وقال عطاء بن أبي رباح : ما رأيت مجلساً قط أكرم من مجلس ابن عباس : أكثر فقهاً وأعظم جفنة ، إن أصحاب الفقه عنده .
وأصحاب القرآن عنده وأصحاب الشعر ، يصدرهم كلهم في واد واسع ، وكان عمر بن الخطاب يسأله مع الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزيده الله علماً وفقهاً.
وقال عبد الله بن مسعود : لو أن ابن عباس أدرك أسناننا ما عشره منا رجل .
أي ما بلغ عشرة.
وقال ابن عباس: ما سألني أحد عن مسألة إلا عرفت أنه فقيه أو غير فقيه ، وقيل له أني أصبت هذا العلم ؟ قال : بلسان سؤول ، وقلب عقول .
وكان يسمى البحر من كثرة علمه.
وقال طاوس : أدركت نحو خمسين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر لهم ابن عباس شيئاً فخالفوه لم يزل بهم حتى يقررهم.
وقال الأعمش : كان ابن عباس إذا رأيته قلت : أجمل الناس ، فإذا تكلم قلت : أفصح الناس ، فإذا حدث قلت : أعلم الناس.
وقال مجاهد : كان بان عباس إذا فسر الشئ رأيت عليه النور.
وقال ابن سيرين : كانوا يرون أن الرجل الواحد يعلم من العمل مالا يعلمه الناس أجمعون .
قال ابن عون : فكأنه رآني أنكرت ذلك قال فقال : أليس أبو بكر كان يعلم مالا يعلم الناس، ثم كان عمر يعلم مالا يعلم الناس؟! وقال عبد الله بن مسعود : لو وضع علم أحياء العرب في كفة وعلم في كفة لرجح بهم علم عمر ، قال الأعمش فذكروا ذلك لإبراهيم فقال : عبد الله ؟! إن كنا لنحسبه قد ذهب بتسعة أعشار العلم.
وقال سعيد بن المسيب : ما أعلم أحداً من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم من عمر بن الخطاب.
وقال الشعبي : قضاة الناس أربعة .
عمر وعلي وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري.
وكانت عائشة رضي الله عنهما مقدمة في العلم بالفرائض والسنن والأحكام والحلال والحرام والتفسير قال عروة بن الزبير : ما جالست أحداً قط أعلم بقضاء ولا بحديث الجاهلية ولا أروي للشعر ولا أعلم بفريضة ولا طب من عائشة .
وقال عطاء : كانت عائشة أعلم الناس وأفقه الناس.
وقال البخاري في تاريخه : روى العلم عن أبي هريرة ثمانمائة رجل ما بين صاحب وتابع .
وقال عبد الله بن مسعود : إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه وبعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد فجعلوا وزراءه .
وقال ابن عباس في قوله تعالى: قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، قال : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, وقال ابن مسعود : من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب محمد ، أبر هذه الأمة قلوباً ، وأعمقها علماً ، وأقلها تكلفاً ، قوم اختارهم الله لإقامة دينه وصحبة نبيه فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.
وقد أثنى الله سبحانه عليهم بما لم يثنه على أمة من الأمم سواهم فقال تعالى: وكذلك جعلناكم أمة وسطاً أي عدولاً خياراً .
لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً .
وقال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله وقال : محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً ، سيماهم في وجوههم من أثر السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً .
وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وهم محمد وأصحابه.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم إنه قال : أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرهم وأكرمها على الله عز وجل .
وقال تعالى : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم .
وقال مالك عن نافع :
كان ابن عباس وابن عمر يجلسان للناس عند قدوم الحاج وكنت أجلس إلى هذا يوماً وإلى هذا يوماً ، فكان ابن عباس يجيب ويفتي في كل ما يسأل عنه وكان ابن عمر يرد أكثر مما يفتي.
قال مالك : وسمعت أن معاذ بن جبل يكون إمام العلماء برتوة يعنى يكون أمامهم يوم القيامة برمية حجر.
وقال مالك أقام ابن عمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة يفتى الناس في الموسم ويغر ذلك وكان من أئمة الدين ، وقال عمر لجرير : يرحمك الله إن كنت لسيداً في الجاهلية فقيهاً في الإسلام .
قال محمد بن المنكدر :
ما قدم البصرة أحد افضل من عمران بن حصين .
وكان لجابر بن عبد الله حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ عنه العلم.
والعلم إنما انتشر في الآفاق عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين فتحوا البلاد بالجهاد ، والقلوب بالعلم والقرآن ، فملأوا الدنيا خيراً وعلماً ، والناس اليوم في بقايا آثار علمهم.
قال الشافعي في رسالته وقد ذكر الصحابة فعظمهم وأثنى عليهم ثم قال: وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم ، وآراؤهم لنا ،مد وأولى لنا من أرائنا ، ومن أدركنا ممن نرضى أو حكى لنا عنه ببلدنا صرنا فيما لم نعلم فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا ولم نخرج من أقاويلهم كلهم.
وقال الشافعي :