الحركة التشكيلية في المملكة العربية السعودية.
تعتبر الستينيات الميلادية بداية فعلية لحركة الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية, فمع بداياتها انطلقت البعثات لدراسة الفن والتربية الفنية خارج البلاد, ومع منتصفها بدأت حركة العروض الفردية في بعض مدن المملكة.
كان ابتعاث عبدالحليم رضوي وعبدالرشيد سلطان ومحمد عبدالحميد محبت وجميل مرزا واحمد عائش الدشاس, وآخرين منطلقا لبعثات اخرى خلال الستينيات او السبعينيات الى الولايات المتحدة الامريكية وايطاليا, مثل محمد الصقعي وبكر شيخون وعلي الرزيزاء ومحمد الشليم وضياء عزيز وخالد العبدان وكمال المعلم وجميعهم درسوا في ايطاليا كما درس فؤاد مغربل ومحمد الرصيص في مصر, وعبدالحميد البقشي وعبدالله المرزوق وحمزة باجودة ويوسف العمود وناصر الرفاعي في الولايات المتحدة الامريكية وابتعث فيصل السمرة الى فرنسا ودرست منيرة موصلي في مصر ونبيلة البسام في الولايات المتحدة الامريكية, وواصل عبدالستار الموسى دراسته الفنية خارج المملكة على حسابه الخاص, مثل نبيلة ومنيرة, كما تلقت صفية بن زقر دراسات حرة في مصر وبريطانيا.
يعتبر عبدالحليم رضوي 1939م صاحب اول معرض فردي يقيمه بعد عودته الى المملكة مباشرة في العام 1964م, في مدينة جدة, واقام عبدالرشيد سلطان معرضه الاول في جدة عام 1965م واقام عبدالعزيز الحماد معرضه الاول في نفس العام, واقام محمد السليم اول معارضه الفردية عام 1967 في الرياض, وبعد عام اقامت (صفية بن زقر ومنيرة موصلي) معرضا مشتركا في مدينة جدة كما اقيم في مدينة الرياض معرض جماعي كبير عام 1969 نظمته المديرية العامة لرعاية الشباب, وانطلقت خلال السبعينيات معارض عديدة في مختلف مدن المملكة العربية السعودية.
في العروض الأولى كانت الأعمال الفنية تلامس المظاهر البيئية والاجتماعية كان الفنان عبدالحليم رضوي قد عاد بعيدا, بعض الشيء, عن المحاكاة والتمثيل, الا ان ردة الفعل كانت قوية حيث العزوف عن حضور معرضه وهو ما وقع مع الفنان عبدالعزيز الحماد في معارضه الأولى في الدمام.
كانت اعمال رضوي, فيما بعد, بتعبيرية استفاد منها من معالجات (فان جوخ) وحرارة تلويناته, وقد وظف, رضوي, المنازل الشعبية والكتابات, والطيور, والشخوص, تحتشد للتعبير عما سمّاه بالتموجات الفكرية والشحنات الانفعالية, وقدّم مؤلفا في هذا الصدد ولعلها دلالة على حيوية هذا الفنان الذي اندفع الى الساحة بقوة نشاط الشباب, وقابل هذا النشاط المتقد لرضوي اسم مهم في حركة الفن التشكيلي في المملكة العربية السعودية, وهو محمد موسى السليم 1938 ــ 1997م الذي اصبح ورضوي خلال سنوات قطبي النشاط التشكيلي, باقامة العروض الفردية, ولقد عمل السليم لترسيخ بعض المفاهيم لتأكيد اهمية انتماء العمل الفني الى بيئة محلية كانت مصادره فيها المحيط البيئي والطبيعي في الصحراء, والارياف فرسم النباتات والمخططات الجديدة, والمتغيرات, كما رسم مواضيع الأمومة والفلاحة وغيرها, وميز اعماله صدقها الفني واصالتها. لقد كانت تبقيعاته المتأثرة بأعمال بعض الانطباعيين مستهلا لخوض غمار تجارب متصلة انتهت بما اسماه (الافاقية) في اشارة الى امتداد معالجاته, اللونية وتلخيصاته الشكلية وايحاءاته لمفردات وعناصر محلية بينها الخيمة,والجمل, والبيوت الطينية والاشجار والحروف, وغيرها.
يعتبر عبدالجبار اليحيا 1931م من الرعيل الاول وان بدا حضوره متأخرا, لقداسهم في اواخر الستينيات بالنشر في احدى الصحف المحلية عن الفن التشكيلي, واقام اول معارضه الفردية عام 1973م, وان رسم وعرض في اطار ضيق, محيط عمله الوظيفي, واعمال هذا الفنان بدأت بمحاكاة الطبيعة, والمظاهر الحياتية خاصة في الرياض, الا ان اهم المتغيرات في اعماله كانت تناوله لمواضيع تمس المرأة وتربطها ببعض العناصر كالنخلة, او المنازل الطينية او حتى الرجل حينما رسم احدى اروع لوحاته (البناء) التي تجسدت فيها البساطة والاختزال وكثافة الفكرة.
ومنذ اعمالها المبكرة انشغلت صفية بنت زقر 1940م بتسجيل المظاهر الحياتية في منطقة الحجاز عامة, ومكة المكرمة على وجه الخصوص. وثقت للعادات والتقاليد الاجتماعية, وغاصت في اعماقها, رسمت بعفوية وبساطة مظاهر الاعراس وحركة الاسواق وجلسات النساء, والرجال, وقد نشطت (صفية) في نقل اعمالها للعرض خارج المملكة مبكرا.
وسجّل سعد العبيد 1944م مظاهر اجتماعية منذ بداياته وحتى فترة قريبة, كما رسم الصحراء, والاطفال, وكبار السن, والمواضيع الانسانية, المستوحاة من المحيط في دلالات رمزية احيانا, ومباشرة غالبا مستفيدا الى حد ما من معالجات الانطباعيين التنقيطية, ويلتقى مع اهتماماته محمد الصندل 1944م الذي رسم المظاهر الاجتماعية في مدينته الاحساء.
رسم مظاهرها الريفية (الفلاحون والبائعات, والمزارع) كما رسم بعض المظاهر الاجتماعية, ويلفت في اعماله انحيازه الى مواضيع معينة مثل (البناء, الخباز, الحناء, المرفاعة), وغيرها, والتقى معه في هذا الاتجاه نحو المحيط وعلى تنوع المواضيع, واختلاف المعالجة عبدالرحمن الحافظ 1953 واحمد المغلوت 1950م وعلي الصفّار 1953 الذي استفاد من بعض معالجات الانطباعيين في ضربة لونية تعبيرية, وكذلك منير الحجي الذي لون بانطباعية غنائية, المزارع, واهتم برسم المراكب والمنازل القديمة.
مظاهر اجتماعية
وظهر الاهتمام بالمظاهر الاجتماعية في اعمال العديد من الفنانين التشكيليين السعوديين مثل ابراهيم الزيكان الذي رسم المزارع والمنازل الشعبية, وفوزية عبداللطيف التي نقلت باحساسها الفطري حيوية الحارة الشعبية وجلسات وعادات النساء, وعبدالرحمن الحواس الذي زخرف ولوّن بمبالغة, وبحرفية منازله الطينية النجدية بتأثير اعمال الفنان علي الرزيزاء 1944م ويعتبر الفنان عبدالله الشلتي واحدا من ابرز الانطباعيين السعوديين ذلك ان للبيئة التي عاش فيها الفنان تأثيرا في حلوله الفنية التي منحت لوحته تأثيرها. رسم الشلتي الطبيعة العسيرية, بمزارعها وجبالها المخضرة, ومنازلها التي يميزها نمطها المعماري, ولقد ترك هذا اثره في عدد من الفنانين مثل عبدالله شاهر وحسن عسيري وسعود القحطاني وفايع الالمعي خلال فترة من حياتهم الفنية وآخرين, وجميعهم من ابناء منطقة هذا الفنان.
ونوّع محمد المنيف 1953 على مواضيع استلهمها من بيئته وبدرجة من الرهافة وهو يوظف الالوان المائية.
وجاءت اعمال الامير خالد الفيصل دافئة وشاعرية في تناوله للطبيعة البرية بكل ما تحمله من جمال ربيعي, موحيا بعلاقة شعرية, وصفية, في لوحته, وباشر ضياء عزيز في تناول مواضيع اجتماعية شعبية يستوحيها من الحارة او من العادات اليومية للنساء في منازلهن, كما رسم مواضيع نسائية اخرى ابرزها كان عن القضية الفلسطينية.
وتطرح اعمال بعض الفنانين التشكيليين السعوديين, على تأثرها بتيار فني حديث ـ اهتماما بالبيئة وبالمحيط الاجتماعي.
فنجد حلولا تستفيد من اعمال التكعيبيين, واخرى من السيرياليين او التجريديين ففؤاد مغربل رسم بداية محاكيا للمظاهر المعمارية في المدينة المنورة الا ان هذه المحاكاة اتصلت فيما بعد بتقطيعات جزئية في لوحته وكأنه يسعى لتحليل مساحات,
وإحالتها الى منشور تنعكس فيه درجات عديدة للون واحد, الا ان محمد عبدالرحمن سيام, تناول مواضيع اخرى اقرب الى اعمال التكعيبيين المركبة التي تتألف فيها المساحات وتنبسط العناصر للتعبير عن فكرة عامة, اهتم فيها بمجموعات لونية يحاول من خلالها ايصال افكاره, اما على حسن هويدي فقد كانت منطلقاته محاكية ومباشرة برسم مواضيع قريبة للنساء والاطفال, والاسواق, وغيرها وقد تراوحت اهتماماته بين المباشرة احيانا, وبين اضفاء غلالة من المساحات الهندسية التي تشف الشكل وتتلون معه المساحات قريبا من الاختيار العام, بحيث ان رهافة الفنان وحساسيته تجعله يبقى على حال اللون, دونما اشغاله او الاضافة اليه من مجموعة اخرى. وقد عبرت بعض اعمال هويدي المبكرة عن قدرة تركيبية تمثلت في مجموعة من الاعمال حملت عناصر ومفردات مستوحاة من الابنية, والشواهد او الرموز المعمارية الاسلامية حققت للفنان مكانة وتأثيرا مبكرين.
ويستفيد محمد الرصيعي من اعمال وحلول التكعيبيين في احالتهم عناصرهم الى حدودها الهندسية, محافظا على الهيئة العامة للموضوع وموظفا ألوانه بحيوية, وطرح سعدون السعدون اعمالا بتأثير التكعيبية تناول فيها مواضيع محددّة واخرى جمالية كانت اكثر تعبيرية بمعالجاته اللونية.
وتبرز في تجارب الفنانين التشكيليين السعوديين اعمال عبدالحميد البقشي الذي اطلق منتصف السبعينيات اعماله التي تأثرت بصياغات وافكار السيرياليين, الا ان الفنان البقشي كان يوظف عناصر محلية منحت عمله بعدها الاجتماعي, وقد تركت هذه الاعمال بمهارات الفنان وقدراته الفنية, وبتلويناته وغرائبية عناصره تأثيرها في اعمال بعض الفنانين, وسواء كان هذا بالالتقاء به او الابتعاد عن حلوله, الا ان هذا التأثير بدا وضحا في اعمال عبدالعظيم شلي وسامي الحسين, وفنانين آخرين من الناشئين وكانت اعمال خالد الامير على علاقة بتأثيرات سيريالية وهو يتناول مواضيع مختلفة بينها ما يعبر عن قدرات ومهارات هذا الفنان وصدقه, كما كانت اعمال خليل حسن خليل بكل ما تحمله من محاولة للتعبير عما هو اجتماعي او تاريخي يسقطه على حاضره, وحملت اعمال صالح خطاب حلولها الخاصة, ورموزها ودلالاتها في تعبير عن الانسان والحياة والموت, كما كانت اعمال حميدة السنان التي تأثرت بالاجتماعي او التاريخي.
التوجه نحو الموروث
يعتبر التراث منهلا ومرجعا مهما في تجربة العديد من الفنانين التشكيليين السعوديين, وعلى ان عددا منهم قد حاكاه في مظاهره المعمارية او الحياتية والاجتماعية موثقا ما اصبح في حال من المتغيرات او لم يبق من اثره الا القليل, فان صوتا اخر ظهر مبكرا في استلهام هذا التراث, وبعثه في صورة تأليفية تباشر احيانا, وتوفق احيانا وتسعى ان تجدد وتغاير في حالات اخرى.
فقد شكّل التوجه نحو الموروث المحلي خاصة والعربي والاسلامي عامة تيارا قويا وبارزا منذ وقت مبكر, وقد شهد ذلك
العروض التي حاول بعض الفنانين بعث هذا الأثر في صور متعددة, وهي عروض مبكرة اختلطت فيها المحاولات, واتيحت للمشاركة فيها الفرصة للفنانين والهواة فمثلت لوحة عبدالحليم رضوى وفي صيغ تأليفية, تركيبية وحداتها وعناصرها في بعث لعناصر محلبة اراد لها (عصرنة) واحالة جديدة على خلاف المشاهد المباشرة وهي الصيغة التي دافع عنها ايضا, وباختلاف بيّن, الفنان محمد السليم الذي استوحى من الخيمة, والصحراء ليصيغ موضوعا مختلفا من منطلقات تراثية شعبية كان يتعامل معها بحميمية, ولقد توجه ذات المنحى سمير الدهام 1954 الذي لخص عناصره ومنحها بعدها او دلالاتها الرمزية, وتعامل مع تلوينات دافئة خاصة من البني والاصفر, فرسم الاسواق الشعبية والرقصات, والتقط مواضيع شعبية ميّزت تجربته الفنية مبكرا, كما كانت اعمال علي الرزيزاء الذي عاد الى المعمار الشعبي في نجد, عاد الى الرسوم الجدرانية والنقوش ليستوحي منها متعاملا مع المعاجين والالوان النحاسية والذهبية لعمل فني يحمل نفسا متميزا ومختلفا ترك اثره في بعض تلامذته الفنانين الشباب.
واستوحى عبدالله الشيخ 1936 من المعمار التقليدي العراقي وموظفا عناصر لوحته لتقديم موضوع ذي ابعاد شعبية بتوظيفاته اللونية الحميمة واشكاله لواجهات المنازل والنوافذ والابواب. وهو ما وظفه عبدالله المرزوق في صياغات تجريدية هندسية لخص معها الشكل, واختار ألوانا محدودة قرّبت فكرته الفنية, ومنحت لوحته عمقها ودلالتها, وجاءت لوحة طه صبان لتبعث فيها الرموز والعناصر المحلية, والمواضيع العامة للحارة وللبحر ولحركة يومية جرّد معها الاشكال في اثر تجريدي مميز, وكانت اعمال ابراهيم بوقس تستوحي من الشعبي, المحلي, في تلوينات زاهية وعناصر بينها الهندسي والعضوي, والكتابي, وكانت اعمال سليمان باجبع تكرس لصيغة شعبية لها رموزها وعناصرها بينها الوجوه الأدمية والطيور والخيول والكتابات وعلى نحو تبسيطي يستفيد من تسطيح الفنون الاسلامية والشعبية, ويلتقى معه احمد السبت على اختلاف تلوينات (السبت) الشفافة التي عبّرت عن شخصيته الفنية وعلى ان فنانا نحاتا مثل علي الطمسي قد تعامل مع خامة صعبة هي الرخام الا ان مواضيع هذا الفنان انحازت الى ما هو تراثي في تبسيط لبعض العناصر المحلية, والكتابات, وانحازت الى ما هو تراثي في تبسيط لبعض العناصر المحلية, والكتابات, وقد تجاوز الفنان هذه العناصر ـ المواضيع الى تشكيلات جمالية عبّرت او اوحت بالأمومة في معظم الاحيان.
الحرف العربي
منذ السبعينيات كان الحرف العربي يحضر في اعمال بعض الفنانين التشكيليين السعوديين, الا ان هذا الحضور كان ثانويا وكان ـ كما يبدو ــ بتأثير التيار القوي الذي ظهر عند بعض الفنانين العرب, واستقبلته الساحة العربية بمعرض (البعد الواحد).
من بين من تأثر بالتيار الحروفي محمد الصقجي الذي تناوله مباشراً ومكتوباً على شكل آية قرآنية كريمة او قول مأثور او غيره الا ان هذا الحرف اتخذ منحى مغايرا فيما بعد في محاولة للاستفادة من طواعيته, ومعطياته الجمالية, الا ان فنانا اخر هو محمد السليم كان الحرف لديه صيغة مجرّدة تتجرد وسط الارتدادات المسطحة التي تنبعث في لوحته الفنية, ومعها يوجد الحرف وسط امتداداته اللونية الطاغية في اللوحة.
محالا من حالته المباشرة الى تشكيلات تتآلف وعناصر او موحيات اخرى. الا ان الفنان سعى فيما بعد الى تناول مباشر للحروف فكتب بخطوط حرّة آيات وادعية واقوال مأثورة وقدّم بكرشيخون الحرف كاضافة او اشغال لمساحاته وتكويناته الفنية مستوحيا ـ كما يبدو ـ هذه الكتابات من الحشوات والزخارف الاسلامية, وجاورت الكتابات في بعض اعمال علي الرزيزاء, الاشكال الزخرفية وكتبها عبدالحليم رضوي لايصال وتكثيف فكرته عندما كتب القدس تناديكم او اين الضمير, او الشهادتين, وغيرها, وحملت لوحات ناصر الموسى شخصيتها الحروفية منذ 1983 عندما تناول الحرف بكثافة ظهر معها معرضه الشخصي الذي يعتبر اول معرض فردي اختص بالحرف العربي, وفيه كانت المعالجات دافئة وعفوية منحت التجربة ـ في بداياتها ـ دفئها واهميتها, ويواصل الفنان تناول الحرف العربي في معظم اعماله الفنية حتى التي تنشر هالة باستمرار (مجلة التوباد) الدورية, كمخرج فني لها.
حضر الحرف في تجربة عبدالعزيز عاشور في مباشرة اهتم معها باللون والتصميم الذي تنبثق معه الحروف من مركز واحد, وتعود اليه, خلاف يوسف احمد جاها الذي توازعت حروفه مساحات اللوحة, كما ظهرت بتقطيعاتها وتجزيئاتها كمن يبحث في علاقات ما بينها, وحضرت الحروف ايضا في اعمال لحمزة باجودة يباشر بوجودها بينما جاءت عند فهد الربيق لتقدم رؤيته الفنية المتأثرة بالتونسي نجا المهداوي, وهي تجربة استمرت اعواما قليلة عاد بعدها الفنان الى صياغاته الحلمية الخاصة والتي ظهر منها على حروفه شفافية التلوين ورهافة المعالجة, بينما كان الحرف العربي عند سليمان الحلوة شاعريا والصياغة على درجة من الرهافة والرومانسية, وقد تناول الحرف العربي عدد من الفنانين التشكيليين السعوديين تباينت حلولهم واختلفت نتائجهم وسنجد أهمها عند تركي الدوسري ويحيى شريفي وعلي عيسى الدوسري ورضا وارس واحمد منشي واحمد السبت واحمد الاعرج, وآخرين, وقد يكون لبعض الفنانين العرب الاثر الواضح في تجارب بعض التشكيليين السعوديين الحروفية, كما كان الاثر ايضا للمشاريع الخاصة بالمطارات الكبرى الثلاثة والتي استهلت في بداية الثمانينيات في مطار الملك عبدالعزيز بجدة وشارك فيه العديد من الفنانين العرب مثل ضياء العزاوي ووجيه نحله واحمد شبرين ومزيد بلكاهية ومحمد المليجي ونجا مهداوي, والقائمة طويلة.
جاءت اعمال فيصل السمرة 1954 لتعبر عن حداثة جديدة للوحة التشكيلية السعودية, فالفنان منذ عودته من فرنسا ــ بعد اكمال دراسته الفنية ـ خاض تجارب تنوعت معها الصيغ والخدمات وانتهت باستخدامه في اخر معارضه بجدة الاسلاك والصفائح المعدنية او الحديد, ورابطا بين علاقة انسانية, وحالة من العودة الى ما يحقق معادلة جماليات, وحداثة اللوحة ـ العمل الفني, بينما وظفت منيرة موصلي الخامات والاصباع والتلوينات الشعبية لتلعبير عن هوية محلية لعملها الفني الذي تناولت عناصره بشكل فطري وفق استخدام الخامات كانت اعمال تحديثية لسعر الخليوي وصديق واصل ومهدي الجريبي ومحمد الفاوري وحمدان محارب وهاشم سلطان, وآخرين.
لقد عبّرت العديد من الاسماء التشكيلية في الساحة السعودية عن توجهات سعت مبكرا من عمر تجاربها الى بحث, وسعي عن
صيغة مميزة, وسنجد مثل ذلك في اعمال عثمان الخزيم وزمان محمد جاسم ومحمد المصلي ومحمد الحمد وعبدالعزيز الماجد وعبدالله ادريس ونايل ملا وعبدالله حماس وعبدالله نواوي وسعد المسعري وابراهيم النغيثر وعبدالوهاب عطيف وخالد العويس ورائدة عاشور وشادية عالم وبدرية الناصر واضواء بنت يزيد وشريفة السريري وصالح النقيدان ومفرح عسيري وعبدالعظيم الضامن ونوال مصلي وكمال المعلم واحمد فلمبان.. واخرين.
لقد بدأت عدة قنوات حكومية وخاصة في رفد الساحة التشكيلية بالمملكة بالمعارض التي شجعت الفنانين والفنانات منذ قيام الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون 1973 ثم افتتاحها لعدة فروع تزيد حتى الان على العشرة, والرئاسة العامة لرعاية الشباب التي تكثف بقيامها وانشاء ادارة الشئون الثقافية, قسم الفنون التشكيلية المعارض الجماعية التي خصصت لها الجوائز المادية واتسمت هذه المعارض (المعرض العام للمقتنيات, والمعرض العام لمناطق المملكة, ومعرض الفن السعودي المعاصر, والمعرض العام للمراسم) بجانب معارض اخرى واقامة معارض سعودية في الخارج واستضافت معارض عربية او دولية لفنانين عرب واجانب, ونظم الحرس الوطني السعودي معرضا جماعيا للفنانين السعوديين بشكل سنوي منذ 1985م من خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة, وتنظم الخطوط الجوية العربية السعودية مسابقة منذ 1993م تحت مسمى مسابقة (ملون السعودية) تمنح جوائز مادية للفائزين فيها, وتقوم عدة صالات عرض خاصة بتنظيم معارض شخصية ومشتركة وجماعية للفنانين من داخل السعودية, ومن خارجها, وبرزت بين المؤسسات الفنية (المنصورية للثقافة والابداع) التي اخذت على عاتقها شكلا رياديا تنظيميا اهتمت منه بالفنانين.
وتبنت عروضهم داخل المملكة العربية السعودية وخارجها, وقد قامت في السعودية بعض الجماعات التشكيلية من ابرزها كجماعة فناني المدينة المنورة, وجماعة درب النجا, وجماعة الفنون التشكيلية بمركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف في المنطقة الشرقية, وجماعة الاصدقاء الخمسة, وغيرها.