الخلافة العباسية :
انتقلت الخلافة إلى بني العباس بعد نجاح الدعوة السرية التي أطلقها دعاتهم منذ بداية السنة المائة للهجرة في خراسان حتى سنة 132هـ, وفيها انكشف سر الدعوة التي كان ظاهرها الدعوة لاختيار خليفة من بيت آل النبي صلى الله عليه وسلم يرضى عنه المسلمون, وكان يطلق عليها (الرضى من آل محمد), إمعانا في الكتمان. ثم تبين أنها كانت تخفي الدعوة لبني العباس.
وفي يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول سنة 132هـ دخل الكوفة أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وبويع في مسجدها, وألقى في أهل الكوفة خطابا, بين فيه حق بني العباس في الخلافة, وجاء فيه مخاطبا إياهم: (.... وقد زدت في أعطياتكم مائة درهم فاستعدوا, فأنا السفاح المبيح, والثائر المبير), فلقب بالسفاح.
ومن ذلك اليوم طوي علم بني أمية الأبيض وارتفع علم بني العباس الأسود. وأخذ عما السفاح عبد الله وصالح ولدا علي بن عبد الله العباسي يطاردون بني أمية بعد هزيمة مروان بن محمد آخر خلفائهم والقبض عليه في (بوصير) بمصر وقتله, فنبشوا قبور بني أمية في دمشق وأحرقوا ما تبقى من رفاتها وغدروا بجمع كبير من بني أمية في فلسطين فقتلوهم على شاطئ نهر (فطرس) وتشتت من نجا منهم في الآفاق, وتشردت نساؤهم حتى باتوا من السائلين .
النتائج التي ترتبت على انتقال الحكم إلى بني العباس :
أولاً - نقل العاصمة من الشام إلى العراق وانتصار أهل العراق على أهل الشام بعد صراع دام أكثر من قرنين.
ثانياً - انتقال النشاط التجاري إلى العراق, وربط التجارة البرية ببغداد والبحرية بالبصرة.
ثالثاً - قيام صراع بين أشراف العرب وأشراف الموالي من الفرس على نيل مناصب الدولة, وإيثار الموالي بهذه المناصب.
رابعاً - اشتداد مقاومة الناقمين من العلويين والخوارج وتوالي ثوراتهم على الحكم العباسي, وانشغال الدولة بقمعها مما أدى:
ا - إلى توقف الفتوحات وتحول الدولة العباسية من موقف الهجوم - وهو موقف الدولة الأموية - إلى موقف الدفاع, واعتبار الحدود التي وصل إليها الأمويون في فتوحاتهم, حدودا نهائية والوقوف عندها والاكتفاء بالدفاع عنها.
ب - عجز الدولة عن ضبط الحكم في الولايات الإفريقية, مما اضطرها إلى السكوت والاعتراف بحالة راهنة قضت بانتزاع بعض الأقاليم من سيادة الدولة, كما فعل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي الملقب بالداخل, حين انتزع الأندلس سنة 138هـ وأقام فيها إمارة مستقلة تحولت إلى خلافة سنة 300هـ في عهد عبد الرحمن الناصر وكما فعل إدريس الأول, بعد نجاته في وقعة (فخ) سنة 169هـ, وإقامته في المغرب دولة علوية مستقلة, كذلك أدى اختلال الأمور في المغرب الأدنى (تونس) إلى تولية إبراهيم بن الأغلب عليه ومنحه الاستقلال الذاتي سنة 184هـ, وإنشائه دولة بني الأغلب, لتحول دون امتداد دولة الأدارسة نحو المشرق. وإلى جانب هذه الدول المستقلة التي انفصلت سياسيا وإداريا عن دولة بني العباس, نشأت في إفريقية إمارات مستقلة كأمارة بني مدرار التي أنشأها في (سجلماسة) أبو القاسم سمغو سنة 155هـ, والإمارة الرستمية التي أنشأها عبد الرحمن بن رستم في (تاهرت) سنة 160هـ, وكانت كلا الإمارتين تدينان بمذهب الخوارج.
خامساً - تخصيص بعض الولاة بإقليم من أقاليم الدولة استقلالا, مكافأة لهم لقيامهم بخدمة الدولة, كما فعل المأمون بتخصيص طاهر بن الحسين بإقليم خراسان إمارة مستقلة يتوارثها أبناؤه من بعده, وذلك مكافأة له للتغلب على أخيه الأمين في حصاره لبغداد والفوز بقتله وحمل رأسه إليه.
مدة خلافة الخلفاء العباسيون وأعمارهم:
أبوالعباس السفاح :أربع سنين وتسعة اشهـر توفي في ذي الحجة سنة136هـ عن 32عاما
أبو جعفر المنصور اثنتان وعشرون سنة توفي في ذي الحجة سنة 158هـ عن 62عاما
المهـدي بن المنصور : عشر سنين توفي في المحرم سنة 169هـ عن 43عاما
الهـادي بن المهـدي سنة وثلاثة أشهـر توفي في ربيع الأول سنة 170هـ عن 34عاما
الرشيد بن المهـدي : ثلاث وعشرون سنة وستة أشهـر توفي في جمادى الآخرة سنة 193هـ عن 44عاما
الأمين بن الرشيد:أربع سنين وستة أشهـر توفي في صفر سنة 197هــ عن 28عاما
المأمون بن الرشيد:عشرون سنة وخمسة أشهـر توفي في رجب سنة 218هــ عن 42عاما
المعتصم بن الرشيد:ثماني سنين وثمانية اشهـر توفي في ربيع الأول سنة 227هــ عن 48 عاما
الواثق بن المعتصم :خمس سنين وتسعة أشهـر توفي في ذي الحجة سنة 232 عن 36 عاما.
المتوكل بن المعتصم :أربع عشرة سنة وعشرة أشهر توفي في شوال سنة 247هـ عن 40عاما .
المنتصر بن المتوكل :ستة أشهر توفي في ربيع الآخر سنة 248هـ عن 40عاما .
ضعف الخلافة العباسية وظهور السلاطين :
أخذت قبضة الخلافة العباسية تضعف تدريجياً وتتآكل عندما بدأ تغلغل الأتراك والفرس في المجتمع العباسي. واضطربت الأمور وتحول العالم الإسلامي الفسيح والقوى إلى خلافة هزيلة تلفظ أنفاسها الأخيرة. ودويلات أخذت تظهر هنا وهناك في جو من التقاتل والتناحر والعداوة. ففي بغداد كان الخليفة ألعوبة في يد الأمراء الأتراك ثم في أيدي بنى بويه الديلميين و السلاجقة ولم يعد له سوى الاسم.
وانطلقت جحافل المغول و التتار تعربد في أرجاء الأرض الإسلامية وهى تكتسح في طريقها كل شيء. الناس والمدن و الزروع وتنشر الموت والدمار والخراب في كل مكان. وقد كانت هجمات المغول شديدة الوطأة لدرجة أن الكثيرين تصوروا وقتها أن الإسلام قد انتهى وأن المسلمين قد أبيدوا. وحاصر هولاكو بغداد ثم اقتحمها جنده بعد استسلام الخليفة المستعصم بالله تحت خدعة وزيره ابن العلقمي. وأشاعوا فيها الخراب وأشعلوا فيها النار وعرضوا سكانها على السيف وقتلوا الخليفة واثنين من أبنائه ثم انطلق هولاكو إلى شمال الشام ليفتك بحلب ويقتل أعدادا لا تحصى من أهلها. كما تعرض العالم الإسلامي لهجمات ضارية وكاسحة من القوى المعادية المحيطة به حيث واصلت أوروبا حملاتها الصليبية على الشام ومصر وبيت المقدس بعدما قتلوا مئات الآلاف من المسلمين العزل وحرقوا المساجد والبيوت ونهبوا خيرات الناس. وكل هذه العوامل أدت إلى تفكك وانهيار الخلافة العباسية.
وفي السنين الأخيرة التي كانت فيها الخلافة العباسية تلفظ أنفاسها، لم تكن الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاض الكثير من مناطق الخلافة العباسية تقيم وزنا للخليفة وإن حرص أمراؤها على الحصول على تفويض من الخليفة وهو التفويض الذي كانوا يحصلون عليه بالتهديد تارة وبالمال تارة أخرى. فلم يكن بذلك الخلفاء العباسيون سوى خلفاء بالاسم وتتم بيعتهم والدعاء لهم في المنابر، أما الحكام المباشرون فهم الولاة الأتراك، الذين أصبحوا فيما بعد سلاطين مستقلين يتمتعون بحكم سياسي وعسكري مستقل. بالإضافة إلى ظهور بعض الدول الشيعية كالفاطمية في مصر وشمال إفريقيا الذي ساهم في إضعاف الخلافة العباسية
ظهور الدول المستقلة في الخلافة العباسية:
دولة بني أمية في الأندلس مع دول الطوائف: 92 - 897 (805 أعوام).
دولة بني بويه: 334 - 447 (113 عاما).
دولة السلاجقة في المشرق: 429 - 583 (154 عاما).
دولة السلاجقة في الشام 470 - 508 (38 عاما).
دولة السلاجقة في الأناضول: 470 - 707 (237 عاما).
الدولة الأرتقية (في آمد وماردين): 500 - 809 (309 أعوام).
الدولة الخوارزمية في خوارزم 470 - 617 (147 عاما).
الدولة الأتابكية (في الموصل): 516 - 660 (144 عاما).
الدولة الأتابكية (في الشام): 541 - 579 (38 عاما).
الدولة الأيوبية في مصر: 564 - 648 (82 عاما).
الدولة الأيوبية في الشام 579 - 661 (82 عاما).
دولة المماليك البحرية: 648 - 792 (144 عاما).
الخلافة العباسية في مصر: 659 - 923 (264 عاما).
دولة المرابطين بمراكش: 448 - 540 (92 عاما).
دولة الموحدين بفاس: 515 - 668 (153 عاما).
دولة بني حفص بتونس: 625 - 977 (352 عاما).
دولة بني زيّان بتلمسان: 633 - 962 (329 عاما).
دولة بني مرين بفاس: 592 - 831 (239 عاما).
الفترة العثمانية ( 1300 – 1924 ) :
أصل العثمانيين هو من القبائل التركية, والذين أقاموا في بداية القرن الرابع عشر إمبراطورية عظيمة، والتي سيطرت على مساحات واسعة جدًا . جاء اسم العثمانيين نسبة إلى مؤسس الإمبراطورية: الأمير عثمان ( 1258- 1324). تميزت بداية الفترة الأولى من الحكم العثماني بغزوات واحتلال مساحات شاسعة . وفي أوجها احتلال الإمبراطورية العثمانية من العراق في الشرق وحتى فينا في الغرب وشمال أفريقيا من الجنوب. وفي ظل الحكم العثماني بدأ عهد جديد في الحضارة الأسلامية, حيث تحوّلت مدينة القسطنطينية إلى مركز ثقافي وحضاري إلا أن تدهور الإمبراطورية العثمانية بدأ في القرن السادس عشر. وذلك بسبب ضعف السلطة المركزية وانتشار الرشاوى والتي ميزت النظام. كانت نهاية الإمبراطورية العثمانية في عام 1922, حين تم عزل آخر السلاطين العثمانيين وإقامة دولة تركيا الحديثة.