وقفة مع حديث: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ.
روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ . فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ ». قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لاَ أَدْرِى أَهْلَكَهُمْ بِالنَّصْبِ؛ أَوْ أَهْلَكُهُمْ بِالرَّفْعِ.
في هذا الحديث النبوي الجليل القدر الكثير المعاني القليل الألفاظ، يبين صلى الله عليه وسلم عظم من قال في الناس أنهم هلكى، لأن في ذلك حكم على عموم الناس بالهلاك وهو أمر غيبي لا يستطيع أحد الاطلاع عليه إلا بالوحي، والوحي قد انقطع من السماء.
فكان جزاؤه أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن القائل بذلك أنه أهلك الناس وأفسدهم، وهذا على رواية الرفع.
أما على رواية النصب فمعناها أنه أهلك الناس بكلامه ذلك وقنطهم من رحمة الله تعالى.
قال الحافظ ابن عبد البر: هذا الحديث معناه لا أعلم خلافا فيه بين أهل العلم أن الرجل يقول ذلك القول احتقارا للناس وازدراء بهم وإعجابا بنفسه..
وقال الخطابي: معنى هذا الكلام أن لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول قد فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك من الكلام يقول صلى اللّه عليه وسلم إذا فعل الرجل ذلك فهو أهلكهم وأسوأهم حالاً مما يلحقه من الإثم في عيبهم والازراء بهم والوقيعة فيهم ، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه فيرى أن له فضلاً عليهم وأنه خير منهم فيهلك .
فانظر أخي بارك الله فيك إلى هذا القول فقط كيف يؤدي بالمرء إلى الهلاك والخسران، وهو مجرد قول لا مساس فيه بأموال الناس ودماءهم وأعراضهم.
فقل لي بربك كيف سيكون الجزاء بمن سعى في هدر دماء المسلمين بحجة أنهم هلكى، وخاض في تروعيهم وتخويفهم وزعزعة أمنهم..