جاء رجل إلى الرسول الأكرم فقال يا رسول الله أحدنا يذنب ، قال : يُكتب عليه ، قال : ثمّ يستغفر منه ، قال : يُغفر له ويُتاب عليه ، قال : فيعود فيذنب ، قال : يُكتب عليه ، قال : ثمّ يستغفر منه ويتوب ، قال : يُغفر له ويُتاب عليه ،ولا يملّ الله حتّى تملّوا )(7). وعن عليّ رضي الله عنه قال : ( خياركم كلّ مفتّن توّاب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : حتّى متى ؟ قال : حتّى يكون الشّيطان هو المحسور .
وقيل للحسن : ألا يستحي أحدنا من ربّه يستغفر من ذنوبه ثمّ يعود ثمّ يستغفر ثمّ يعود ، فقال : ودّ الشّيطان لو ظفر منكم بهذه ، فلا تملّوا من الاستغفار )(8).
أي أخية " إنه لا ييأس من روح الله إلى القوم الكافرون " ، أيحزن من الله ربه ؟؟ كيف وهو الأنيس و الرب و المولى و السيد ، و الركن الشديد الذي نأوي له في كل آن و حين ، هو من على بابه فابكي ، و بين يديه فاسكبي العبرات ، و ازفري الأنات ، سبحانه ..
هو الرفيع فلا الأبصار تدركــه سبحانه مـن مليك نـافذ الـقدر
سبحان من هو أنسي إذا خلوت به في جوف الليل و في الظلمات و الحر
أنت الحبيب و أنت الحب يا أملي من لي سواك و من أرجوه يا ذخري
تجلس النفس العائدة تبكي و تردد : سبحانك .. سبحانك .. أنت الحبيب و أنت الحب يا أملي ..
تقترب منها النفس القريبة و تجلس قبالتها : نعم أخية ، هو سبحانه من له صلاتنا و نسكنا و محيانا و مماتنا ، هو من له نحن نجاهد و نشق الطريق وسط الألغام ، هو من لأجله نصبر على مرارة الدنيا ، أملا و رغبة في حلاوة اللقاء و أنس العودة . هو من نحن له على العهد ما استطعنا ، له وحده سبحانه وجهنا وجهنا و فوضنا أمرنا و ألجأنا ظهرنا ، عليه وحده توكلنا و هو نعم المولى و نعم الوكيل و نعم النصير .
ترفع إليها النفس العائدة عينيها : كم أشتاق للعودة ... و لكني ... أخاف من النكوص
تنهض النفس القريبة : كلنا هكذا .. و لكنه الله ربنا لن يضيعينا ، و قد تكفل لنا بحفظنا :
﴿ و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين ﴾
يا أخية ، إن الله كتب على هذه الدنيا " ألا يتم فيها شئ إلا لحقه النقصان ، و لا يربح فيها امرؤ إلا أدركه الخسران " (10) إلا المتقين الثابتين على عهد الله ، و ملاك التقوى الجهاد : جهاد النفس و ردعها عن الآثام ، و الجهاد بنشر كلمة الحق و حماية أعراض المسلمين ، و كل في سبيل الله تعالى وحده .
- تنهض النفس الأوابة : لقد استبد بي الشوق و الحنين يا أختي ، فتعالي نفر !
- ( مستغربة ) نفر ؟؟ إلى أين ؟؟!!
- ( تبتسم ) إلى الله !
- ( تترقرق الدموع في مآقيها ) أجل أخية .. تعالي نفر إلى الله ، إلى الذي لم و لن نر الخير إلى منه ، الحمد لله الذي جمعنا بعد افتراق !
تأخذ الأختان بيدي بعضهما البعض و تلتحمان ... لتصيرا نفسا واحدة .. ( النفس المطمئنة )
( ســــــــتــــــــــار )
و بعد إخوتي في الله ، فهذه المسرحية ليست بغريبة علينا ، و لكن مسرحها صدرك أنت ، و أنت المخرج كذلك ! فإما أن تختار النهاية السعيدة ، و إما أن تكون الأخرى .
و لكن الفارق أخي أنه لا نقاد لإخراجك .. ليس هنا .. و ليس الآن . تقييم عملك أيها المخرج الفاضل و أيتها المخرجة الكريمة ..هناك .. بين يديه هو سبحانه ، في يوم تشيب فيه الولدان ..﴿ يوم يقوم الناس لرب العالمين ﴾ .
و إن اخترت النهاية السعيدة ، فهاك تذكرة من مخرجة سابقة : إن الوصول إلى تلك النهاية في الواقع يلزمه صبر أكيد ، و عزيمة آكد . ﴿ و اصبر و ما صبرك إلا بالله ﴾ و أبشر فإن الله مع الصابرين .
_____________
مواضيع ذات صلة :
حديث الروح
الشباب و الالتزام
_ _ _ _ _ _ _ _
(1) ، (2) ، (3) ، (4) ، (5) http://www.islamweb.net/ver2/library/BooksCategory.php?idfrom=734&idto=734&bk_no=44&ID= 564
(6)رواه البيهقي في الشعب باب في تعديد نعم الله (4563) مختصرا، والطبراني في مسند الشامين (2/93)، عن أبي الدرداء، وضعفه الألباني في الضعيفة (2371).
(7) البخاري و مسلم
(8) رواية ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي رضي الله عنه
http://www.islamqa.com/ar/ref/9231
(10) مقتبس من رواية "واإسلاماه " لعلي أحمد باكثير