نظرتُ في عينيها .. وجدتُ فيهما البراءة والعفو.. فلكزني ضميري لكزه أوجعتني .. تذكرت ذلك اليوم الذي كان لي دور البطولة في تأنيبها علي نبض قلبها وتمسكها بحبيبها ..
لم أر فيها حينها غير صورة الحية الرقطاء التى تريد التهام عصفورنا الصغير .. فهي الأرملة الطروب المزيلة بطفلين وعشرة أعوام فارق عمر .. ولم يبارك أحد منا هذا الحب .. كنت أتعاطف مع بكاءِ أمه وحزن والده .. ورفضْ أسرته فقررت أن أكون المُصلحة التى تنصح وتهدد وتتوعد .. أردت أن أبعدها عن حبيبها علي طريقة الأفلام القديمة حتى تقرْ عين أمه ويرتاح قلب أبيه.. وباقي أسرته.. قابلتني بوجه متوجس ممسوح التعبيرات ..وعيون صامته.. بينت لها عدم رغبة الجميع في هذا الزواج المكلل بالفشل .. وان الحياة بينهما لن تسير كيفما يحلمان .. ولو أنها أحبته حقاً لأشفقتْ عليه .. فهو ما زال كالعود الأخضر لا يتحمل الضغط عليه .. وإلقاء حِملها الثقيل فوق ظهره الغض.. وما تمسكه بها إلا تأثير سكرة الحب التى تتملكه .. وفي الغد القريب ستذهب هذه السكرة وتسطع شمسه ويظهر فارق السن وتتلألأ الصغيرات الجميلات في عينيه فيندم وربما يلقي بكل أحماله أرضا ويهرب متجها نحو الحياة التي تناسبه.. في الوقت الذي تزيد فيها أحمالها أكثر وتغيب شمسها .
وليتُ وجهي عنها وكلي فخر بأنني أقنعتها بمدى بشاعة ما هي مقبلة عليه .. وبشرت أسرته بأن الأفعى التي تلتف حول ولدهم انصرفت من حيث أتت ..
ولكن هيهات .. يبدو أن مقابلتي لها صارت رماداً تذروه الرياح.. فقد انتصر الحب وربطهما الرباط الغليظ وأثمر الزواج ثمرة ثالثة .. وتوالت الأيام .. ورسمت لنا المصادفة مقابلة أخري بين الأسرة التى حاولتُ أبعادها عنها ..
قابلتني بوجه بشوش .. وقلب منشرح.. وعفو شعرتُ معه أن لها عندي اعتذار.