راحتك بيدك هل ندرك هذة الحقيقة ...
الحياة لا تسير وفق نمط ثابت وأحوال متطابقة ، فالأيام تتحول وتتبدل وتتغير ، وهذا متفق مع طبيعة ونظام الكون ، فالليل يعقبه النهار ، والظلام يعقبه الضياء ، وزهور الربيع يذبلها الخريف ، وجليد الشتاء يذيبه لهيب الصيف 00
والإنسان يتقلب بين فرحه وترحه ، وصحته ومرضه ، وضيقه وسروره ، وغالبا ما يهدر الإنسان جزءا من طاقته الجسدية والنفسية في حال ضيقه أو مروره بتجربة مؤلمة ، فيبدو كئيبا مرهقا منطويا شاعرا بالوهن والضعف عازفا عن ممارسة الحياة بشكل صحيح ، غارقا في آلامه وأحزانه إلى الحد الذي يجعله مشوش التفكير ، تأسره الأوهام والشكوك والظنون ، فيفقد راحته وهدوء باله ، وينظر إلى الحياة بمنظار اسود ، ويفقد بهجته وطمأنينته وأمانيه 00
ولكن 00 إلى متى يظل الإنسان في صومعة أحزانه ، أسير ضعفه وآلامه 00 وهل هناك استراتيجية لغدارة الحياة يتمكن من خلالها استعادة اتزانه الذهني ، وقوته النفسية ، وإرادته ورغبته في الحياة 00
حين يتأمل الإنسان مليا في قوله تعالى : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ) ، وحين يستشعر قول المصطفى صلى الله عليه وسلم " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير 000 " حينها سيدرك أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وأن ما أخطئه لم يكن ليصيبه ، وأن عظيم الجزاء مع عظيم البلاء 00 وبذلك ستتحقق أولى خطوات الاستراتيجية المطلوبة ، والتي تعتمد على تحقيق مبدأ الالتباس في كل ما يصيبنا ويواجهنا ويعترض طريق سعادتنا 00
ومع أهمية إدراكنا لتلك الحقيقة 00 فإن ذلك وحده لا يكفي للخروج من قيود الضعف والوهن والألم بل على الإنسان أن يتخذ قرارا جادا بالرغبة في التغيير وتطوير الذات ، والخروج من دوائر الهم والضيق ، واضعا نصب عينيه قول الحق تبارك وتعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) 00 وأن يتحمل تبعات ذلك القرار ، فعليه النظر مليا في ذاته ، والتأمل في أسلوبه ونمط حياته ، وإعادة النظر في مدى تمسكه بمبادئه وثوابته ، لاتخاذ قرار يحقق له نوعا من الاستقرار النفسي والطمأنينة والهدوء التي يهفو إليهما 00 وأن يسهم هذا القرار في قيام الفرد بممارسة الحياة ، والانخراط في نشاطاتها بما يحقق له الشعور بالذات وتمنحه الإحساس بقيمته وتعيد إليه ثقته بنفسه وقدراته 00
كما على الإنسان أن يتذكر دوما أن هناك الكثيرون مثله قد ضاقت بهم الدنيا ، وتوالت عليهم المصائب ، ، وأنهكتهم النوائب ، بل ربما قد يكون أفضل حال منهم ، ومصيبته أهون من مصائبهم 00
إن المرء إذا تحقق فيما لديه من النعم ، وما حباه الله به من الخير ، أدرك أن ما فاته في أمور الدنيا لا يستحق كل ذلك الضيق والعناء والشقاء 00 فالنظرة إلى الحياة بتفاؤل ورضا وقناعة بما لديه من خير يجعله مطمئنا راضيا شاكرا ، فلا تهزمه نوائب الحياة ، ولا تجعله أسير واقعه المرير ، بل ينطلق إلى فضاءات رحبة من العطاء ، وبذل الجهد ، والرغبة في العمل مهما كانت قوة الأزمات ..
0
0
لكم مني أرق التحايا وأعطرها
مما تصفحت