الفصل الثاني: مدخل إلى التقييم والمفاضلة بين الاقتراحات الاستثمارية
* تـمـهـيـد:
إن الخطوة الأولى في عملية التقييم والمفاضلة بين الإقتراحات الإستثمارية هي الخاصة بدراسة وتحليل الربحية لكل بديل، حيث يتم مقارنة التدفقات النقدية الداخلة بالتدفقات النقدية الخارجة.
وتختلف نتائج المقارنة وما يتم الوصول إليه من قرارات في هذا الشأن وفقًا للأسلوب أو الطريقة المستخدمة في التقييم.
وهذا ما سنوضحه في هذا الفصل، من خلال عرضه في مبحثين:
- مراحل التحليل المفاضلي.
- تقدير التدفقات النقدية.
II-1- المبحث الأول: مراحل التحليل المفاضلي:
كما أشرنا سابقا فإن هناك اختلاف في نتائج المقارنة وما يتم الوصول إليه من قرارات في هذا الشأن وفقا للأسلوب أو الطريقة المستخدمة في التقييم، وبصفة عامة تتضمن عملية تحليل الربحية التجارية أو المالية للإقتراح مرحلتين أساسيتين(1) هما:
1- مرحلة تحليل ودراسة العائد للإقتراح.
2- مرحلة التحليل المالي للتعرف على أوضاع السيولة بعد قبول الإقتراح وأثر الإقتراح على هيكل رأس المال، ويمكن من خلال الشكل (I-1) تبيان مراحل تقييم الربحية التجارية وأهم الطرق التي تستخدم في التقييم.
يتضح من الشكل (I-1) أن كلى المرحلتين متكاملتين ولا تغني إحداهما عن الأخرى - وبذلك يمكن أن نقول أن دراسة الجدوى الاقتصادية للإستثمار - تعني معرفة وقياس العائد المتوقع من الإستثمار، بصرف النظر عن مصادر تمويله أي معرفة ما يسمى بالقوة الإيرادية أو الربحية المتوقعة للمال المستثمر بصرف النظر عن المعاملات المالية التي تحدث خلال حياة الاستثمار، وهي تلك الخاصة بالفوائد على القروض وكذلك أقساط سداد هذه القروض. الشكل (l-1): يبين مراحل تقييم الإقتراح بالإستثمار وأساليب التقييم:
أما المرحلة الثانية والتي تسمى بمرحلة التحليل المالي، حيث يتم في هذه المرحلة الأخذ في الحسبان الآثار أو المعاملات المالية المترتبة على تنفيذ الإقتراح وهي الخاصة بالتمويل.
وبصفة عامة يتم تقييم مقترحات الإستثمار إما بطريقة واحدة أو أكثر من الطرق الآتية، والتي يمكن تصنيفها إلى مجموعتين، وهما:
1/ المجموعة التي تتجاهل القيمة الزمنية للنقود: وتتضمن هذه المجموعة طريقة متوسط معدل العائد (معدل العائد المحاسبي أي الطريقة المحاسبية)، وطريقة فترة الإسترداد، وتسمى هذه المجموعة بالطرق التقليدية.
2/ المجموعة الثانية: تسمى بالطرق الديناميكية، حيث تأخذ في الحسبان القيمة الزمنية للنقود، وتتضمن هذه المجموعة طريقة صافي القيمة الحالية(1) (VAN)، وطريقة معدل العائد الداخلي (TIR).
وبذلك يمكن القول بأن المجموعة الأولى تسمى بالطرق الأستاتيكية؛ والتي تفترض ثبات قيمة النقود، حيث تستخدم القيم المطلقة للمدخلات والمخرجات غير المخصومة، بالإضافة إلى أنها لا تأخذ في الحسبان العمر الإفتراضي للإقتراح الإستثماري، أما المجموعة الثانية تسمى بالطرق الديناميكية لأنها تأخذ في الحسبان القيمة الزمنية للنقود والتدفقات خلال حياة الإستثمار، أي أن هذه المجموعة تجمع بين العمر الإقتصادي للأصل الإستثماري وعامل الزمن بخصم التدفقات الداخلة والخارجة وإرجاعها إلى لحظة معينة أي حساب القيم الحالية لها، وبذلك يتحقق التجانس بين التدفقات المختلفة من حيث التوقيت.
يتضح من العرض السابق أن المجموعة الأولى أقل دقة، ويحكم إختيار أي من هذه الطرق البيئة الإقتصادية والظروف السياسية والإجتماعية ودرجة تدخل الدولة في النشاط الإقتصادي وأهداف الشركة وظروفها والبيانات المتاحة.
أما المرحلة وهي الخاصة بالتحليل المالي، حيث يتم هذا التحليل على مدى العمر المتوقع للإستثمار للتأكد من توافر التمويل الضروري لتنفيذه، وأن الإستثمار ينتج عنه سيولة لتغطية إلتزاماته، وتتضمن هذه المرحلة جانبين وهما:
1/ تحليل السيولة: يهدف هذا التحليل إلى معرفة التدفق النقدي خلال فترة تنفيذ وتشغيل الإستثمار.
(1): Vernimmen.P, Finance d'entreprise. PARIS. 1976 ; p 45.
2/ تحليل هيكل رأس المال: يهدف إلى التعرف على مدى الملائمة بين الإستثمار والتمويل، أي التحقق من أن مصدر التمويل يتلائم مع الإستثمار من حيث النوع والمدة (سواء بالنسبة للإستثمارات الثابتة أو الإستثمارات في رأس المال العامل