وقف على شاطئ البحر.. يتأمل غروب الشمس بعين حزينة , حاقدة على ظلام الليل
يبكي بحرقة وكأنه يودع أمه الحنون
بالرغم من أنه لم يتجاوز السادسة من عمره إلا أنه يدرك كل ما يدور من حوله
مراسيم الجنازة.. الكفن الأبيض.. القبر.. الموت
بالأمس كانت هنا تبني معه قلعة من الرمال.. تلعب معه وتروي له الحكايا الشيقة قبل النوم
تعلمه وتساعده في واجباته.. تهتم بكل شؤونه
اليوم أصبح الحال غير الحال
اليوم رحلت عنه.. وغطت في سبات طويل.. سريرها القبر وغطائها الرمال
لا يزال يذكر تلك الشهور الطويلة التي قضتها في المستشفى تنازع الحياة وتعاني من آلامها المريرة
كان يعلم أن أخته الوحيدة الغالية مريضة, ولكنه يجهل ما يعنيه الأطباء حين قالوا:
" إنها مصابة بسرطان الدم"
جلس عند البحر.. يراقب غروب الشمس
شمس يوم دفن أخته, وأمه, وصديقته.. ويردد كلمته التي لم تفارق شفتيه منذ موتها
" لماذا هي؟؟ وما السرطان؟؟"
لم يجبه أحد على تسائله, وجوابهم الوحيد له
" قدر الله وماشاء فعل إنها مشيئة الله وحده.. ليتولاها الله برحمته"
جفف دموعه.. أدرك بأنه لا فائدة
فقد غابت الشمس.. شمس اليوم.. وغدا ستشرق من جديد
وتبعث الحياة بنورها
وألقى نظرة أخيرة على أمواج البحر المتضاربة وهو يقول:
"يوما ما سأكون هناك معك يا أختاه.. لقد علمتني بأنه لكل شيء نهاية
لم أفهم معنى ذلك أنذاك
لكني اليوم فهمت ماقصدت.. فإلى اللقاء
إلى الملتقى ياشمس الحياة"