السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوتى واحبتى فى الله
كثيرا ما نخطا فى دنيانا ويخبرنا ربنا بان من صفات البشر الخطاء ولو لم نخطىء ونتوب فيغفر لنا ليستبدلنا بقوم اخرين يخطئوا ويستغفروا فيغفر الله لهم
ارجوا منكم قراءة الموضوع لاخره لقد استغرق منى وقت لكتابته لكم وهو يستحق ذلك
اترككم مع الموضوع وارجو من الله ان ينفعنا واياكم بما سيعود من خير علينا من الاستفاده من هذا الموضوع ووضوح صوره كانت غائبه عن الكثير ممن يتيهون وراء اهوائهم ورغباتهم دون التفكير هل هذا فى مرضاة الله ام غضبه ام ان كل انسان حر فى نفسه يفعل بها ما يشاء .
اولا : جاء فى كتاب الجواب الكافى لابن القيم رحمه الله ما مختصره :
ان الله سبحانه وتعالى انما حكى هذا المرض عن طائفتين من الناس , وهم قوم لوط والنساء , فأخبره عن عشق أمرأة العزيز ليوسف وما راودته وكادته به , واخبر عن الحال التى صار اليها يوسف بصبره وعفته وتقواه , مع ان الذى ابتلى به امر لايصبر عليه الا من صبره الله عليه , فان موافقة الفعل بحسب قوة الداعى وزوال المانع وكان الداعى هنا فى غاية القوه , ومع هذه الدواعى كلها فقد آثر مرضاة الله وخوفه وحمله حبه لله على ان يختار السجن على الزنا فقال : ( قال رب السجن أحب الى مما يدعوننى اليه (يوسف :33 وعلم انه لايطيق صرف ذلك عن نفسه وان ربه تعالى ان لم يعصمه ويصرف عنه كيدهن , صبا اليهن بطبعه وكان من الجاهلين , وهذا من كمال معرفته بربه وبنفسه .
ولاريب فى ان هذا العشق من أعظم الشرك , وكثير من العشاق يصرح بانه لم يبق فى قلبه موضع لغير معشوقه ألبته , بل قد ملك معشوقه عليه قلبه كله , فصار عبدا مخلصا من كل وجه لمعشوقه , فقد رضى هذا من عبودية الخالق جل جلاله بعبوديته لمخلوق مثله , فان العبوديه هى كمال الحب والخضوع , وهذا قد استغرق قوة حبه وخضوعه وذله لمعشوقه , فقد اعطاه حقيقة العبوديه .
وكان يقول بعض الشيوخ العارفين : لان أبتلى بالفاحشه مع تلك الصوره احب الى من أن ابتلى فيها بعشق يتعبد لها قلبى ويشغله عن الله . ( لا حول ولا قوة الا بالله )
فصل فى علاج العشق
ودواء هذا الداء القتال : أن يعرف ان ما ابتلى به من هذا الداء المضاد للتوحيد انما هو من جهله وغفلة قلبه عن الله , فعليه ان يعرف توحيد ربه من سننه وآياته اولا , ثم يأتى من العبادات الظاهره والباطنه بما يشغل قلبه عن دوام الفكر فيه , ويكثر اللجأ والتضرع الى الله سبحانه فى صرف ذلك عنه , وأن يرجع بقلبه اليه , وليس له دواء أنفع من الأخلاص لله , وهو الدواء الذى ذكره الله فى كتابه حيث قال ( وكذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين ) يوسف :24 فاخبر سبحانه انه صرف عن يوسف السوء من العشق والفحشاء من الفعل باخلاصه , فان القلب اذا خلص عمله لله لم يتمكن من العشق , فانه يتمكن من القلب الفارغ , كما قال :
أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا
قال الامام احمد : من دعاك الى غير التزوج فقد دعاك الى غير الاسلام : ولقد تزوج رحمه الله فى اليوم الثانى من وفاة امرأته وقال : اكره ان ابيت عزبا وكان ابن مسعود يقول : لو لم يبق من عمرى الا عشرة ايام أحببت أن أتزوج حتى لا ألقى الله عزبا . ومن أقواله رضى الله عنه : التمسوا الغنى فى النكاح ,يقول الله تعالى ( ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) النور : 32 وقال عمر رضى الله عنه انى لأكره نفسى على الجماع رجاء أن يخرج الله نسمة تسبحه وتذكره .
( وسأذكر لكم احبتى بعض آفات العشق باختصار حتى تتمكنوا من قرأة الموضوع كاملا ) :
اولا : الاشتغال بذكر المخلوق وحبه عن حب الرب تعالى وذكره .
ثانيا : عذاب قلبه بمعشوقه فإن من احب شيئا غير الله عذب به والعشق وان استلذ به صاحبه , فهو من اعظم عذاب القلب .
ثالثا : ان العاشق قلبه اسير فى قبضة معشوقه يسومه الهوان , ولكن لسكرة العشق لا يشعر بمصابه .
رابعا : انه يشتغل عن مصالح دينه ودنياه .
خامسا : انه اذا تمكن من القلب واستحكم وقوى سلطانه افسد الذهن وحدث الوساوس .
وهناك قصه قصيره عن ما يحدثه العشق من ضرر جسيم بصاحبه :
يروى ان احد المؤذنين حين ابصر , وهو على سطح المسجد . امرأه جميله , ففتن بها ونزل ودخل عليها وسألها نفسها فقالت هى نصرانيه , فان دخلت فى دينى تزوجت بك ففعل فرقى فى ذلك اليوم على درجه عندهم , فسقط منها فمات ( كتاب العاقبه له لعبد الحق ) اذا مات وهو مشرك وما اسوءها من خاتمه ( اللهم احسن ختامنا وختام جميع المسلمين )
يعنى ماذا افاده الحب بعد ان ترك عبادة ربه التي خلق من اجلها لا حول ولا قوة الا بالله
العلاج الاصح لهذا الداء :
وجاء فى زاد المعاد لابن القيم ايضا رحمه الله ما مختصره : والمقصود ان العشق لما كان مرضا من الامراض , كان قابلا للعلاج , وله انواع من العلاج , فإن كان مما للعاشق سبيل الى وصل محبوبه شرعا وقدرا , فهو علاجه , كما ثبت فى الصحيحين من حديث ابن مسعود رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءه فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم , فإنه له وجاء "
فدل الحديث المحب على علاجين : اصلى وبدلى , وامره بالأصلى , وهو العلاج الذى وضع لهذا الداء , فلا ينبغى العدول عنه الى غيره ما وجد اليه سبيلا .
وجاء فى الكتاب وسائل اخرى للعلاج :
ان يتذكر المحب قبائح محبوبه , وما يدعوه الى النفور عنه , فانه ان طلبها وتاملها وجدها اضعاف محاسنه التى تدعوه لحبه .
فان عجزت عن هذه الادويه كلها لم يبق له الا صدق اللجوء الى من يجيب المضطر اذا دعاه , وليطرح نفسه بين يديه على بابه , مستغيثا به , متضرعا , متذللا , مستكينا , فمتى وفق لذلك فقد قرع باب التوفيق
كلمه اخيره للكاتب ( ان تفكير ساعه فى المحبوب يبعد ميلا عن المعبود )
واخيرا احبتى فى الله ارجو ان اكون وفقت فى اختيارى وان يكون الموضوع حاز على اهتمامكم
ولو لديكم اى اضافه ارجو التكرم بوضعها .
الموضوع نقلته لكم من كتاب ( ففروا الى الله ) مع اضافة بعض المداخلات
للكاتب ابى ذر القلمونى سنة 2000 دار التقوى للنشر
الصفحات لمن اراد قراءة الكتاب 98 : 104