۞ ولاتحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ۞ همسات قرآنية (7) ۞
ما من مرة قرأت أو استمعت إلى خواتيم سورة ابراهيم( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ) إلا ويقشعر الجلد من رهبة المصير الذي ينتظر الظالمين
وأجد نفسي اتساءل مندهشا:
هل من المعقول أن يوجد مؤمن على وجه الأرض يعرف أن ربه وإلهه أنزل عليه مثل هذه الآيات في عاقبة الظلم؟
ثم بعد ذلك يظلم نفسه؟ .. أويظلم أهله؟ .. أويظلم جيرانه؟ .. أويظلم أقاربه؟ .. أو يظلم من هو مسئول عنهم أمام الله
ألا يعلم كل ظالم بأن اليوم الذي سيشخص بصره فيه قادم لا محالة (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)
ألا يخشى كل ظالم اليوم الذي سيعمى فيه بصره ويرتعب فيه قلبه (لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ)
ألا يظن كل ظالم أنه لن يطلب المهلة عندما يأتيته عذاب الجبار (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ)
ألا يعتبر كل ظالم من هلاك الظالمين السابقين واندثارهم في غياهب التاريخ (الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ)
ألا يرهب كل ظالم من انتقام العزيز الجبار القوي المتين (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ)
ألا يتخيل كل ظالم حاله يوم يخرج من قبره للقاء اللــــــــــــــه (وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ)
ألا يستحي كل ظالم من حاله يوم الحساب وهو مقيد اليدين والرجلين في ذل وهوان (وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ)
ألا يحترق قلب كل ظالم على ظلمه عندما يعلم بأنه سيلبس يوم الدين ثيابا شديدة الإشتعال (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ)
لا يحسب الله غافلا عما يعمل الظالمون . ولكن ظاهر الأمر يبدو هكذا لبعض من يرون الظالمين يتمتعون , ويسمع بوعيد الله , ثم لا يراه واقعا بهم في هذه الحياة الدنيا . فهذه الصيغة تكشف عن الأجل المضروب لأخذهم الأخذة الأخيرة , التي لا إمهال بعدها . ولا فكاك منها . أخذهم في اليوم العصيب الذي تشخص فيه الأبصار من الفزع والهلع , فتظل مفتوحة مبهوتة مذهولة , مأخوذة بالهول لا تطرف ولا تتحرك . ثم يرسم مشهدا للقوم في زحمة الهول . . مشهدهم مسرعين لا يلوون على شيء , ولا يلتفتون إلى شيء . رافعين رؤوسهم لا عن إرادة
ولكنها مشدودة لا يملكون لها حراكا . يمتد بصرهم إلى ما يشاهدون من الرعب فلا يطرف ولا يرتد إليهم .
وقلوبهم من الفزع خاوية خالية لا تضم شيئا يعونه أو يحفظونه أو يتذكرونه , فهي هواء خواء . .
(إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم , لا يرتد إليهم طرفهم , وأفئدتهم هواء). .
هذا هو اليوم الذي يؤخرهم الله إليه . حيث يقفون هذا الموقف , ويعانون هذا الرعب .
ألا فليعجل ويسارع كل ظالم بإعلان توبته أمام رب البرايا من ظلم خلقه
ويقول بقلب باكي: يارب قد سمعت بلاغك (هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ)
ويقول بقلب نادم: يارب قد بلغني إنذارك (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ)
ويقول بقلب موقن: يارب أنت إلهي وملجأي وملاذي (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ)
ويقول بقلبه وعقله وجميع جوارحه: إلا الظلم .. إلا الظلم .. إلا الظلم