بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ن محبَّة الله لخلقه جميعا وهو الجميل أنْ خلق الجمال
خلق وأبدع وهو البديع ..فسبحان ربي احسن الخالقين.
خلق وجعل الجمال في كونه ومخلوقاته،
وأرضه وسمائه،
( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ )
[المؤمنون: 14].
خلق الله الإنسان على أجمل صورة،
وأحسنهَيْئته واحسن تكوينه، وأكمل خِلقته؛
( لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ) [التين: 4]،
( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ) [غافر: 64].
يا أيها الإنسان:
أرسِل طرْفك إلى سماء ربك، ترى الجمال الأخَّاذ،
والحُسن الباهر،
( رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ) [النازعات: 28- 29].
لا أعمدة تُثبِّتها، ولا خروق تشوهها؛
( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ) [ق: 6].
ثم زادَها ربُّها حُسنًا وبَهاءً، فجمَّلَها
بالنجوم والكواكب؛
( وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) [فصلت: 12]،
( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ )
[الصافات: 6].
تُشرِق الشمس فتُرسِل في الأرض ضِياءها،
مُؤذِنة بِجَمالها؛ جمالٌ في إشراقها وإطْلالتها،
وجمالٌ في غُروبها وتوديعها، يَتقاصَر كلُّ رسَّام
عن مُحاكاة الجمال الذي فيها.
ويبزغ القمر، فيبسُط في الكون النورَ الباهر،
والضياء الساحر، فيتغنَّى بجماله الشعراء،
ويَتِيه في وصْفه الأدباء.
تتلبَّد السُّحب في السماء، فلا تسلْ عن رَونَقها
وحلاوتها، فتبرق وترعد،
فإذا المزن تجود بوابل صيِّب، وماء طيِّب، هنيئًا
مريئًا، عَذبًا فُراتًا، فتنفهق لها النُّفوس،
وتطرب وتبتهج؛
( فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) [الروم: 48].
خلَقَ الله الأرض للأنام، وركز فيها الحسن والجمال، خلَقَ الله الجميل الأرض فدحاها،
( أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا )
[النازعات: 31- 32]،
( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا ) [الكهف: 7]،
( وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ) [ق: 9]،
( وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ ) [الرعد: 4].
حدائق غنَّاء، ومُرُوج خضراء، وغدران رقراقة، وأشجار ورَّاقة، ثمر يانع، وزهر يافع،
( انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ ) [الأنعام: 99].
تأمَّل في البحر؛ جميلٌ منظره، فيه الرَّوعة والبهاء،
فيه الجمال، ويُستَخرج منه حلل للجمال؛
( وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ) [النحل: 14].
وخلَقَ أحسنُ الخالقين الدوابَّ، وقال عنها:
( وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ) [النحل: 6]،
( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) [النحل: 8].
ثم لنتأمَّل في شرْع الله، نرَ فيه الرفق
والكمال، والرحمة واللين ..
فسبحان من وسعت رحمته كل شيء
فالجميل - سبحانه - جعَلَ دينَه جميلاً، حتى تتعلَّق به القلوب؛
( وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) [الحجرات: 7].
هذا الجمال في الكون العلوي والسفلي لَيبرهنُ على أنَّ وَراء
ذلك الجمالِ جمالاً أعظم، وبهاءً أتَمَّ..
قربات تسعدنا وتجعل حياتنا أجمل