السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه قصة من مذكرات الخليفة العثماني مراد الرابع يقول فيها :
انه حصل له في تلك الليلة ضيق شديد لا يعلم سببه,
فنادى رئيس حرسه واخبره بأنه يريد أن يتمشى قليلا بين الناس,
وقد كان من عادته تفقد رعيته متخفيا,
فساروا حتى وصلوا حارة متطرفة فوجدوا رجلا مرميا على الارض,
فحركه السلطان, فإذا هو ميت, والناس تمر من حوله ولا احد يهتم,
فنادى عليهم: “تعالوا”, وهم لا يعرفونه, قالوا: “ماذا تريد?”
قال: “لماذا هذا الرجل ميت ولا احد يحمله, من هو? واين اهله?”
قالوا: “هذا فلان الزنديق شارب الخمر الزاني”.
قال: “أليس هو من أمة محمد (عليه الصلاة والسلام)? فاحملوه معي الى بيته”. ففعلوا,
ولما رأته زوجته اخذت تبكي, وذهب الناس, وبقي السلطان ورئيس الحرس,
واثناء بكائها كانت تقول:
“رحمك الله يا ولي الله, اشهد انك من الصالحين”,
فتعجب السلطان مراد وقال:
“كيف من الاولياء والناس تقول عنه كذا وكذا حتى انهم لم يكترثوا لموته?”
قالت: “كنت اتوقع هذا.
ان زوجي كان يذهب كل ليلة للخمارة يشتري ما استطاع من الخمر,
ثم يحضره الى البيت ويصبه في المرحاض, ويقول: اخفف عن المسلمين…
وكان يذهب الى من تفعل الفاحشة يعطيها المال ويقول:
هذه الليلة على حسابي اغلقي بابك حتى الصباح,
ويرجع ويقول: الحمد لله خففت عنها وعن شباب المسلمين الليلة,
فكان الناس يشاهدونه يشتري الخمر ويدخل على المرأة فيتكلمون فيه,
وقلت له مرة: انك لن تجد من يغسِّلك ويصلي عليك ويدفنك من المسلمين,
فضحك وقال: لا تخافي سيصلي عليَّ سلطان المسلمين والعلماء والاولياء”.
فبكى السلطان مراد وقال: “صدق والله, انا السلطان مراد,
وغدا نغسِّله ونصلي عليه وندفنه, وكان كذلك,
فقد شهد جنازته مع السلطان العلماء والمشايخ والناس.
سبحان الله, نحكم على الناس بما نراه ونسمعه من الآخرين
ولو كنا نعلم خفايا قلوبهم لخرست ألسنتنا .
اللهم أحسن سريرتنا واجعل ما بيننا وبينك عامر في الدنيا والآخرة ..
وارزقنا حسن الظن بعبادك
اللهم آمين