مع كل صباح ، وأنت تنطلق إلى عملك ، أو إلى مدرستك ، أو إلى حيث تشاء ، وقد خرجت من بيتك مستعيناً بالله عز وجل ، تقول كما علمك حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم _ دعاء الخروج من المنزل _ :
بسم الله توكلت على الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
وتمضي على اسم الله تمضي ، مستفتحاً يومك ، بالدعاء لله أن ييسر لك ، ويحفظك ويرعاك ، ويفتح لك أبواب الخير ، حيثما كنت ..
مع أول خطوة تضعها خارج عتبة دارك ، حاول أن تضغط الزر في عقلك على هذا السؤال الكبير :
كيف يمكن لي هذا اليوم أن أترك بصمة طيبة ، وأثراً إيجابياً ، وصدى رائع ، على جبين هذا النهار !!
أعني : ماذا يمكنني أن أقوم به ، لأكون إنساناً إيجابيا متميزاً حيثما كنت ، ؟!
أدر هذا السؤال وأنت في طريقك ، سواء وأنت تمشي على قدميك ، أو حين تكون في سيارتك ، أعد الفكر في هذه القضية مرات ، وقلبها كثيراً ، واجعلها تستقر في تلافيف عقلك ، حتى تصبح هاجساً ..!
حاول أن تتصور ألواناً من المواقف التي يمكنك القيام بها مع الآخرين ، إذا حدث كذا ، فسأفعل كذا ، قد أواجه الموقف الفلاني ، فسيكون رد فعلي كذا وكذا ، لو رأيت كذا ، فسأبادر إلى كذا .. وهكذا إلى عشرات المواقف .
فإذا أحسنت النية ، وصدقت الله ، فإني أحسب أنك ستفاجأ يوم القيامة ، حيث ستجد أجر هذا كله قبل أن تقوم به ، بل حتى لو لم تقم به أصلاً !! فإنما الأعمال بالنيات ..!!
وأعقد العزم أنك ستفعل هذا كله وأنت لا تريد من مخلوق لا جزاء ولا شكورا ، بل غايتك أنى يرضى عنك مولاك سبحانه ، فإنه إذا رضي عنك ، فقد فتحت لك أبواب السماء تلج إليها من أيها تشاء !!
إن مجرد إشغال الفكر في مثل هذه القضية ، لهو خير ألف مرة من إشغال الفكر بأحلام يقظة ، لا تسمن ولا تشبع من جوع ..!
وأفضل مليون مرة من إشغال الفكر بكيفية تحصيل شهوة لا تحل ، أو تدبير أذى لإنسان ، ولو عن طريق مقلب سخيف قد يترتب عليه ، ما لا يخطر في ذهنك .!
وأفضل مليون مليون مليون مرة من إشغال الفكر في حسد الآخرين ، على ما منحهم الله به ، ومنعك عن ذلك .. وبمناسبة الحسد أهديك هذه الأبيات التي أسأل الله أن ينفعك بها ، لتدرك من خلالها أن الحسد نار إنما تحرق صاحبها :
يا حاسداً لي على نعمتي ** أتدري على من أسأت الأدبْ !؟
أسأت على الله في حكمهِ ** لأنكَ لم ترضَ لي ما وهبْ
فأخزاكَ ربي بأن زادني ** وسد عليك وجوه الطلبْ !!
فبدلاً من سخطك على الله تعالى ، فاجهد أن تشغل فكرك فيما يعود عليك ، بخيري الدنيا والآخرة ، وسعادة الأبد ، لأن فيه رضى الله عنك ..
م0ن