لا تخش غما ، ولا تَـشْـكُ هما ، ولا يصبك قلق ، ما دام قرينك هو
""" ذكر الله """
وقال تعالى{ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} (45)
إنه المال الذي لا تحميه الرجال ، والكنز الذي لا يخاف عليه النهب
والذخيرة التي لا تصل إليها يد ..
اشتكى علي وفاطمة رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ما تواجهه من الطحن والعمل المجهد ، فسألته خادما ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم
" ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم ، إذا أويتما إلى فراشكما
فسبحان الله ثلاثا وثلاثين ، واحمداه ثلاثا وثلاثين ، وكبراه أربعا وثلاثين
فتلك مائة على اللسان وألف في الميزان "
فقال علي رضي الله عنه : ما تركتها بعدما سمعتها من النبي
صلى الله عليه وسلم
- رواه أحمد -
لو كلف كل واحد منا نفسه ، في أن يحرك جفنيه ، ليرى يمنة ويسرة
مشاهد متكررة ، من صرعى الغفلة وقلة الذكر :
أفلا ينظر إلى ظلمة البيوت الخاوية من ذكر الله تعالى !!
أولا ينظر إلى المرضى المنكسرين ، أوكلهم الله إلى أنفسهم لما نسوه
فازدادوا مرضا إلى مرضهم !!
أولا ينظر إلى المسحورين والمسحورات ، وقد تسللت إليهم أيدي السحرة
والمشعوذين ، والدجالين الأفاكين فانتشلوا منهم الهناء والصفاء ، واقتلعوا
أطناب الحياة الهادئة ، فخر عليهم سقف السعادة من فوقهم !!
أولا يتفكر الواحد منكم في أولئك المبتلين بمس الجان ومردة الشياطين
يتوجعون ويتقلبون تقلب الأسير على الرمضاء ، تتخبطهم الشياطين من المس
فلا يقر لهم قرار ، ولا يهدأ لهم بال !!
أفلا يُسائل نفسه أين هؤلاء البؤساء من ذكر الله عز وجل ؟
أين هم جميعا من تلك الحصون المكينة ، والحروز الأمينة ، التي تعتقهم
من عبودية الغفلة والأمراض الفتاكة ؟!!
أما علم هؤلاء جميعا ، أن لدخول المنزل ذكرا وللخروج منه ؟!
أما علموا أن للنوم ذكرا وللاستيقاظ منه ؟!
أما علموا أن للصباح في كل يوم ذكرا ، وللمساء منه ذكر ؟!
بل حتى في مواقعة الزوج أهله ، بل وفي دخول الخلاء – أعزكم الله –
والخروج منه ؟
وحتى مجالس القوم ، حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن
تنفض المجالس دون أن يذكر الله عز وجل فيها بقوله :
" ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا على
مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة "
- رواه أبو داود والحاكم -
تأمل مجالس الصحابة رضوان الله عليهم :
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن معاوية أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم
خرجعلى حلقة من أصحابه فقال :
"ما أجلسكم ؟ "
قالوا : جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هداناللإسلام ..
قال : "آلله ما أجلسكم إلا ذاك ؟ "
قالوا : آلله ما أجلسنا إلاذاك .
قال :"أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم ، ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن
الله عز وجل يباهي بكمالملائكة "
- رواه مسلم –
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إن لله تعالى ملائكة سيارة فضلاء يتبعون مجالس الذكر ، فإذا وجدوا
مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحفّ بعضهم بعضاً بأجنحتهم حتى يملئوا
ما بينهم وبين سماء الدنيا فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء قال :
فيسألهم الله عز وجل – وهو أعلم بهم – من أين جئتم ؟
فيقولون : جئنا من عند عباد لك في الأرض يسبحونك ويكبرونك
ويهللونك ويحمدونك ويسألونك ، قال : وماذا يسألوني ؟ قالوا :
يسألونك جنتك ، قال : وهل رأوا جنتي ؟ قالوا : لا يارب .. قال :
فكيف لو رأوا جنتي ..
قالوا : ويستجيرونك ، قال : ومم يستجيروني ؟ قالوا : من نارك يا رب
قال : وهل رأوا ناري ؟ قالوا : لا ، قال : فكيف لو رأوا ناري ..
قالوا : ويستغفرونك ، قال : فيقول قد غفرت لهم وأعطيتهم ما سألوا
وأجرتهم مما استجاروا ، قال : يقولون : رب فيهم فلان ، عبدٌ خطّـاء
إنما مرّ فجلس معهم ، قال : فيقول :
وله قد غفرت ، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم
- أخرجه البخاري ( 6408) ومسلم ( 2689)
وإن السائل ليَسأل : ما بال ذكر الله سبحانه مع خفته على اللسان
وقلة التعب فيه ، صار أنفع وأفضل ، من جملة العبادات مع المشقات
المتكررة فيها ؟
فالجواب : هو أن الله سبحانه جعل لسائر العبادات مقدارا وأوقاتا محدودة
ولم يجعل لذكر الله مقدارا ولا وقتا ، وأمر بالإكثار منه بغير مقدار
لأن رؤوس الذكر هي الباقيات الصالحات ، لما ثبت عن النبي صلى الله علي
أنه قال :
" خذوا جُنتكم .. قلنا : يا رسول الله ، من عدو قد حضر ؟
قال : لا ، جنتكم من النار ، قولوا : سبحان الله ، والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر .... فإنهن يأتين يوم القيامة منجبات ومقدمات
وهن الباقيات الصالحات "
- رواه الحاكم وصححه –
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(أحب الأعمال الى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله )رواه ابن حبان والطبراني عن معاذ رضي الله عنه
ورُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن دور الجنة تُبنى بالذكر فإذا أمسك عن الذكر أمسكوا
فيقال لهم .. فيقولون : حتى تأتينا نفقة .....
فيا من شكى الأرق وبكى من الألم ، وتفجع من الحوادث
ورمته الخطوب هيا اهتف باسمه المقدس
الله أكبرُ كم هَـمٍّ ينجلي عن قلبِ كل مُكبّر ومُهلّـلِ
كان شيخ الإسلام ابن تيمية يصلي الفجر ، ثم يجلس يذكر الله تعالى
إلى قريب من انتصاف النهار ، ثم يلتفت إلى تلميذه ابن القيم ويقول له :
" هذه غدوتي ، لو لم أتغدّ الغداء سقطت قوتي "
وإني لأتساءل : من منا لا يفاخر الناس حينما يسمع كلمة عن مسؤول كبير
مفادها أن هذا المسؤول مُعجَب به ؟؟
فكيف نزهد في محبة الله لنا ؟!
جاء في سنن الدار قطني بسند حسن أن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام قال
( يا رب : وددت لو أعلم من تحب حتى أحبه ؟ فأوحى الله
عز وجل إلى موسى
يا موسى إذا رأيتَ عبدي يذكرني كثيرا فأنا أذنت له وأنا أحبه
وإذا رأيت عبدي لا يذكرني فأنا حجيجه وأنا أبغضه " .
تعلق بعض الناس بالمناصب وبعضهم بالقصور وبعضهم بالأموال وبعضهم
بالأولاد ، ولكن ما صحت قلوبهم وما انشرحت صدورهم لأن الله يقول :
{ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا }
جاء رجل إلى الحسن قائلا :
يا أبا سعيد ، أشكو إليك قسوة قلبي
فقال له : أذبه بالذكــر ..
وقيل لأحد الصالحيــن : ألا تستوحش وأنت وحدك ؟!
قال : كيف أستوحش وهو يقول : أنا جليس من ذكرني ..
فكم نتحدث ؟ وكم نلغو؟ وكم نلهو ؟
فأي وقت صرفناه في الذكر ؟!
ألا تعلم أنه
- من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة
- من قال سبحان الله العظيم وبحمدهغرست له نخلة في الجنة
- من توضأ فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد
أن محمدعبده ورسوله
فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء
(( منقـــــول ))