ســـــــــــــــــر الأشـــــــــــواق ....
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي الأحبة
لماذا تحركنا دوماً كلمات الحب و الشوق ..
ونتفاعل مع الذكريات وقصائد الحنين والغزل والوقوف على الأطلال ..
ولو لم نكن نعيش حباً معيناً أو نعاني من الشوق والحنين إلى أحد من البشر ؟؟ ..
بل نجد هذا التأثر بسماع كلمات الأشواق والغرام عند الكبار والصغار
مهما اختلفت طبائعهم وأمزجتهم وسلوكياتهم ...
إن سر ذلك يا إخوتي يكمن في أن في داخلنا أشواق دائمة وحب وحنين ..
ولكن ما هو مصدره ؟؟ ولم كان ؟؟
إن مصدره هو الروح القابعة في أعماقنا :
الروح المشتاقة دائماً ..التي تعاني حنيناً وحباً ..
ولكن لمن ؟؟
إنه الحب والحنين والشوق للمكان الذي كانت فيه ..
نحن لا ندري حقيقتها ..
{يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي }
ولكننا نعرف أنها كانت عند الخالق عز وجل في الملأ الأعلى ..
فأنزلها الله تعالى لحكمة يريدها وأسكنها في هذا القفص الجسدي..
أنزلها من مكان رحب لتسكن هذا المكان الضيق ..
فهي في شوق دائم وحنين إلى العودة إلى ذلك المكان ..
وفي هذا قال أحد الفلاسفة :
هبطت إليك من المحل الأرفع =ورقاء ذات تعزز وتمنع
محجوبة عن كل مقلة عارف = وهي التي سفرت ولم تتبرقع
وصلت على كره إليك وربما = ألفت وصالك وهي ذات تفجع
أنفت وما ألفت فلما واصلت = ألفت مجاورة الخراب البلقع (الجسد)
تبكي وقد ذكرت عهوداً بالحمى= ومنازلاً بفراقها لم تقنع
قد كان أهبطها الإله لحكمة = خفيت عن الذهن الذكي الألمعي
ولذلك كان غذاؤها ودواؤها هو ذكر خالقها والأنس به ..
كما يأنس الحبيب بذكر حبيبه ..
لذلك قال تعالى :
{ألا بذكر الله تطمئن القلوب}
نعم تطمئن بذكر الله لأنها تذكر الملأ الأعلى الذي كانت عنده فتأنس وتطمئن ..
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
(أرحنا بها يا بلال)
أرحنا بالصلاة لأن في الصلاة ذكر الخالق الذي ترتاح إليه الروح ..
كإنسان كان يعيش في قصر وارف فأُخذ ليعيش في كوخ ضيق كريه :
سيظل يتغنى بأيام القصر ويحن إليه ...
والروح تسكن وتسعد بذكر الله حيث كانت عنده سابقاً ..
ولكن مع الأسف يغفل البشر عن هذه الحقيقة ..
فنجدهم عندما يشعرون بتلك الكآبة يحاولون الترفيه عن أنفسهم بإسعاد أجسادهم
من خلال متع الدنيا وما يسعد الجسد فيها من لهو وطعام وشراب ..
فيشعرون بالسعادة لفترة محدودة ثم تعود تلك الكآبة مرة أخرى لأنهم لبوا نداء الجسد
بينما الذي كان يشتكي هي الروح وليس الجسد ..
{ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ...}
وهذا هو سر الضنك الذي يشعر به المعرض عن ذكر الله ..
لأنه غافل عن أشواق روحه ومطالبها ..
تصوروا إنساناً عاشقاً لليلى من البشر فأتيناه بإمرأة عجوز شمطاء !!
هل يغنيه هذا ويسكن لواعجه وأشواقه ؟؟؟
هذه هي حالنا عندما نبحث عن السعادة والسكينة في متع الدنيا , وننسى :
أرحنا بها يا بلال ..
أرحنا بالصلاة .. بذكر الله ..
ولذلك كان الشيطان يقعد للإنسان في صلاته
فيجعله يتذكر كل شيء في الدنيا ليصرفه عن الخشوع والتدبر
لأن الإنسان بالخشوع والتدبر سيشعر بتلك الطمأنينة التي تهبه السعادة الحقيقية
وهو إن شعر بها فلن يرتكب المعاصي بعد ذلك ...!!![/
ولماذا يرتكب الإنسان المعاصي ؟؟ أليس بحثاً عن المتعة ؟؟؟
فإذا عرف أن المتعة الحقيقية في رضا الله وعبادته : فإنه لن يعصي الله بعد ذلك ..
وهذا ما لا يريده الشيطان أن يحدث ..
لذلك كان من أحكام الصلاة قول : الله أكبر عند كل حركة
لأن الله أكبر تطرد الشيطان :
فيذهب الشيطان ولكنه يعود سريعاً خشية أن ينجو المؤمن من وسوسته
ويشعر بالطمأنينة والراحة والسعادة
التي تجعله ينفك من إغراء الشيطان بالمعصية ...
قال يهودي مرة لمالك بن أنس :
نحن اليهود لا نسهو في صلاتنا .
– يعيب علينا أننا نحن المسلمين نسهو في صلاتنا –
فقال له الإمام مالك :
"وماذا يفعل الشيطان في قلوب خربة "..
نعم لم يوسوس الشيطان لليهودي والنصراني في صلاتهما وهي باطلة أساساً ؟؟
إنه يحرص على الوسوسة للمؤمن ..
حفظكم الله من كل سوء ... وجزى كاتبه الخير الكثير
أختكم في الله