ودخل الملكان
فاللهم الثبات
***************
بالطبع أخى تعلم عن ماذا سأتكلم . وستقول ببساطة : إنه دخول الملكين على الميت فى قبره .
ألست حقا ترى الأمر بهذه السهولة واليسر ؟؟
فاعلم أخى أن هذه اللامبالاة إنما اجتمعت فينا لمرض قلبى وقلبك .
لقد صار أغلبنا يحفظ هذه الأخبار عن ظهر قلب ، بل وحين يسمعها من غيره يرددها ويتسابق فى سردها ، ولكن :
ولكنه يتعامل معها بنفس تعامله مع الأقاصيص ، وكأنها حكاية يتحاكى بها ، فيرددها لسانه ويغفل عنها قلبه .
يقولها وهو على يقين من أنها ستحدث ، ولكن :
كأنها ستحدث لكل الناس إلا هو ...
أو كأنه يضمن أنها لن تحدث معه إلا بعد أن يتوب الله عليه ، فتراه يرددها وهو قرير العين يكسو ملامحه ثوب الهدوء ، والبسمات على محياه ، أو تراه متأثرا تأثر الأفاعى ،
تدمع عينه ، ثم بعد دقائق يخوض مع الخائضين ويلهو مع اللاهين ويعبث مع العابثين ، تماما كما كان من ذى قبل .
فلابد لى ولك أخى الحبيب أن تدقق النظر ثانية فى هذه الكلمات وتراجع نفسك .
فالسبيل لإحياء قلبك ثانية بهذه الأخبار واستشعارها وفهمها على حقيقتها ، هو أن تسقطها على نفسك ،
تسقط ماتسمعه من نعيم على روحك وبدنك وكأنك أنت من تعيش فى النعيم المقيم ، فترتفع يداك وتخشع جوارحك وأنت تدعو رب العالمين بأن تكون من أهل هذا النعيم ، وتشعر فى نفسك بذلها وافتقارها لخالق السماوات والأرض واحتياجها لتدخل فى عداد الناجين السعداء الآمنين .
تسقط ماتسمعه من شقاء وبؤس وعذاب على روحك وبدنك وكأنك أنت من تعذب الآن فى هذا العذاب ، وكأنك أنت من تصلى جهنم وسمومها وزقومها وحميمها ( أعاذنى الله وإياك منها ) .. فتبكى وتغرق المآقى فى بحار الدمع وتسكب العبرات إسكابا ، وتستشعر بأوصالك تتقطع ودماءك تتجمد فى مجاريها وقلبك يكاد ينخلع وذهنك يخلو من كل شىء إلا من تصورات هذا العذاب والخوف من وروده ، فتود وقتها لو يفتر لسانك عن كل شىء إلا عن ذكر ربك وإلــهك ومولاك ، وتود لو تستطيع الصراخ لكى تقول ، ( اللهم إنى لست أقوى على هذا العذاب وليس لمثلى طاقة بهذا ؛ فارحمنى واسترنى وتجاوز عن فقير إليك مثلى ) .
وكما قلت لك أخى الحبيب :
هذا هو السبيل .... هذا هو السبيل .
تـَـدَبـَّـــــرْ
***********
روى الترمذى عن أبى هريرة ( رضى الله عنه ) قال: قال رسول الله ( صلىالله عليه وسلم ): "إذا قُبر الميتُ -أو قال: أحدُكم- أتاه مَلَكان أسودان أزرقان يقال لأحدِهما:المنكَر، والآخر:النكير، .................الحديث " .
وفى الحديث المعروف الذى رواه البراء بن عازب _ رضى الله عنه _ عن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ والحديث طويل ،، وفيه : [ فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له .......الحديث] .
فتأمل يارعاك الله فى هول مثل هذا الموقف ، ووالله إنه لهول يشفق المرء منه على نفسه .
أنت فى قبرك وحيدا ، مامعك من أحد .
وماحال القبر ؟؟
ظلمات فوق ظلمات .
وهذه أول ليلة لك فى قبرك ، فأنت خائف ومرتعد ، وفوق كل هذا ، ترى الملكين بهذه الصورة التى لو أبصرها أقوى جبابرة وطغاة الأرض لصعق وتوقف قلبه عن النبض .
فتراهما كما رأيت :
· أسودان .
· أزرقان .
· شديدا الإنتهار .
وأنت فى الأصل فى غربة وفى وحشة وفى ظلمة وفى سكون لم تعهده من قبل فيما أسلف من عمرك على ظهر الأرض ... فما بالك وأنت فى بطنها وما معك أحد ؟؟
الإختبار الصعب
********************
وياله من اختبار بالفعل ، فقد تؤدى بك الغفلة لتصور سهولته ، ولكنه أصعب مما تتخيل .
وكلنا يعلم ماهى الأسئلة ، وما هى الإجابات .. ولكن :
هل يومها ستجيب كما تجيب اليوم ؟؟
هل سينطلق لسانك بنفس الطلاقة التى ينطلق بها الآن ؟؟
فإنك لو سُئِلت اليوم من أحد الأشخاص ، وقال لك :
من ربك ؟؟
_ تقول بكل ثبات : ربى الله .
مادينك ؟؟
_ دينى الإسلام .
ماذا تقول فى الرجل الذى جاء فيكم ؟؟
_ هو حبيبى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ .
إجابات موجزة ، وتفيد فى معناها أنك رجل موحد لله عابد له ، منتسب لدين الإسلام مستقيم على شرائعه ، مؤمن برسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ محب له .
ولكن :
هل هذه هى الحقيقة ؟؟؟
وإن لم تكن هى الحقيقة التامة ، وإن كانت الإجابة خالطها نوع من التزيين والتجميل أو نوع من النفاق والكذب أو أو أو ......
هل تظن أنك تستطيع أن تفعل هذا داخل قبرك وأنت وحيدا وفى امتحان بالفعل ؟؟
هل تستطيع فعل ذلك فى امتحان يمتحنك إياه ملكان من ملائكة رب العالمين ؟؟
أنت تعلم أن هذه الإجابات سيتوقف عليها تحديد مصيرك إلى أحد شيئين : إما إلى جنة وإما إلى نار ،،
فهل تتحدد المصائر بهذا اليسر ؟؟
إذن فالإمتحان صعب وعسير .. وهوله شديد ،
ونتيجته إما أن تجعلك فى روضة من الجنة ، أو فى حفرة من النار .
إما ....... وإما .......
منقول