قالوا عن القيادة وقلنا
للأستاذة/ جواهر بنت محمد مهدي
مستشار مدير عام التربية والتعليم بنات جدة
قالوا عن القيادة:
* قوام القيادة الثقة وأساسها المصداقية، ودعامتها الرؤية الواضحة وعمودها المساءلة. .
( جان سيتيولورانس فينباخ )
* القائد الجديرمن يجعل مرؤوسيه يأتون كليوم إلى العمل، وهم مقتنعونتمامًا بأنهم سينفذون أكثرخطط حياتهم أهميةوأعظمها شأنًا.
( بيتر بارسونز )
* أكثر القادة تميزًا هم من لا يلحظ الآخرون وجودهم، والأقل تميزًا هم من يمتدحهم الآخرون، ويثنون عليهم، والذين يلونهم في الجدارة هممن يخافهم الآخرون ويخشونهم، أما أقل القادة كفاءة وجدارة هممن يكرههم الآخرون.
( لاتسو )
* القيادة رحلة، والقائد رحالة يجوب الآفاق باحثًا عن رؤًى جديدة، ومنقِّبًا عن أفكار مبتكرة، وفي هذه الأثناء تراهيربُح النفوس، ويكسب القلوب ويبني القدرات، ويحتفي بالنجاحات.
( دافيد كيسبي )
* أهم ما يميز القادة الجديرين هو قدرتهم على ملاحظة مواهب أتباعهم ومهاراتهم، وتمتينها بغية تحقيق الأهداف.
( بن كارسون )
* ليست القيادة مسالة ألقابأو مسميات بلأفعال وإنجازات.
( أرادنيا داندا )
* أرني القائدوسوف أخبركمن هم رجاله، وأرني الرجال، وسوف أخبرك من هو قائدهم.
( أرثر دينوكمب)
وقلنا:
القائد هو الذي يجيد امتطاء الفرس؛ ليقود الفرسان.
هو الذي ينبتُ ويزكو من تربة الأزمات الخصبة.
هو الذي لا يتحكم في الآخرين، بل يجُيد إقناعهم للوصول إلى هدف مشترك.
هو الذي يحوِّل التابعين إلى قادة.
هو الذي لا يتشدَّق بتعبيرات جوفاء رنانة وينثرها هباء وهواء.
وفي رحلة التنقيب عن القائد الذي تحتاجه الميادين والحقول جميعها، وعلى المستويات كافتها... ترى الباحثين يغذون السير، ويوجهون المسبار لعلهم يحظون بقائد يُدرك مواقع أقدامه، وتحديد منطلقات فكره؛ ليندفع من خلالها في دورة التغيير والتجويد والتحسين متحديًا الظروف القائمة والأحوال القاتمة... مركِّزًا على شحذ الهمم وتفجير الطاقات الكامنة وإحياء الأفراد.
قائد يتحلَّى بشخصية مستقلة يرنو إلى الأفق البعيد حاملاً لواء رؤية ناصعة، ورسالة واضحة، وقيم راسخة تؤهله لفعل الصواب بطرق صواب.
قائد يعتلي مبادئ القيادة، ويتخذ من أبعادها مدارج للترقي والارتقاءنحو الأهداف.
ومبادئ القيادة متشعبة ومتعدِّدة... يُعدُّ الترحيب بالتغيير والإعداد له أولها وسنامها.
وإذا كنا نرى بعض أدعياء القيادة يستخدمون الجمل المضيئة والعبارات البرَّاقة؛ لكسب قلوب الأفراد وظاهر رضاهم... بينما أفعالهم الناجمة عن خصائص عقولهم الإدارية لا تنبئ إلاَّ عن مقاومة عنيفة للتغيير.. فهذا دليل جاثمٌ على تهاوي مؤسَّساتهم وتفكك روابطها وصدأ مفصلاتها وفواصلها.
فجُلُّ ما يقلقهم هو دور الأفراد لا الأفراد ذواتهم... وكل ما يعنيهم هو أداء الأفراد لا رؤاهم وعواطفهم... ما ينتج نهجًا فكريًّا مريضًا في علاج كل مشكلة بمعزلٍ عن غيرها وباستخدام حسابات تفصيلية وأساليب إكراه وإخضاع مقيتة.
بينما القيادة الحقَّة هي التي تتبنى موقفًا شخصيًّا وسلوكًا فعَّالاً تجاه الأهداف، فتحقيقها لديهم هو الجوهر... ديدنهم رضا تابعيهم ومشاركتهم الحدس والحس؛ فمفهوم القيادة عندهم يتعدى كونه إدارة عمليات أو التقيد بالإجراءات، أو انتظار التغيير لإدارته، بل هم من يتحينون الفرص لإحداث التغيير، وتوليد دوافع العاملين وحوافزهم؛ لكونهم الأساس الذي يصل بالمنظمات إلى نتائج تفوق التوقعات، وتسمو إلى الإبداعات.
وإذا كان صنع التغيير هو المبدأ الأساس للقيادة الناجحة، فإن المبدأ الثاني للقيادة هو استحثاث الإمكانات القيادية وتحرير المواهب الكامنةفي نفوس الأشخاص وإقناعهم بأنهم جميعًا قادة واثقون من أنفسهم قادرون على تحطيم حواجز معتقداتهم الضيقة التي تعوقهم عن التعبير عن مواهبهم القيادية (فالقيادة للجميع وليست حصرًا على فئة معينة).
فكل فرد مولود لديه مواهب قيادية. والبحث عن القادة هو بحث عن الإرادة الإنسانية في كل فرد ... وكل فرد يمكنه أن يصبح قائدًا حقيقيًّا إن استطاع التعرف إلى ذاته، وخلق مجال للتعلم المستمر يسير في ظله؛ ليشارك في تشكيل المستقبل على أساس من الاستقامة والنزاهة وتجاوز الرغبات الشخصية والنزعات الأنانية.
وإذا كان البحث عن القادة بحثًا عن الإرادة الإنسانية كما لخصه المبدأ الثاني، فإن المبدأ الثالث للقيادة يعتني بالبحث عنها؛ لكونها جزءًا لا يتجزأ من الحياة البشرية، بل هي جزء من الروح الإنسانية الذي يقود تفهمه إلى المبدأ الرابع للقيادة وهو " من يريد أن يصبح قائدًا فعليه أن يكون كما هو" فتطوير مهارات القيادة لا يُعنى بتدريب الناس على ماذا يفعلون بل يُعنى بكينونتهم قبل العمل.
( وأن تكون كما أنت) يعني النظر إلى دواخل النفس وبواطن الأعماق لاقتناص إمكاناتها التي تنتظر بشغف من يُحييها ويمنحها روح العمل، وعزيمة التأثير في العالم، وتحقيق التغيير الإيجابي.
وقائد اليوم والمستقبل يتحتم عليه التركيز في كيفية أن يكون هو لا كيفية أن يعمل العمل الذي يوشك أن يترنح مقابل العمل ذاته في ظل التغيرات المستمرة. وتركيزه على كيفية أن يكون يعني ( كيفية تطويره الجودة الشخصية والعقلية والقيم والمبادئ والشجاعة... ) ليخرج من صومعته ويكون قائدًا حقيقيًّا يسعى إلى تحقيق غايةٍ ما وخدمة الآخرين في اكتشافهم بأنفسهم طبيعتهم الحقيقة وكوامنهم القيادية.
أمَّا المبدأ الخامس للقيادة فيكمن في فهم ما يتولد في العالم المحيط والإنصات له، ومشاركة الآخرين في الاستفادة من هذه الخبرات عن طريق الترابط ومن ثمَّ التصرف بناء على ذلك، وهذا هو الجزء التفاعلي من القيادة الذي يعني ثقة القائد فيمن حوله... وبقدر ثقته يُحدث التغيير.
والقيادة ارتكازًا على هذا المبدأ تعني الإنصات بشكل عام وواع للأشياء والأفكار والأحداث التي ترغب في الظهور، وامتلاك الشجاعة للقيام باللازم لتحقيقها، والتحلي بالنزاهة وحُسن الخلق المرتبط دومًا بالقيادة، والتي لا يخلو جوف كل فرد منَّا من ينابيع لها، وتجنب السماح لتجارب الحياة السلبية ومشكلاتها بكبت العطاء أو تقييده ما يكبح جمال القيادة ويحد من آثارها التحويلية.
ويُعبِّر الأفراد عن مواهبهم القيادية عندما يتوهجون عطاء من مبدأ سادس للقيادة يمكنهم من العمل معًا بوصفهم جزءًا من كل مترابط ومتكامل؛ لتحقيق أهدافهم وأهداف المنظمة.
وأجمل مثال على تطبيق هذا المبدأ التركيب الشبكي أو الدائري للهياكل المنظميَّة التي تبتعد بالقيادة عن التصاقها بالمنصب، وتفسح المجال لأسلوب منتظم للعمل، يُستعاض فيه بالترابط لعزمه، عن التحكم لبغضه، ويمكن كل فرد من التعبير عن القيادة، ويصبح التعلم المستمر جزءًا من التجارب اليومية، وتصبح المنظمة وحدة حية ذات طاقة تتطور وتتحول تبعًا لتفاعل أجزائها المختلفة، يكون أساس القيادة فيها العلاقات بنوعيها مع الآخرين داخل التركيب وخارجه، ومع المنظمة ذاتها.
وفي رحلة البحث عن القادة نجدهم أولئك المستندين على مبدأ سابع نظنه لا يقل أهمية عن ستة المبادئ التي أوجزنا الحديث عنها. وهو مبدأ مفاده " جميعنا قادة وتابعون".
ويستلزم هذا تغيير العقلية القيادية؛ ليدرك الجميع مدى الترابط الذي يُحيط بهم؛ ما يسهل تقبل مفهوم أننا جميعًا قادة وتابعون في أوقات مختلفة، نعرف متى نكون تابعين ومتى نعبر عن قيادتنا.
والبحث عن القادة لا يعني العثور على عدد من الأفراد الصالحين الأقوياء متبوئي المناصب الرفيعة، بل يعني إطلاق العنان للإمكانات القيادية التي يمتلكها كل فرد؛ لتجاوز المشكلات التي تمخَّضت عن فشل البشر الذي كان الفرد سببًا فيه، وهو قادر على سحقه إن شاء بإحداث التغيير الذي يبدؤه من نفسه .
فهل من مُغيِّر؟!!