انتظـــــــــــــار
أقف علي حافة الانتظار ..
عمر طويل وأنا هنا انتظر.. إلي أن أصبح الانتظار رقما وحرفا وكتلة تثبتني في أرضه !!
أقف علي حافة الطفولة انتظر الشباب.. فالطفولة ضعف وأسوار وخوف!!
أهرب من طفولتى إلي محطة الشباب.. ابتسم وأفتح ذراعي لاستقبال الانطلاق وإبداء الرأي .. والحرية .. فقد أصبحتُ مرئية.. ملئ العين .. ولي كيان صاخب.. وبصمة واضحة..
وهنا في محطة الشباب .. أجد الأسوار تبدو أكثر ارتفاعا .. والأسلاك الشائكة ترصدني وروحي محاطة بوابل من الممنوعات .. فالصيادون يقفون خلف الباب.
الخوف يقهقه في أذني.. وكأنه يؤكد علي أنه سجاني الملازم لي مدى الحياة.
أعود لأسقط في بحر أحلامي علي حافة الانتظار..
خطوات بطيئة جدا جداً تتحرك فيها صورتي أمامي .. لتضعني مرة أخري علي حافة الانتظار..
محطة الحب.. محطة الزواج .. محطة الإنجاب .. محطة الدهشة والأحلام المتداخلة..
محطة تحقيق الذات داخل دائرة مغلقة.. يدور حولي فيها شخصيات في أَمَسِ الحاجة لوجودي داخل دائرتهم .. يضحكون ويبتسمون ويفرحون ويمرحون داخل وخارج دائرتي .. يبتعدون ويقتربون ..وأظل أنا كالنواة ثابتة..
خيالات بشرية تمر أمامي.. وكأنني في صالة عرض كبيرة أتفرج عليهم وأنا ثابتة في محطة الانتظار!!
ملاطفات بين ابن وبنت الجيران.. عراك بين فتيان الحي ليثبت كل منهم قوته ويفوز بإعجاب الفتيات والنسوة .. أطفال يتصايحون ويرسمون بخطواتهم الشقية خطوطاً تصل اليوم بالغد.. نساء تقفن في الشرفات ..كلٍ لها غايتها ..
* أري إحداهن وهي تتلصص علي جارها الذي يمشي بخطوات واثقة .. وكأنه يقول للجميع أنه هو الرجل الوحيد الذي يستحق الاحترام في هذا الحي.
ترشقه بنظرات هيامها .. فلا تلقى منه اهتماما .. تنتظره في اليوم التالي لترميه بوردة .. فيمر بوردتها مرور الكرام .. تتميز غيظا .. فتنتظر مروره مرة أخرى..
يمر قاصدا المسجد يوم الجمعة بجلبابه الأبيض الناصع
لتسكب فوق رأسه ماء قذر.. انتقاماً منه علي إهمال مشاعرها..
* شاب رائع الحسن يقف في شباكه .. يشير إلي قلبه الملتاع ..وفي يده كتابه ومسطرته الكبيرة .. يشير لي بها.. ليبشرني بأن مستقبله لامع .. ويدعوني لمشاركته الحياة بنظرات الترجي..
ارتبكُ كلما رأيته.. يتملكني الخوف.. فترتعد فرائصي واهرب الي شرنقة الانتظار .
شاشه عرض أيامي تدور أمامي .. وأنا مازلت علي حافة الانتظار..
لم أعد أعرف ماذا انتظر .. ولكنني أدمنت الانتظار.