السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حاسة الشم The Sense of Smell
أهميتها والأمراض التي تؤثر عليها
تحتل حاسة الشم المركز الثالث بين الحواس الخمس بعد حاسة السمع والبصر،رتبت حسب أهميتها للإنسان والحيوان،وتمركزت في داخل العضو الجميل ألا وهو الأنف،الذي يحتل مركز الوجه في موضع وسطي بين العينين وأعلى الفم - ليس عبثاً حاشا لله،بل لمراقبة(عن طريق الشم) ما يدخل الجسم عن طريق الأنف و الفم من مأكل ومشرب و مستنشق صالح أو طالح ، إنها مراقبة إلهية لا يوجد أعظم منها - رأفة ورحمة بنا وبأجسامنا وصحتنا فأي عظمة أخرى بعد عظمة الله ! اللهم لك الحمد والشكر والثناء الحسن. وكما هو الحال في الحواس الأخرى , العين والأذن فقد وزعت حاسة الشم ليس في جزء واحد بل في كلا الطرفين من الأنف اليمين واليسار في أقصى وأعلى جزء من الأنف محفوظ ومصون بعيداً عن كل ضرر وكل مضر مرتبطة ارتباطا مباشرا مع العصب المخي الأول. ولو نظرنا بتمعن لوجدنا أن كل الحواس الهامة تتواجد مزدوجة ضمانا لبقائها مدى الحياة.
تتكون خلايا الشم من خلايا عصبية لا تعوض إذا ما فسدت أو عجزت أو ماتت مثلها مثل الخلايا السمعية والبصرية ،لذا فهي كثيرة جداً عشرات الآلاف من الخلايا . حتى يكون هناك دوماً وعلى مدى العمر عدد كاف من الخلايا لتحل محل الخلايا المتلفة
ضمان إلهي بدوام الأداء وحتى آخر لحظة في الحياة. أي نعمة هذه ؟! أي كرم بعد هذا ؟! سبحانك اللهم وبحمدك أبد الآبدين وحتى يوم الدين.
والآن و قبل أن نتكلم بالتفصيل عن موضوعنا الرئيسي «الشم» ، دعنا نتعرف على وظائف الأنف:
ما هي إذا وظائف الأنف وخاصة الحيوية منها؟ هي الآتي:
• التنفس ولاحياه بدون تنفس.
• الشم ولا قيمة ولا متعة للحياة بدون حاسة شم سليمة.
• تنقية الهواء مما يعلق به من أوساخ وشوائب ومواد ضارة.
• ترطيب الهواء،وتظهر أهمية هذا الوظيفة في المناطق الجافة .
• تدفئة الهواء ،وتظهر أهمية هذه الوظيفة في الفصول الباردة.
• ترطيب الحلق والبلعوم والمريء والحنجرة بما يفرزه الأنف والجيوب الأنفية من مادة مخاطية.
• دفع هذا المخاط المفرز إلى الجزء الخلفي من الأنف ومنه إلى البلعوم والمريء.
• حماية الجسم من الأجسام الضارة المتعلقة في هواء التنفس - وعدم السماح لها بالمرور عبر الأنف وذلك عن طريق عملية العطاس.
بعد هذا التفصيل وجب الآن علينا أن نعود إلى موضوعنا الرئيسي ألا وهو عملية الشم.
كيف تتم عمليه الشم؟
بعموم القول فإن كل شيء على هذا الكون سواء كان جمادا أو نباتا أو حيوانا له رائحة خاصة به- فإذا ما شممنا هذه الأشياء أو أكلناها أو شربناها - نفذ شيء من هذه الرائحة إلى داخل الأنف وصعد إلى أعلاه مسبباً تفاعلاً كيماوياً مع خلايا الشم محدثاً ما نسميه (الشم), أي تعرفت حاسة الشم على نكهة وطعم هذه المادة. ومن العظمة الإلهية أن حاسة الشم تستطيع أن تميز روائح مواد كثيرة ومختلفة في آن واحد وبكل دقة بل إن هذه الحاسة ( أو المركز) يستطيع أن يخزن هذه المعلومات في ذاكرته بحيث يمكننا أن نتعرف على هذه المادة وبدون رؤيتها في أي وقت إذا ما شممنا رائحتها. ولتكتمل الصورة،صورة الإعجاز فهناك تعاون وطيد بين حاسة الشم وحاسة التذوق ،كلتاهما مع بعض يعطياننا فكرة متكاملة عما نأكل ونشرب ويضعانا في قمّة المتعة والنشوة والتلذذ بما نأكل ونشرب،فحمداً لله على هذا وشكراً على نعمائه.
ما أهمية حاسة الشم ؟
• إن إحدى متع الحياة هي التلذذ بطيبات ما رزقنا الله - التلذذ بما أعطانا الله من مأكولات ومشروبات ومنظورات –التلذذ والاستمتاع بكل ما خلق الله من مأكولات وفواكه وحبوب وخضروات والتفنن في تحضيرها وطبخها وتبزيرها بكل تلك البهارات العطرة إنها إحدى متع الحياة الكبرى ..
والمتع الأخرى هي التمتع بتلك الروائح العطرة التي تنتشر من تلك الزهور الجميلة في اللون والشكل والرائحة،تلك الروائح التي تنبثق من أهلك وأطفالك وأحفادك ليكتمل الحب والحنان والسكينة،كل هذا غير ممكن بل لا قيمة له ولا متعة فيه ولا هناء ولا لذة له بدون حاسة شم سليمة ,عندئذ تبدو كل هذه الأشياء بألوانها الزاهية وأشكالها المختلفة لا معنى لها،لا متعة لها،لا لذة لها،كلها في الشكل مختلفة ولكن في الطعم والرائحة سواء .
• كذلك تلعب حاسة الشم دوراً رئيسياً في عملية الجنس- التكاثر-الحب والتقارب بين الذكر والأنثى - والتي تقود بدورها في توثيق علاقة الزوج بزوجته وتقوية أواصر الأسرة ومحبتها.
• إن حاسة الشم في كثير من الأحوال هي عبارة عن جرس إنذار تنذر الإنسان من خطر داهم وكارثة مدمرة وخطر محقق، مثلاً حينما تنذرنا هذه الحاسة من رائحة غاز محرق أو دخان مميت أو غاز سام وغيره.
• هناك كثير من الناس يعتمدون في أعمالهم ومهنهم على حاسة شم سليمة وقوية كأولئك الذين يقومون بتقييم نوعية بعض المشروبات والمأكولات والعطورات عن طريق الشم.
• كثير من الحيوانات ذوات حاسة شم قوية (مثل الكلاب) تستخدم في أمور هامة وحيوية - كما في حالات تهريب مواد مخدرة ومثلاً في حالات زلازل ودمار للبحث عن أحياء تحت الأنقاض وغيره .
إذا نحن نقف مرة أخرى أمام نعمه لا نجازيها شكراً ولا ثناء،نعم من خالق كريم إلى عبد شكور إن شاء الله.
ما الأمراض التي يمكن أن تؤثر أو تدمر هذه الحاسة الغالية؟
نختصرها حسب الأولوية:
أ- تلك التي تدمر هذه الحاسة فجأة وبدون عودة :
- التهابات فيروسية وخاصة بعد عملية زكام ورشح.
- حوادث (سيارات) تصيب قاع الجمجمة مدمرة الخلايا أو العصب نفسه.
- غازات سامة - تميت الخلايا.
- أدوية تضعف وتميت الخلايا.
- أمراض عصبية ونفسية.
- اتساع الأنف الجاف منذ المولد (atrophic Rh ).
- لا سبب معروف (Idiopatic).
ب-تلك التي تضعف الحاسة وهذه يمكن علاجها إن شاء الله :
- اعوجاج شديد بالحاجز الأنفي.
- لحميات كثيرة في كلا الأنفين.
- عمليات متكررة وعنيفة للأنف(تدمر حاسة الشم).
- حساسية الأنف المزمنة.
- استعمال طويل لبعض البخاخات الأنفية وخاصة المنشف منها للأنف.
كيف يتم التشخيص؟
- عن طريق قصة المرض .
- الفحص العام.
- فحص حاسة الشم بكل دقة.
- التنظير.
- أخذ استشارات أطباء في تخصصات أخرى ثم دراسة الأمر مع المريض للعلاج.
في الحالات المذكورة تحت (ب) يمكن علاج الحالات المذكورة أو تحاشيها - استشر طبيبك.
في حالات( أ ) يمكن محاولة تنشيط خلايا الشم عن طريق فيتامينات ب المركب وفيتامين أ.
لكن الأفضل هو الوقاية فالمثل يقول: «الوقاية خير من ألف علاج «
شافانا الله وإياكم من كل سوء ومتعنا بصحتنا دوماً إن شاء الله.