العهد الراشدي و الأموي
من شعراء هذا العصر:
الفرزدق
جرير
حسان بن ثابت
جميل بن معمر
كعب بن زهير
عمر بن أبي ربيعة
كما اشتهر في هذا العصر ما عرف بشعر
الأراجيزو الراعويات
لمحة عن الشعر الراشدي و الأموي
العهد الراشدي و الأموي
(1-132)
كانت الجزيرة العربية تعيش حالة من التفكك الاجتماعي و السياسي إلى أن جاء الإسلام ووحد العرب تحت رايته فكانت الهجرة النبوية بدء التاريخ الهجري ومعه بدء نشوء الخلافة الإسلامية.
قام الخلفاء الراشدون بإدارة شؤون المسلمين و تطبيق النظام الإسلامي.
و لما بويع علي بن أبي طالب وقع خلاف سياسي انتهى بمقتل الخليفة علي و تسلم معاوية بن أبي سفيان الخلافة لتبدأ معه الخلافة الأموية.
يمكن القول بأن الفتوحات الإسلامية كان لها أثر كبير على الشعر و انتقاله, و إن لم يكن بشكل تام, من البادية إلى الحضر. حيث أصبح كل شاعر يتغنى بقبيلته و حزبه إضافة إلى مدح الخلفاء و التغني بمآثرهم. ولا يكمل أي مجلس لهووغناء دون الشعر حيث يقدم للمغنيين ألحاناً تنتقل من قلب إلى قلب.
ظلت أغراض الشعر الجاهلية كالفخر والهجاء والمدح والحماسة والرثاء والوصف, إلا أن هذه الأغراض صبغت بالبيئة الجديدة التي وجدت فيها فظهرت مثلاً الدعوة إلى الإسلام ومناضلة خصومه, كما ظهر مدح النبي الكريم محمد عليه الصلاة و السلام, و وصف المعاقل والحصون و آلات القتال وما إلى ذلك وكله لم يكن للعرب عهد به.
حافظ الخلفاء الأمويون على النزعة العربية فأبقوا وظائف الدولة العليا في أيدي العرب دون الموالي من غير العرب الذين كان لهم دور فيما بعد بتدمير الدولة الأموية. أيضاً أعطى الأمويون للثقافة العربية أهمية كبرى فأنشأوا أولادهم في البادية ليتعلموا الشعر والأدب واللغة العربية السليمة, فكانوا يعقدون المجالس الأدبية ويجزلون العطايا على أهل الأدب. وعلى ذلك يمكن تقسيم الشعر الأموي إلى:
1-الشعر الديني: الذي قيل لتأييد الدعوة الإسلامية ومدح الرسول الكريم محمد عليه الصلاة و السلام و ذم كل من يعاديه أو يعادي دينه. من أشهر شعراء تلك الحقبة: كعب بن زهير و حسان بن ثابت.
2-شعر اللهو: وهو الغزل سواء العفيف أو غير العفيف . و من أشهر أصحابه جميل بن معمر و عمر بن أبي ربيعة.
شعر اللهو فهو على نوعين:
أ*) الغزل البدوي أو العفيف: أصحابه أصحاب الحب الأفلاطوني ومن أشهر أصحابه: جميل بن معمر صاحب بثينة والمجنون العامري صاحب ليلى.
ب*) العزل الحضري أو غير العفيف: فهو غزل إباحي عن الحب و ملذاته الجسدية, فيه الكثير من الوصف القصصي الواقعي . من أشهر شعرائه: عمر بن أبي ربيعة.
أما الغزل البدوي : فهو وليد البيئة البدوية التي أعطت الرصانة و السذاجة من دون سخف والصدق في العاطفة و تصويرها.
جميل بن معمر :
هو جميل بن عبد الله بن معمر من الحجاز. أحب ابنة عمه بثينة و قال فيها الشعر فرفضه أهلها لذلك و زوجوه بغيرها. إلا أنه ظل يتردد عليها حتى شكوه إلى الوالي الذي أهدر دمه, فخرج يضرب في الأرض حتى مات في مصر.
في شعره فخر و هجاء ومديح لأهل أمه, لكن شهرته جاءت من شعر الغزل الذي قاله لبثينة, وفيه تتجلى عاطفة الشاعر صادقة بريئة, تشتعل في سطورشعره لتقاوم جفوة بثينة وصدودها عنه:
وأطعت فيّ عوذلاً فهجرتني
وعصيت فيك وإن جهدت عواذلي
يمتلأ شعره بالأسلوب الخطابي الإخباري مع التفجع و الشكوى باستعماله التعجب و النداء و الاستفهام و ما إليه:
يا ليتني ألقى المنية بغتة
إن كان يوم لقلئكم لم يقدر
لغة الشاعر تنساق موسيقى عذبة جاءت من خلجات قلب ينبض بالحب و الأسى:
خليلي فيما عشتما هل
رأيتما قتيلاً من الهوى قبلي ؟
الشعر الحضري أو غير العفيف: هو غزل جديد قائم بذاته وليس ضمن قصيدة قد يبتعد الشاعر في غرض قصيدته كل البعد عن الغزل, نشأهذا النوع من الشعر في الحجاز و البلاد العربية الخالصة دون الشام و العراق التي كانت ميدان سيلسة ولا مكان للسكينة و الفراغ فيهما.
فهذا النوع من الغزل أساسه الترف و الفراغ و كثرة الأموال التي أنتجت شباباًحياتهم كلها مجون خاصة مع وجود الرقيق بكثرة و انتشار الغناء و الموسيقى في الملاهي التي غني فيها غزل أبعد ما يكون عن العفة و البراءة.
من شعراء الترف و البذخ آنذاك: عمر بن أبي ربيعة
ولد من بني مخزوم أكثر بيوت قريش نفوذاً قبل الإسلام و بعده. فكان أن نشأ عمر على الترف و حوله الجواري و الأرقاء يوفرون له كل أسباب الراحة و اللهو مثله مثل أي فتى من أبناء الأشراف الذين يعيشون لمتعتهم بعيداً عن السياسة و متاعب الحياة الأخرى.
يزخر ديوان ابن ابي ربيعة بالتغزل بالنساء و الكلام عنهن حتى يخيل للمرء أنه لم يترك امرأة جميلة إلا و تكلم عنها ..ركز في وصفه للمرأة على الناحية الخارجية فاستعمل الأوصاف و التشبيهات التقليدية.
كذلك وصف المرأة من الناحية النفسية فتحدث عن أخلاقها و أساليبها في الحديث و حركاتها في مختلف المواقف ولا سيما في مجالس اللهو, فجاء شعره صورة حية لحياة المرأة اللاهية والذي أدخل عليه لغة المرأة و طريقة تخاطبها بواقعية شديدة:
قلت: "من هذه" فقالت:بعض
من فتن الله بكم فيمن فتن"
قلت:"حقاً ذا" فقالت قولة
أورثت في القلب هماً وحزن
"يشهد الله على حبي لكم
و دموعي شاهد لي و الحزن"
قلت:" ياسيدتي عذبتني "
قالت:" اللهم عذبني إذن!"
شاع في شعره الحديث دون الإكثار من الفكر و الخيال, و إن وجد تحليل نفسي فقد جاء بطريقة سطحية كتحليل أي شخص لم يتألم ولم يتعذب ليقف مع نفسه و يتأمل في عواطف وخلجات قلبه, فهو يملك كل مايحتاج إليه من ظرف و جمال و جاه.. فكلماته ما هي إلا نغمات موسيقى سلسة تكاد أحياناً تختفي فيها القافية ليصبح شعره أقرب إلى النثر:
جعلت طريقي على بابكم
و ما كان بابكم لي طريقاً
صرمت الأقارب من أجلكم
و صافيت من لم يكن لي صديقاً
3- الشعر السياسي : ظهرت في الدولة الإسلامية أحزاب كالخوارج و الشيعة و الموالي و لكلٍ منهم أهداف و شعراء الذين يناصرون قضاياهم و ما يؤمنون به . مثل الكميت بن زيد الأسدي المناصر للشيعة:
ولد الكميت في الكوفة وشب على ثقافة البدو والحضر, فاجتمع له علم غزير بلغات العرب وأشعارها و أنسابها .
ورث التشيع من بيئته, فكان شاعر الشيعة يحتج لهم بشعره و يدافع عنهم مناهضاً بني مروان الخلفاء و مخلصاً للمبدأ الذي يخدمه .
وقد أسميت قصائده التي أعلن فيها تشيعه و مناصرته لبني هاشم و آل علي بالهاشميات :
طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب
ولا لعباً مني و ذوالشيب يلعب
ولم يلهني دار ولا رسم منزل
ولم يتطربني بنان مخضب
إلى النفر البيض الذين بحبهم
إلى الله فيم نابني أتقرب
بني هاشم رهط النبي فإنني
بهم ولهم أرضى و أغضب
في شعره اجتمعت السياسة التي جادل عنها تدعمها ثقافة واسعة فكان أسلوبه أقرب إلى التقرير. لكنه ولا شك مثل عصر بني مروان خير تمثيل مع دعوة واضحة إلى الى الحياة و النهوض.
أما الفرزدق و جرير فهم شعراء سياسيون و لكن بعنى مختلف, فعصبيتهم القبلية هي الغالبة على شعرهم, فالسياسة عندهم وسيلة لغاية قبلية و اتصالهم بالخلفاء و الزعماء يعتمد على ما يحققه من منافع لقبيلتهم .
4- ظهر شعر لموضوعات خاصة أو أساليب خاصة كالأراجيز و الراعويات من أشهر شعرائها : العجاج و ذو الرمة .