صندوق الحب وأشياء لا تشبهني !!
.
.
الساعة السابعة..
في هذا الوقت غالبا أشعر برغبة في اليقظة لولا أن رغبتي في النوم تكون أقوى ،
لايهم فلم يسبق أن عرفت تحديدا مالذي " أرغبه " ..
تبا للساعة السابعة ولكل الساعات السابعة في العالم !
..
الساعة التاسعة ..
ورغبة أخرى هذه المرة ..
أشعر بالرغبة في تغيير نفسي تسيطر علي ، لم أعد أروق لي كما في السابق !
أقف أمام المرآة وأسألها كالمعتاد إن كانت رأت أو مر أمامها خلال تاريخها الطويل في إظهار الأشياء على حقيقتها من هو أكثر وسامة مني !
ولا تجيبني وأفهم من عدم إجابتها أنها لا تريد إيذاء مشاعري !
وبالرغم من أن المرايا لا تفعل ذلك في الغالب ، فهي تواجه الأشياء بحقيقتها دون أدنى إحساس بالذنب ، لكني قلت لعل في عدم اجابتها استثناء ما !
اقتنعت مؤخرا أني أقل من أن أتحمل مسؤلية نفسي ولذلك فانا كثير الأسئلة للآخرين عني ، أستمتع أحيانا بهذا !
قلت لأحدهم أني لم أعد أريد ان أكون أنا ..
وسألني هل تريد التغير للأفضل ؟
قلت له للأسف أن هذا هو الخيار الوحيد حاليا ، لأنني حتى لو رغبت في التحول إلى الأسوأ فلن يكون بمقدروي لأنه ليس هناك أسوأ !
حاول طمأنتي وأخبرني أن الأمر الآن أصبح سهلاً جداً ولم يعد هناك هاجس لدى الناس هذه الأيام إلا أن يتغيروا ..
أخبرني أن هناك دورات للهندسة النفسية وكتيبات وأشرطة ومحاضرات ثم أهداني أحدها ..
كانت مادة مسجلة عنوانها " آلية التغيير " !
قال لي كل ما عليك هو أن تتبع الخطوات التي ستسمعها وستجد نفسك تتغير !
ولأني لا أثق في أحد ـ وهذا أمر لا أحب تغييره ـ فقد سألته هل جربه فأجاب بالإيجاب !
ولم أسأل إن كان قد استفاد فأنا لم ألحظ أية تغير عليه ولكني عزوت ذلك لبلادتي وعدم دقة ملاحظتي !
كم هي جميلة البلادة !
وكم هو محبط للآخرين أن يتغيروا ويهندسوا أنفسهم ولا ألاحظ !
كانت ثقتي في بلادتي سببا مباشراً في أن أفرح كثيرا بهذه المادة المسجلة بلإضافة إلى عدة أسباب أخرى منها أني اكتشفت أن الرغبة في التغيير أصبحت مطلبا لأكثر من شخص !
أصدقكم القول أني مللت من تلك الرغبات الحمقاء التي لا يفكر فيها أحد غيري !
آن الأوان أن أجرب ما يجربه الناس وأن أتغير ..
صحيح أني سأصبح بعد التغيير المنتظر مثل بقية الناس قبل ان يتغيروا ، ولكنه تغيير على اية حال !
أصبح التغيير هاجسا ومشكلة بالنسبة لي ولكنها مشكلة جميلة أدخلت السعادة إلى نفسي لأنها المرة الأولى التي أعتقد أني " أخترع " مشكلة حلها سهل !
كل ما في الأمر جلسة سماع وأصبح مختلفاً !
دخلت غرفتي واستطراداً أقول أنها في حقيقة الأمر ليست غرفتي ولكني هكذا أحب دائما إدعاء تملك الأشياء التي لا تخصني ..
هي غرفة صاحب المنزل الذي أستأجره وأستأجرتها من ضمن المنزل ويستخدمها معي آخرون ..!
بالفعل لا أدري لماذا أسميها غرفتي ولا أجد سببا لذلك إلا أنانيتي وسوء أخلاقي !
المهم أني دخلت الغرفة وزيادة في أخذ الحيطة والحذر فقد نبهت أهلي إلى أمر مهم جدا قد يغفل عنه الكثير !
قلت لهم بأن من سيخرج من باب هذه الغرفة بعد ساعة هو أنا ، حتى لا يلتبس عليهم الأمر !
خشيت أن أتغير إلى درجة أنهم لن يعرفوني !
بدأت الاستماع ..
طلب مني المحاضر أن أسترخي والا أفكر في أي شيء ـ لم يكن هناك حاجة لمثل هذا الطلب ـ !
ثم طلب مني التركيز على نقطة محددة في السطح ..
وقد استنتجت من طلبه هذا أن الذين يسكنون في غرف ليس لها أسطح لن يكون بإمكانهم أن يتغيروا !
ثم بدا يتكلم عن الحياة والإيجابية والأنهار والعصافير والفراشات فأوجست في نفسي خيفة !
بدا الأمر مرييا فلا أدري إلى ماذا سأتحول بعد هذا الحديث عن هذه المخلوقات !
أكملت الاستماع ..
وخرجت لأتفاجأ بأمر لم يكن في الحسبان !
الكل عرفني !
إنه أمر محبط ، ولكني قلت لعلهم كانوا يسترقون السمع فتغيروا هم أيضاً ولذلك لم نلحظ التغييرات التي حدثت لنا لأننا تغيرنا بشكل جماعي !
في اليوم التالي قابلت الشخص الذي أهداني الشريط ..
سألني هل استمعت إليه ، شعرت بأن هناك شيئا ما بداخلة يلحّ عليه أن يكون مسؤلا عني !
أخبرته أني استمعت إليه كاملا غير منقوص ..
ثم أردف بسؤال عن رأيي ..
وهكذا نفعل جميعا حين نهدي أحدهم شيئا ما .. نستمر في سؤاله عن رأيه لأننا نريد أن يستمر في مديحنا وأننا قمنا بعمل كبير وأننا بشر جميلون ورائعون ...!!
بدا لي للحظات أنه أهداني الشريط حتى يتغير هو !
قلت له وحتى أرضي غروره ـ الذي يشبه غرورنا جميعا ـ لم أكن أتوقع أن لمثل هذه المادة المسجلة كل هذا التأثير !
لقد تغيرت أشياء كثيرة بالفعل منذ استمعت إليها !
سألني عن أمثلة للتغير الذي لمسته ..
أجبته أن أهم شيء تغير هو سطح الغرفة !
فلقد اكتشفت أثناء جلسة الاسترخاء وتركيزي على نقطة معينة وجود قطعة من ديكور السطح تكاد تقع !
وقد بادرت إلى إزالتها بالإضافة إلى اكتشافي أن أحد اللمبات قد احترقت وقد قمت " بتغييرها " !
بالفعل كانت المحاضرة فعالة ومؤثرة ولا أستطيع إنكار التغيير الذي حدث بسببها ..
صحيح أن تأثيرها كان عموديا ولكني وعدته أن أعلق المسجلة في السطح في المرة القادمة لعل التأثير يسقط علي ..
الساعة الثالثة :
عدت للمرآة ..
اكتشفت أني لم أتغير ، فكرت في سؤال المرآة نفس السؤال ولكني لم أرد إحراجها فتكرتها دون سؤال كانت تنتظره ..
من حسن حظ المرآة أنها لم تكن حاضرة جلسة التغيير .. ربما كنت سأكتشف أنها بلهاء بما يكفي لأن تتجاهل أسئلتي !
همست في " وجه " المرآة وأخبرتها أنها محظوظة لأن الناس لا يضعون المرايا في أسطح غرفهم !
قيل لي أن الحب يغير الناس ..
عند العاشرة تماما :
فكرت جدياً في الحب ، ولكن الحب ليس أمراً يسير المنال على كل حال ، هو أصعب من الحصول على قرض من صندوق التنمية العقاري ..
وتخيلت لو أن الدولة ـ وفقها الله ـ تنشيء صندوقاً للحب ، فمالذي ينقص الحب ليصبح له صندوقه هو الآخر ..
هو أولى من الفقر على أية حال ..
وكل شيء في هذه البلد أصبح له صندوقه الخاص !
سيكون الأمر محبطا لو ذهبت للصندوق وأخبروني أن دفعة الحب الخاصة بي لن تأتي إلا بعد عشر سنوات !
مالذي سأحب حتى يأتي صندوق الحب ..
ربما سأحب نفسي ، وهو الأمر الذي عجزت عن القيام به منذ بدأت افكر في " التغيير " !!
الحبيّبة ينتشرون في كل مكان .. وزيارة لأفياء بالجوار تكفي لاحباطي دهرا!
ربما أستلموا نصيبهم من الحب مبكرا ..
ولكن ماذا سأقول فما باليد حيلة .. ولا بالرجل أيضا !
قاتل الله الواسطة !!
م0ن