أعطـيَّ الأموات فرصة يوم واحد كي يكتبوا رسائل إلى أحبائهم في الأرض , و سيقوم رهط من الملائكة الأبرار بإيصال هذه الرسائل إلى أصحابها ...
و صحــا الأحياء في أحد الأيام ليجد العديدون منهم رسائل تنتظرهم على أبواب دورهم , فلنقرأ بعضاً مـن هـذه الرسائل ....
&& مـن شهيــد إنتفـاضـة إلـى والـده &&
والدي الحبيب ...
أطيب التحيات أرسلها إليك و إلى والدتي الصامدة ...
لا تحزن عليَّ يا أبي , ففي اللحظة نفسها التي اخترقت فيها رصاصة الصهيوني عظام رأسي خرجت روحي صاعدة إلى جنات النعيم ...
اسُقبلت في الفردوس استقبال الفاتحين , و رأيت هنالك كل من سبقني من شهداء أمتنا , و لو تراهم يا أبي و قد سكنوا في قصورهم تحف بهم الحور العين ..
لا تحزن عليَّ يا أبي , فوالله بعدما رأيت ما رأيت , فإنني لأتمنى أن أعود إلى الأرض لأقاتل و أستشهد من جديد كي يزداد ثوابي أضعافاً ..
يتناقل الجميع في الجنة خبر الزغرودة التي أطلقتها أمي ساعة تلقت نبأ استشهادي , سلمكِ الله يا أمي و جعلكِ قدوةً لبقية الأمهات ..
أبواي أتمنى أن يقبلني الله شفيعاً لكما يوم الدين كي أهنأ بصحبتكما في هذه الديار , و لكما مني أطيب السلام ...
&& مـن مـرتـشٍ إلـى صـديقـه &&
صديقي أبا ثائر ....
لقد كتبت إليكَ رسالتي هذه آملاً أن أنقذك مما أوقعت نفسي فيه ..
ماذا أكتب لكَ , فمنذ أن وضعوني في لحدي , سمعت من بعيد المظلومين و هي تطلب الثأر و الانتقام ..
ثم و بعد استجواب قصير , عُرض عليّ مقامي في جهنم , و ماذا أصف لكَ ؟؟
ألسنة النيران , ذل , عذاب , أموال مكدسة تُكوى بها جباه المرتشين و آكلي الأموال بعد أن يحمى عليها في نار جهنم ..
ليتني رضيتُ بقطعة الخبز و لم أوصل نفسي إلى هذا العذاب ..
و أين المفر ؟ لا فرصة أخرى , أغُلقت الأبواب , و لم يبقى لي إلا رحمة الوهّاب .
صديقي العزيز هل أحكي لكَ برنامج حياتي كل صباح ؟
في كل يوم ينادي صوت آمراً الملائكة :
" خذوه فاغلوه , ثم الجحيم أصلوه , ثم في سلسة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه " سورة الحاقة[30-32]
أين سرورنا و فرحنا عندما كنا نتلقى المغلفات المحشوة بأوراق الليرات ؟؟
أين متعتنا عندما كنا نُعطى قطعة أرض أو سيارة ؟
لم يبقى من كل ذلك إلا اللعنات و الحسرات ..
احذر يا أبا ثائر , و إلا كسبت صحبتي في الجحيم ..
&& مـن رجـل معطـاء إلـى أولاده &&
أحبــــــــائـي ...
لا تقلقوا على أبيكم , فأنا في قمة الفرح و السرور و السعادة..
لقد ادخر لي الرحمن كل ما أنفقته على الفقراء و المساكين , و ضاعفه لي أضعافاً عديدة , فإذا أنا صاحب أملاك واسعة و قصور منيفة في مقام الفردوس الأعلى ..
ابذلوا يا أبنائي و لا تخشوا من ذي العرش إقلالاً , تنالوا سعادتيّ الدنيا و الآخرة ...
&& مـن قـاض للحـاجـات إلـى صـديقـه &&
الســـلام عليـك ...
صديقي الحبيب أكتب لكَ و أنا في قمة سروري و سعادتي فقد غفر الله لي ذنبي و رفع مقامي , بل أعطيت ورقة مكتوباً عليها " و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه "
و هذه الورقة تفتح لي الأبواب المغلقة , تذيب السيئات و تضاعف الحسنات ..
أنتَ تعرف أن قضاء حوائج الناس كان شغلي في حياتي , فكنت أمسك بيد الضعيف , و أطعم الفقير أحنو على اليتيم , أداوي المريض ...
و على الرغم من أن طاقتي المادية كانت محدودة , و لكني كنت واسطة خير في كثير من الحالات ..
لقد فرج الله عني كربات عن كل كربة فرجتها عن مغموم في الدنيا ..
لقد قضى الله عني حاجات كثيرة عن كل حاجة ساعدت في قضائها , في الدنيا ..
يسّر الله عليّ في حياتي و بعد مماتي , عن كل تيسير للأمور تم على يدي في الدنيا ..
افعل فعلي يا أخي تسعد و تغنم و لن تندم , فالله سبحانه و تعالى كريم , و لا يضيع عنده مثقال ذرة ..
&& مـن زوج خـائـن إلـى زوجتـه &&
زوجتــي الحبيبـة ...
أنا أسف أكتب لكِ هذه الرسالة بكل أخبارها الجارحة المؤلمة , و لكن واقعي اضطرني إلى ذلك , فقط أحاط بي العذاب من كل جانب , و رأيت ما أعد الله لأصحاب الفاحشة من عقاب , فقلت في نفسي لعلكِ إن تفضلتِ عليّ بالعفو و طلبتِ لي الرحمة أن يخفف الله عني شيئاً من العذاب ..
أنتِ تعلمين أنني كنت أحبك و أخلص لكِ في علاقتنا , و لكنني لم أكن أحترم حدود الله , فنظراتي لم ترحم أحداً , و لساني لم يترك فتاة ..
و جاءت زمرة من رفاق السوء فساعدوني أكثر على أن أحيد عن الطريق المستقيم ..
فبدأت أنحرف و أنحرف إلى أن دخلت عالم الخطيئة ...
آه لو تعلمين ما هو طعامنا نحن أصحاب الخطيئة " إنه الضريع : شوك يقطع الأمعاء " آه لو تعلمين ما هو شرابنا :" ماء كالمهل يشوي الوجوه " لو تعلمين على ماذا نستلقي , و بماذا نمضي أيامنا ...
إن كتب الأحاديث ملئت بأخبار أهل الزنا , و أنا للأسف واحد منهم ..
و لكن هل ينفع الندم الآن بع أن أغلقت أبواب التوبة ؟؟؟
الأمل الوحيد أن تسامحيني من أطائي و أن تدعي الله لي كي يخفف عني يوماً من العذاب فأشرب فيه كوباً بارداً من الماء بدلاً من الماء المغلي الذي يقطع الأحشاء
أرجوكِ سامحيني ...
منقول