السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى الإمام أحمد عن زيد بن ثابت – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
« ثلاث خصالِ لا يَغِلُّ عليهنَّ قلب مسلم أبداً :
[1] إخلاصُ العمل لله،
[2] ومناصحَةُ وُلاة الأمر،
[3] ولزومُ الجماعة؛ فإنَّ دعوتَهُم تُحيط بهم من ورائِهم ».
[ الحديث متواتر وهو في المسند (5/183) ].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في [الفتاوى (35/7-8)] :
" و « يغلُّ » – بالفتح – هو المشهور، ويقال: غَلَى صدره فغلَّ إذا كان ذا غش وضغن وحقد.
أي: قلب المسلم لا يغلُّ على هذه الخصال الثلاث، وهي المتقدمة في قوله: « إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم ».
فإن الله إذا كان يرضاها لنا لم يكن قلب المؤمن الذي يحبُ ما يحبه الله يَغِلُّ عليها ويبغضها ويكرهها، فيكون في قلبه عليها غِلُّ، بل يحبها قلب المؤمن ويرضاها". اهـ.
وقال أيضاً في [الفتاوى (1/18)]:
"وهذه الثلاث – يعني: إخلاص العمل، ومناصحة أولي الأمر، ولزوم جماعة المسلمين – تجمع أصول الدين وقواعده، وتجمع الحقوق التي لله ولعباده، وتنتظم مصالح الدنيا والآخرة.
وبيان ذلك: أن الحقوق قسمان: حقٌّ لله، وحقٌّ لعباده.
فحق الله: أن نعبده ولا نشرك به شيئاً ...
وحقوق العباد قسمان : خاص وعام .
أما الخاص : فمثل برِّ كل إنسان والديه، وحقِّ زوجته، وجاره فهذه من فروع الدين، لأن المكلف قد يخلوا عن وجوبها عليه، ولأن مصلحتها خاصة فرديه .
وأما الحقوق العامة: فالناس نوعان: رُعاة ورعية .
فحقوق الرعاة: مناصحتهم ،
وحقوق الرعية: لزوم جماعتهم، فإن مصلحتهم لا تتم إلاّ باجتماعهم، وهم لا يجتمعون على ضلاله، بل مصلحة دينهم ودنياهم في اجتماعهم واعتصامهم بحبل الله جميعاً.
فهذه الخصال تجمع أصول الدين ".