً، وفي آذاننا مبشراً ونذيراً: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ))[التوبة:33].


نسينا في ودادك كل غال فأنت اليوم أغلى ما لدينا
نُلام على محبتكم ويكفي لنا شرف نلام وما علينا


يكرر القرآن الكريم ذكر هذا الرجل العظيم صلى الله عليه وسلم، الرجل لكن لا كالرجال، يحمل هموم الرجال كل الرجال، الإنسان لكن لا كالناس، يجمع مناقب الناس جميعاً.
يتحدث عنه القرآن الكريم، فإذا هو الخلوق القريب: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ))[القلم:4] ويتحدث عن لينه وسهولته، ويسره: ((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ))[آل عمران:159].

إنه الإمام الذي على الأمة، كل الأمة، أن تذعن لإمامته.
إماماً في الصلاة، وإماماً في الحياة، وإماماً في التربية، وإماماً في الاقتصاد، وإماماً في الحرب: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا))[الاحزاب:21].

يا أمة الإسلام، يا إخوة العقيدة، يا أبناء الرسالة الخالدة، هل يحق لنا شرعاً أو عقلاً أن نبحث عن غيره، أو أن نتلمس سواه؟
لا، حرام، حرام، حرام: أن نجعل غيره إماماً، يقود المسيرة إلى الله؛ لأنه الرجل الذي ختم الله به النبوة في الأرض.
هذا الرسول صلى الله عليه وسلم يعيش لحظات الحياة، ودقائق الزمن، وثواني الدهر، بما يجب أن تعاش.
في الصلاة خاشع، قانت أوّاه منيب: ((وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا))[الاسراء:79].
في الجهاد رجل شجاع، ومقدام صنديد، وبطل بارز:


وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم


((فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ))[النساء:84].
وعند الإنفاق، هو: المنفق الباذل، السخي، الكريم، كما قال ابن عباس في الصحيحين : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل ، أجود بالخير من الريح المرسلة) أخرجه البخاري .
في الفقر: صبور، متماسك، محتسب، وفي الرقة والرحمة: صاحب الدمعة الحانية، والشفقة البالغة.
إنه الداعية الذي يدعو إلى الله على بصيرة.
إنه الرسول الذي أتى إلى الأمة الضعيفة، المسلوبة، المنهوبة، المظلومة، فرفع رأسها بين الرؤوس، وبنى منبرها بين المنابر، بل أعلى منارتها على كل المنارات.

إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدّل حالها
بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها
لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز فكسرت أغلالها
لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها


أمة وراء إمام هو: محمد صلى الله عليه وسلم، ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) [الجمعة:2].
((أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ الله أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [الأنفال:62-63].

أتى صلى الله عليه وسلم إلى أمة، ترعى إبلها، وبقرها، وغنمها في الصحراء القاحلة، صحراء الجوع، والظمأ، واليأس، فأخرجها بلا إله إلا الله إلى ضفاف دجلة و الفرات ، وبساتين الشام و مصر ، وحدائق الأندلس ، وملاعب الهند و السند ، فكبرت هناك، وصلّت هناك:

من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا قبل الكتائب يفتح الأمصار
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا


وأخرج صلى الله عليه وسلم الأمة من القتل، والنهب، والفتنة، والسلب إلى الوئام، والإخاء، والصفاء والحب، ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) [آل عمران:103].
(المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، ولا يخذله، ولا يحقره)أخرجه البخاري ,هذا شعار محمد صلى الله عليه وسلم.

كنا أمة تأكل الميتة، وتشرب الخمر، وتزني، وتطوف بالصنم، وتعبد الوثن، فأخرجها صلى الله عليه وسلم وجعلها بـ: (لا إله إلا الله) تخطب في الحرمين ، و الأزهر، و الزيتونة ، و قرطبة ، و الأموي، وتصلي في جامع صنعاء ، وكابل و الهند و السند .

وهدمت دين الشرك يا علم الهدى ورفعت دينك فاستقام هناكا


نحن اليوم يا شباب الرسالة، يا أهل البصيرة، نعيش أكثر من خمسة عشر قرناً مع محمد صلى الله عليه وسلم ما زلنا نعيش معه لم يغب عنا أبداً.

نعيش معه في الصلاة فيقول: (صلوا كما رأيتموني أصلي)أخرجه البخاري ، ونحج فيقول: (خذوا عني مناسككم)أخرجه مسلم ، فإذا هو معنا دائماً وأبداً، حتى في دقائق الحياة: تقليم الأظفار، إعفاء اللحية، قص الشارب، في الطيب، في السواك، في تقصير الثياب، في أدب المشي، في أدب الكلام، في أدب الجلوس، فأين يغيب عنا صلى الله عليه وسلم؟
.
إنها أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، إنها الأيام التي يجب على الدعاة، وطلبة العلم، والشباب، أن يعيشوا مساراتها العامة، وجزئياتها الدقيقة، وأن يجعلوا منها دستوراً لأيامهم.

عاش صلى الله عليه وسلم أيام العمر في الأعمال، والمهن، التي يعيشها غالب الناس، أما رعى الغنم؟
لكنه حكم الأمم، أما رقّع الثوب؟
أمَا حَلَبَ الشاة؟
أمَا كَنسَ البيت؟
أمَا ضحك وبكى؟
أمَا صلى ونام؟
أمَا صام وأفطر؟
أمَا تزوج النساء؟
أمَا تاجر وسافر؟
أمَا افتقر فصبر؟
واغتنى فشكر؟
بلى، صورة لكل أحد.

حكم الناس، فهو قدوة للحكام، وأفتى، فهو قدوة للمفتين، ودعى فهو قدوة للدعاة، ورعى فهو أستاذ للرعاة، وعلم الناس فنون الاقتصاد، والحرب، والسلم.

كأنه وهو فرد في جلالته في موكب حين تلقاه وفي حشم


إن محمداً صلى الله عليه وسلم عاش هذا العمر الطويل ليكون أنموذجاً حياً لنا.
يقول صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار)أخرجه مسلم. هذا يهودي أو نصراني.
أما المسلم، فليس في الحسبان، إن مسلماً يصلي ويعترف ب: (لا إله إلا الله) ثم يتخذ غير محمد صلى الله عليه وسلم قدوةً وإماماً.

حارب صلى الله عليه وسلم الجيوش الجرارة، فكان أول مبارز، وأشجع شجاع، تُجرِح أمامه الكماة، وتنهزم أمامه الكتائب، ومع ذلك يتواضع لله، ويعلم أن النصر من عند الله، وُيغلب جيشه أحياناً، فتكسر رباعيته، ويُجرح، ويُقتل أصحابه أمامه، فيقول: ((إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)) [البقرة:156] ولكنه مع ذلك، لا ينهزم يواصل المسيرة بعزيمة أقوى وأقوى.

لبس الجديد صلى الله عليه وسلم إظهاراً للنعمة، ورداً على متصوفة الهندوك، الذين يرون التقشف، وقتل النفس، والقضاء على الطموح.
البس لكل حالة لبوسها إما نعيمها وإما بؤسها
إن الله جميل يحب الجمال، ((يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) [الأعراف:31] إظهاراً للنعمة ودمغاً للباطل.

وهو صلى الله عليه وسلم يلبس البالي تواضعاً للحق عز وجل.
إذاً: فمن لبس منا الجديد، فقدوته: محمد صلى الله عليه وسلم، ومن لبس منا البالي، فقدوته: محمد صلى الله عليه وسلم، ومن جلس على كرسيه للحكم، فإمامه: محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بايع أو اشترى، أو سافر أو أقام، أو صام أو أفطر، أو اغتنى أو افتقر، فإمامه: محمد صلى الله عليه وسلم.

هو البحر من أي النواحي أتيته فدرته المعروف والجود ساحله


لكن من الناس: من يتصور يوم لا يقرأ سيرته أنه إمام في الصلاة، وأنه صلى بالناس الجنائز، وصلاة الاستسقاء، وصلاة الكسوف، وأنه كان يفتي، وأنه من الأنبياء.

لا، بل نقول هذا النبي: إمام، اعترف، حتى أساطين الكفر، أنه إمام على مستوى العالم.
مايكل هرت صاحب كتاب العظماء المائة ، جعل محمداً صلى الله عليه وسلم في المركز الأول، ويقول في كتابه: إني أعلم أن الأمريكان سوف يغضبون يوم جعلت محمداً في المركز الأول، لكن ماذا أفعل؟
قلنا له: أرغم الله أنوف الأمريكان فهو الأول سواء رضوا أم غضبوا!!

وكيف يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

محمد صلى الله عليه وسلم تزوج، فيا من انصرف عن الزوجات بحجة البذل في الدعوة والجهاد، محمد أكبر الدعاة، وأكبر المجاهدين، وتزوج، ((وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً)) [الرعد:38].

وضاحك الأطفال، فيا متكبراً لا يسلم على الأطفال، ولا يمسح رؤوس الأطفال: محمد صلى الله عليه وسلم حمل الأطفال، وصلى بالأطفال، ففي الحديث عن أبي قتادة قال: (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمل أمامة بنت زينب فكان إذا سجد وضعها، وإذا قام رفعها)أخرجه البخاري ، وعن أبي ذر الغفاري : أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلّى بالناس، فسجد، فأتى الحسن ، وأعجبه المنظر، منظر الرسول صلى الله عليه وسلم ساجداً، فامتطى ظهره الشريف، الظهر الطاهر العفيف، فمكث صلى الله عليه وسلم طويلاً، لئلا يؤذي الحسن ، ثم اعتذر للناس، وقال: (إن ابني هذا صعد على ظهري وارتحلني فخشيت أن أقوم فأوذيه، فانتظرت حتى نزل)أخرجه النسائي ، اسمع يا زمن، وسجل يا تاريخ، وانظري يا دنيا، أي إمام هذا الإمام الذي أهتم بحاجات الناس كل الناس.

إن الرسول صلى الله عليه وسلم صانع الأضياف، وحياهم، وأتحفهم، وبياهم، قاد الأمة، فكانت قيادته: دستوراً للقادة، ومنهجاً للزعماء، ووثيقة للساسة. وأعود فأقول: اسمع يا زمن، وسجل يا تاريخ، وقف يا دهر: ما هو النبأ الذي هزّ العالم كل العالم، والذي أوقف التاريخ كل التاريخ؟

إنه مبعثه صلى الله عليه وسلم ((عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)) [النبأ:1-2] وما هو النبأ العظيم؟

هل هو: اكتشاف الذرة، أو تفجير الطاقة، أو نسف الجبال، أو تحويل الماء المالح إلى عذب، أو اكتشاف الكهرباء، لا، بل وصول محمد صلى الله عليه وسلم إلى زمام قيادة العالم.

يا مسلمون! تحرك الفَلك لمبعثه صلى الله عليه وسلم، وأخذت النجوم ترمي شياطين الجن بقذائف من اللهب؛ لتحرس السماء من التلاعب بالوحي، ويأتي جن الأرض، فيسمعون القرآن غضاً طرياً: ((قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا)) [الجن:1] يقول بعض أهل العلم: عجباً!! حتى الجن يتذوقون القرآن، حتى الجن يفهمون القرآن، نعم، ((وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ)) [الأحقاف:29].

أتى الجن إلى السماء، يريدون أن يصعدوا، ليسمعوا أخبار السماء كالعادة، يركب الجني، ظهر الجني، وتمتد السلسلة بسند جيد إلى السماء، فتستمع الوحي، ولكن لما بعث صلى الله عليه وسلم انتهى ذلك الاستماع ((وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا)) [الجن:8].
((إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ)) [الشعراء:212]

إنه لا ينطق عن الهوى: ((وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)) [النجم:1-4].

إذاً، تحرك الفلك، وتغيرت الدنيا لمبعثه صلى الله عليه وسلم، والآن تتوافد قبائل العرب لتنظر إلى هذا العظيم، وهو في مكة ، لباسه: عادي، لا يساوي ثلاثة دنانير، خبزه: الشعير، ينام في بيت متواضع، يقف مع العجوز الساعات الطوال، يحمل الأطفال، يحلب الشاة، لا يجد كسرة الخبز، ومع ذلك تتساقط تحته عروش الظالمين: كسرى و قيصر ، لماذا؟

لأنه كسر بسيوف العدل ظهور الأكاسرة، وقصر برماح التضحية آمال القياصرة.
إن محمداً صلى الله عليه وسلم كان بين الناس رجلاً، وبين الرجال بطلاً، وبين الأبطال! مثلاً صلى الله عليه وسلم، تتساقط عروش الشاهنشاهات والبابوات؛ لأنها بنيت على الظلم، ((وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)) [الإسراء:81].

أيها الإنسان، يا ابن آدم يا مسلم! يا من يحترم نفسه! إن سعادتك مرهونة باتباعه صلى الله عليه وسلم، إن أبواب الجنة بعد مبعثه، أوصدت، فلا تفتح إلا لأتباعه على دينه، وإلا لأنصاره على مبادئه، الذين يدعون إلى الله على بصيرة، لا يدعون فحسب، ولا يخطبون فكفى، ولا يتلاعبون بالألفاظ، ولا يتشدقون، وإنما على بصيرة، علم وعقل، وثبات وانضباط، يغلبون المصلحة على المفسدة، يريدون أن يلحقهم الأذى في نفوسهم، وفي أعراضهم، ولا يلحق الأمة، ولا يلحق الجيل، لتبقى الأمة: مطمئنة، آمنة، في سكينة؛ لأنهم ينصحون لله، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكتاب الله، ولأئمة المسلمين ولعامتهم، هؤلاء هم الذين يدعون إلى الله على بصيرة.


إنه عالم من المعجزات: (الجذع، الاستسقاء، القمر، الطعام).
إنه عالم في العبادة: (الصلاة، الصيام، الذكر، الجهاد).
إنه عالَم في الأخلاق: (التبسّم، التواضع، الصبر، الشجاعة، الكرم).
إنه عالم في الزهد: (المسكن، الطعام، الميراث).
إنه عالم في التربية: (مع المرأة، مع الأسرة، مع الطفل).

ولكن عفواً! فالتعبير رخيص لا يسعفني أن أتكلم عن محمد صلى الله عليه وسلم. والألفاظ متلعثمة، لا أجدها تنساق لي، وتنساب لأترجم عن هذا الرجل العظيم الذي ما وَفّى حقه إلا القرآن.
فإن قلتم: قل لنا ما معنى عالَم من المعجزات؟
ما معنى الجذع والاستسقاء والقمر والطعام؟
.
فأقول: أما الجذع فخشب، لكن الخشب تفاعل بإذن الله مع محمد صلى الله عليه وسلم، والحديث قد سبق مراراً عن جابر : أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من امرأة من الأنصار أن تأمر فتاها أن يصنع له منبراً، فصنع له منبراً، فعزل صلى الله عليه وسلم الجذع، عزله واكتفى بذلك المنبر، فأما ذاك الجذع فحنّ على الرسول صلى الله عليه وسلم، وبكى له، فنزل صلى الله عليه وسلم أمام الجماهير والتزم الجذع وسكته، فسكت بإذن الله.
من الذي جعل حب هذا الرسول في قلب هذا الخشب؟
الله الذي لا إله إلا هو، الواحد الأحد الذي أرسل هذا الداعية ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى الله عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي))[ يوسف:108].

وأما الاستسقاء، فخذوا هذه القصة، وقولوا لملاحدة موسكو ، و بكين ، هذا هو التاريخ يشهد ((أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ)) [الطور:15] وقف صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة والسماء صافية وحرارة الشمس على الرؤوس، لا غمام ولا سحاب، والرسول صلى الله عليه وسلم يتحدث عن التوحيد، فدخل أعرابي فقال: (يا رسول الله! جاع العيال وضاع المال وتقطعت السبل، فادع الله أن يسقينا الغيث) فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ودعا: (اللهم أغثنا، اللهم أغثنا)أخرجه البخاري . قال أنس : [والله ما في السماء من سحاب ولا قزعة، فسارت سحابة كالترس، فانتشرت في سماء المدينة، وأمطرت فما نزل من المنبر إلا وقد سال السقف فقطر على وجهه الشريف].
وبعد أسبوع، والمطر قد غشى المدينة ، وغطاها، يأتي هذا الأعرابي، أو غيره، فيقول ذاك الكلام: (جاع العيال وضاع المال وانقطعت السبل فاسأل الله أن يكف عنا المطر) فقال صلى الله عليه وسلم: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر، فلا يشير إلى جهة إلا نزل الغيث فيها، وخرج الناس في الصحو يمشون).

الله أكبر، الله أكبر، يا لها من معجزات، لو عرفها الزنادقة، وعملاء الحداثة، وأذناب الإلحاد، ومرتزقة الفكر.
الله أكبر، يا لها من دروس لو وعاها التاريخ، وآمن بها العالَم، واهتدت إليها الإنسانية.

والقمر، يشهد له القمر أنه رسول الله ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)) [القمر:1].
يخرج على الطواغيت في الحرم، على أبي جهل ، والوليد و أمية وفلان وفلان، فيقول: (قولوا: لا إلى إلا الله، فيقول أبو جهل: لا نؤمن لك حتى تشق لنا القمر.
فيقول: لئن شققت لك القمر بإذن الله أتؤمن؟
قال: نعم، فدعا صلى الله عليه وسلم فانشق القمر، فقام أبو جهل يقول: سحرنا محمد، سحرنا محمد) ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ[القمر:1-2]، ((وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ)) [الحجر:14-15] فكان الرد عليهم يوم القيامة، يوم يريهم الله النار يقول لهم: ((أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ)) [الطور:15].

والرسول صلى الله عليه وسلم عالم من العبادة.
فهو يقف منتصف الليل يصلي إلى الفجر يقوم فيقول دعاءً تنخلع له القلوب.
اسمع إلى دعائه، قال ابن عباس : كان يقول صلى الله عليه وسلم: (اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت مالك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق)أخرجه مسلم.

ويقول كما في حديث عائشة : (اللهم ربّ جبريل و ميكائيل و إسرافيل ، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم)أخرجه مسلم .

ويصوم الليالي والأيام العديدة، أربعة، وخمسة، وستة، لا يفطر في ليل ولا نهار، فيقول له الصحابة: إنك تواصل يا رسول الله، يريدون أن يواصلوا معه، فيقول صلى الله عليه وسلم: (إني لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني )أخرجه مسلم.

يا قوم! إن محمداً صلى الله عليه وسلم سيعيش معكم بسنته، إذا أردتم أنتم أن يعيش معكم، سوف تجدونه يتحدث إليكم في مجالسكم، متى أردتم أنتم أن يتحدث إليكم.


الشيخ/د.عائض القرني







آخر مواضيعي 0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
0 اللهم فرج هم كل مهموم
0 أتركنى أسكن عينيك
0 ﻣﺎﻫﻮ ﺻﺒﺮ ﺃﻳﻮﺏ ؟
رد مع اقتباس
قديم 06-17-2008, 12:15 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: النبأ العظيم



نور ... الرائعة بطرحك



تسلمى على موضوعك المميز

حفظك الله ووفقك الى كل خير

دعواتى لكى بكل الخير






آخر مواضيعي 0 أوقات استجابة الدعاء
0 الكابينت اتخذ قرارا بالرد على هجوم إيران
0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
رد مع اقتباس
قديم 06-17-2008, 01:52 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ساجده

الصورة الرمزية ساجده

إحصائية العضو








ساجده غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: النبأ العظيم

اللهم احيينا على سنته

بارك الله لكى نور

طرح اكثر من رائع

ربى يجمعك فى الجنة مع الحبيب الهادى







آخر مواضيعي 0 أخلاق الكبار
0 ترويض وتهذيب النفس
0 قل يارب....
0 إلى أين أذهــب ؟؟؟
0 فكرت قبل كده ربنا خلق المخلوقات الشريرة ليه؟
رد مع اقتباس
قديم 06-17-2008, 02:12 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
همس الليل
فريق عمل المنتدى

الصورة الرمزية همس الليل

إحصائية العضو







همس الليل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: النبأ العظيم

اللهم اعنا على احياء سنة نبينا الكريم

تسلمى اختى نورعلى طرحك القيم

جزاك الله خيرا






آخر مواضيعي 0 نصائح للعريس فقط ( يوم الفرح)
0 منتجع بانكور لويت في ماليزيا
0 قواعد للتعامل مع شهوات العصر
0 وسائل الثبات فى زمن المغريات
0 الحب ،، الثقة ،، التصديق ،، الأمل ،، و اخيراً لماذا هذه القبلة ؟؟
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:31 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator