الستـآرة السودآء ...
الستارة السودآء
إن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري
فالمصيبة أعظم
( الستارة السوداء ) وللأسف هذا هو حالنا اليوم
نبحث عن عيوب وأخطاء الآخرين ونفضحهم ونراقب
خطواتهم ونشمت عليهم رغم أن عيوبنا تفوق أخطاء
وعيوب الآخرين ولكننا للأسف أمام أخطاءنا نضع
الستارة السوداء حتى لا تنكشف أسرارنا ولا تظهر فضائحنا السوداء ، وقد نلجأ للستارة السوداء حتى في منامنا
، فتطول أعمارنا وتسير بنا السنين ونزداد سواً بعد سوء
ولا يتغير حالنا ، فنتحرى ونراقب خطوات وأعمال
وتحركات الآخرين ليس للاستفادة والعبرة من أخطاءهم
ولكن للبحث والتحري والخوض في زلات أقدامهم
والغوص
في بحور الشماتة عليهم ، فتطول أعمارنا وتتسع أخطاءنا ونحن نسير خلف غرائزنا ومعاصينا قال عليه الصلاة والسلام :
(( خيركم من طال عمره وحسن عمله ، وشركم من طال عمره وساء عمله ))
فلا خير في أعمارنا الطويلة ونحن نسير في دروب الحفر والمطبات ، فلماذا نشاهد أخطاء وعيوب الآخرين
بكل وضوح بينما أمام أخطاءنا وعيوبنا نضع
الستارة السوداء لنظهر ونتظاهر أمام الجميع بالصفحة البيضاء ؟ نحن وللأسف أمام الجميع نتظاهر بالخلق الحسن والطيبة
والتواضع الكبير فنظهر لهم بالصفحة البيضاء
بينما في الواقع والظاهر الخافي أعظم ، نعم هذا هو حال
الكثير من البشر اليوم ، فمهما طال بنا العمر فمصيرنا
أخيراً تحت التراب ، فهل تذكرنا هذا اليوم ؟
أم أن القبور لغيرنا وأننا سوف نعيش مدى الدهر ؟
وهل سترافقنا الستارة السوداء في قبورنا ؟
وهل نستطيع إخفاء عيوبنا حتى ونحن في القبور ؟
وهل تستطيع الستارة السوداء أن تمنع غضب الله
سبحانه علينا ؟ وهل نملك الشجاعة اليوم ونعترف
بأخطائنا ؟ وهل سنحاسب أنفسنا قبل يوم الحساب ؟
وهل نرتدع ونعتبر ونخجل من أخطاءنا وعيوبنا السوداء
التي تخفيها الستارة السوداء ؟ فلنسأل أنفسنا
في بعض الأحيان سؤال نحتار في الإجابة عليه وفي غالب
الأحيان تسهل إجابته ولا نحتاج إلى التفكير
فيه وهو لماذا الهموم والأحزان تطاردنا ؟
وماهو السر في ضيق الصدر ؟ ولماذا التعاسة تحيطنا من كل جانب ؟ ولماذا الأبواب مغلقة دائماً أمام أعيننا ؟
فالإجابة واضحة ولا تحتاج إلى تفسير فنحن
نسعى في مراقبة أخطاء الآخرين ونتجاهل أخطائنا
مما تزداد المتاعب في قلوبنا وبعد ذلك تتحول حياتنا
إلى صفحة سوداء من خلالها نكون ضائعين تائهين ،
فليس المهم أن نعلم ولكن الأهم هو أن نعمل بما علمنا ،
فهل سألنا أنفسنا كم نقطة سوداء في حياتنا اليوم ؟
ومن يمتلك الشجاعة اليوم ويعترف بأخطائه وسواد أفعاله ؟
ومن يستطيع اليوم أن يجلس مع نفسه يعاتبها
ويحاسبها على التقصير قبل يوم الحساب وقبل أن يتحول
نهاره إلى ظلام وتتحول حياته إلى سواد في وضوح النهار ؟
يجب علينا تبديل الستارة السوداء بستارة بيضاء
ويجب علينا كذلك أن نراقب أنفسنا ونبتعد عن
رقابة الآخرين فهناك من يراقبنا ويتابع تحركاتنا ولن نشاهد
الراحة في هذه الحياة طالما أننا نتعامل بالستارة السوداء
إلا بعد الرحيل عن الدنيا ونكون تحت التراب .
( كل ابن أنثى وإن طالت سلامته .. يوماً على آلة حدباء محمول )